من حق مصر الفرح - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الأحد 12 أكتوبر 2025 9:33 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

برأيك.. هل تنجح خطة الـ21 بندًا لترامب في إنهاء حرب غزة؟

من حق مصر الفرح

نشر فى : الأحد 12 أكتوبر 2025 - 7:00 م | آخر تحديث : الأحد 12 أكتوبر 2025 - 7:00 م

من حق مصر والمصريين، حكومة وشعبا وقيادة، أن يشعروا بالفرحة والفخر والاعتزاز بالجهود التى بذلوها طوال عامين لوقف العدوان الإسرائيلى الهمجى على قطاع غزة، وهو ما سوف يتكلل بالنجاح اليوم فى القمة العالمية بشرم الشيخ.

غالبية المصريين توحدوا من أجل نصرة قطاع غزة وفلسطين، من أصغر مواطن إلى رئيس الجمهورية. رأينا مواطنين بسطاء يقتطعون من قوت يومهم من أجل أن يجهزوا شاحنة مساعدات إلى القطاع. رأينا مواطنين بسطاء فى الشوارع يستوقفون هذه الشاحنات ليزودوها بهدايا ومساعدات رمزية.

هذا على مستوى المشاعر، وعلى المستوى السياسى، فإن من حق مصر أن تعتز بنفسها لأنها لعبت الدور الأكبر والأهم فى إسقاط مخطط تهجير الفلسطينيين، والأهم أنها كانت واعية منذ اللحظة لهذا الأمر، وقد سمعت مسئولا رفيع المستوى يحذر من هذا المخطط بعد ثلاثة أيام فقط من بداية عدوان ٧ أكتوبر ٢٠٢٣.

يومها قال هذا المسئول: هذا المخطط موجود فى الأدراج منذ عقود، وهم سيحاولون استغلال عملية طوفان الأقصى لتنفيذه.

بعدها بأيام اجتمع مجلس الأمن القومى المصرى وقال بوضوح إن مخطط التهجير خط أحمر، وظل هذا الموقف ثابتا وقويا إلى أن وصلنا لقول الرئيس عبد الفتاح السيسى فى 29 يناير الماضى خلال مؤتمره الصحفى الشهير مع الرئيس الكينى وليام روتو: «التهجير ظلم كبير للفلسطينيين لن نشارك فيه».

وقبل أسابيع قليلة كان بيان وزير الخارجية، بدر عبد العاطى، قاطعا بأن «التهجير ظلم لن تقبله مصر ولن تشارك فيه ولن تسمح به».

تخيلوا لو أن مصر قبلت منذ البداية بالإغراءات والتهديدات الإسرائيلية والأمريكية بالسماح بالتهجير، مقابل إسقاط ديونها، كما تبجح ذات يوم زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد وآخرون فى الكونجرس الأمريكى. ونتذكر أيضا أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب هو من تبنى هذا المخطط وقال إن بلاده سوف تستولى على غزة وتحكمها وتطرد الفلسطينيين لتنشئ ريفيرا، وأن مصر والأردن سوف يقبلان الفلسطينيين».

والذى حدث أن مصر رفضت وتصدت وأسقطت هذا المخطط رغم كل الضغوط والإغراءات. لو أن مصر قبلت هذا الأمر لانتهت القضية الفلسطينية تماما.

الدور المصرى، ومع التقدير الكامل والكبير لكل الأطراف العربية والإقليمية الأخرى، كان هو الأساس ليس فقط بحكم الجوار مع فلسطين، وليس لأنه الذى خاض الحروب منذ عام ١٩٤٨ دفاعا عن فلسطين وعروبتها، وعن الأمن القومى المصرى، ولكن لأنها الدولة الأكبر والأهم والأكثر تأثيرا.

نعم هى تعانى اقتصاديا، لكن من قال إن الأموال وحدها يمكنها أن تحل مثل هذا النوع من المشاكل والقضايا، ناهيك عن قدرتها على منع العدوان عن أصحابها؟!!

قبل أيام سمعت مسئولا مصريا رفيعا يقول إن أفضل مشهد رآه طوال مراحل العدوان هو عودة الفلسطينيين من الجنوب إلى الشمال خلال الهدنة الثانية فى يناير الماضى.

والمؤكد أن هذا المسئول وغيره من المسئولين المصريين أكثر سعادة الآن بفضل جهدهم وهو يرون غالبية الفلسطينيين يعودون إلى بيوتهم وأرضهم خصوصا للشمال والوسط.

ولم يكن صدفة أن يحمل العديد من الفلسطينيين الأعلام المصرية يوم الجمعة والسبت الماضيين وهم عائدون إلى بيوتهم. وأظن أن هذا المشهد هو أفضل رد على كل الذين شككوا فى الموقف المصرى وهو الرد العملى الطبيعى على «إخوان إسرائيل» الذين تظاهر بعضهم أمام السفارة المصرية فى تل أبيب تحت حماية الأعلام الإسرائيلية وقوات الأمن الصهيونية بزعامة  المتطرف إيتمار بن غفير، وزير الأمن الإسرائيلى.

من حق مصر والمصريين أن يفرحوا ويسعدوا لأن هذه النهاية أثبتت أن الدور والتأثير لا يكون فقط بالصوت العالى أو اللقطات التليفزيونية، أو حملات الترويج، أو التبرعات المالية، ولكن لأن الأدوار الكبرى هى عملية تراكمية مستمرة، لا تتم بين يوم وليلة.

ورغم كل ما سبق فإن فرحتنا وسعادتنا ينبغى أن تكون على حذر لأن العدو غدار وألاعيبه كثيرة، ولن يكون سعيدا بأن تتركز كل الأنظار على شرم الشيخ ومصر، فى حين أنه يعيش عزلة غير مسبوقة، ورغم الدور الأكبر للولايات المتحدة ورئيسها دونالد ترامب فى وقف العدوان، فإن مواقفه غير مضمونة.

علينا أن نفرح ونسعد بحذر ونستعد لكل السيناريوهات، لأن «عدونا غدار»، كما قال أحمد شفيق كامل فى أغنية عبد الحليم حافظ الشهيرة عام 1968 «خلى السلاح صاحى».

عماد الدين حسين  كاتب صحفي