الليلة الأخيرة - محمود قاسم - بوابة الشروق
السبت 14 ديسمبر 2024 9:48 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الليلة الأخيرة

نشر فى : الجمعة 7 يوليه 2023 - 7:40 م | آخر تحديث : الجمعة 7 يوليه 2023 - 7:40 م

لا نعرف فى مصر مصطلحا يسمى سينما الجريمة، أو هواية الجريمة، وكل ما هو موجود عندنا قد يدخل تحت مسمى الفيلم البوليسى والآن يمكن القول إن الشرطة غير موجودة تماما فى فيلم الجريمة، هذا النوع الذى يميل إلى صناعته المخرج الراحل كمال الشيخ فى معظم أفلامه، فرغم وقوع جريمة فإن الشرطة تظل بعيدة مثلما حدث فى الأفلام التالية: (المنزل رقم 13)، (مؤامرة)، (لن أعترف)، (من أجل امرأة)، (الطاوس) وأفلام أخرى كثيرة وفى فيلم الليلة الأخيرة فإننا طوال الأحداث الغامضة لا نقابل أى مفتش يتحرى عن الحكاية التى يستعرضها الفيلم، وهى أن المواطنة نادية برهام استيقظت بعد خمسة عشر عاما من الغارة الجوية على مدينة الإسكندرية دون أن تدرى، تصدم حين تعرف أنه فى هذا الصباح لن تتزوج من عريسها وأن زوج أختها يناديها باسم فوزية.. فوزية هى الأخت التى ماتت فى الغارة وحسب السيناريو نفهم فى اللحظات الأخيرة فى الفيلم أن الزوج قد دفن فوزية وأراد استكمال حياته بأن منح نادية أسم اختها، هى جريمة لم يتم الإعلان عنها أو كشفها بين الحرب العالمية والخمسينيات، حسب التسمية فإننا أمام فيلم جريمة نفسية، فالزوج يحوط نادية بشخصيته القوية وهى مصرة أنها ليست فوزية وتقف ضد حفلة الزفاف التى تنتظر ابنتها وتبقى الحيرة مسيطرة على أجواء الفيلم.
القصة الأصلية لهذا الفيلم كتبتها الأمريكية مارجريت واين واقتبسناها فى مصر ضمن أفلام الجريمة والحبكة تستلزم أن نفسر ما إذا كانت نادية برهام مجنونة أو فاقدة الأهلية أو على حق لذا فأنها تلجأ إلى طبيب نفسى يؤمن بقضيتها ويقف إلى جانبها وهو يلعب دور ضابط التحرى فى الرواية الأجنبية، حيث يذهب إلى مدينة الإسكندرية ويقابل الحائكة التى طرزت فستان الزفاف للعروس كما يذهب إلى مستشفى المواساة لمعرفة مصير واسم المتوفاة فى ليلة الغارة، وهو من ناحية أخرى يستعين بأستاذة فى علم النفس ويقف ضد الزوج بكل حزم، الزوج هنا لم يخطئ ولم يرتكب جريمة ولكنه فعل ذلك للإبقاء على أم لابنته التى هى فى الواقع خالتها، وللأسف الشديد فإنه صبيحة يوم الزفاف تعود الذاكرة إلى نادية وتثير من حولها القلق ولكن الزوج الذى قاوم كشف الحقيقة يدفع الثمن بمصرعه.
من شاهد الفيلم سوف يقرأ على الشاشة فى الختام: الرجاء من صناع الفيلم عدم البوح بأى مشاهد من الفيلم حتى لا يفقد عنصر المفاجأة وعليه فإن فيلم الجريمة يتشابه مع الفيلم البوليسى فى أنك ستظل جاهلا بالحقيقة حتى المشهد الأخير، ولكن الجريمة هنا لا تستدعى أبدا إحضار الشرطة او الاستعانة بمحقق وحسنا فعلت المؤلفة مارجريت واين أن جعلت البطل هو الطبيب النفسى، ونحن نتحدث هنا عن فيلم الجريمة لفهم أكثر الأفلام الأخرى لكمال الشيخ حيث تحول مدير الائتمان فى شركة تأمين فيلم «من أجل امرأة» إلى كاشف الحقائق بدلا من الشرطى وحدث هذا أيضا فى الفيلم قبل الأخير لكمال الشيخ (الطاووس) حيث إن أحد أقارب القتيلة هو الذى تتبع الزوج القاتل حتى كشف أمرة بحيلة بعيدة تماما عن الشرطة، والطريف أن كمال الشيخ قد لجأ إلى أفلام مأخوذة عن روايات أمريكية من تأليف نساء بأعتبار أن كل من روايات الجريمة والرواية البوليسية الغربية تؤلفها نساء ولعل عشاق هذا النوع من الأدب يعرفون كثيرات من الكاتبات الأكثر براعه من الرجال والغريب أن النساء المخرجات لم يقتربن أبدا من فيلم الجريمة وظلت حكرا على الرجال خاصة فى مصر.

التعليقات