لست شيطانا ولا ملاكا - محمود قاسم - بوابة الشروق
السبت 27 سبتمبر 2025 6:55 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

ما هي توقعاتك لقمة الأهلي والزمالك المقبلة؟

لست شيطانا ولا ملاكا

نشر فى : الجمعة 26 سبتمبر 2025 - 7:25 م | آخر تحديث : الجمعة 26 سبتمبر 2025 - 7:25 م

تزوجت السينما المصرية بالدراما الإذاعية بشكل ملحوظ فى فترات بعينها، ومن خلال مخرجين، أو كتاب، ما جعل السينما تعتمد بقوة على الاختيارات الإذاعية الناجحة وسرعة تقديمها إلى الناس عقب عرضها فى الإذاعة، وكان محمد علوان هو واحد من أبرز هذه الأسماء، بدأ حياته فى السينما والإذاعة كممثل، ثم اتجه إلى الدراما الإذاعية من خلال النصوص الأدبية الكبيرة، فساعد ذلك على لفت الأنظار إليها، وسرعان ما تنافس المنتجون على تقديم هذه الأعمال سينمائيًا، وظل علوان مسيطرًا بذوقه الفنى وحرفته، وعشقه الشديد للأدب ما لا يقل عن خمس عشرة عامًا، ابتداء من الستينيات وحتى منتصف السبعينيات، وعندما تم إنشاء إذاعة الشرق الأوسط كان علوان هو بطل تلك المرحلة وتولى إدارة الدراما فى الإذاعة، والحقيقة أنه أبدع بشكل يعكس موهبته، ومن أبرز أعماله قيامه بالسفر إلى لندن والتسجيل مع عمر الشريف للقيام ببطولة «أنف وثلاثة عيون»، ثم «الحب الضائع»، كما كان هو صاحب ابتكارات عديدة فى الدراما الإذاعية، وبعد أن بلغ سن المعاش جاء مكانه سمير عبدالعظيم لتولى كافة مقاعده، وخاصة الكتابة بالإضافة إلى الإخراج، وسرعان ما اتجه إلى السينما منتجًا ومخرجًا وكاتبًا ومديرًا للدعاية، ولكنه لم يكن مهتمًا أبدًا بالنصوص الأدبية، بل أكد أنه تلميذ نجيب لحسن إمام، يرجع إلى أشهر المشاهد فى أفلامه ليقدمها من عمل إلى آخر، كانت بداية سمير هى دراما لمدة خمس دقائق يوميًا حول مشاهير الفن فى مصر، وفى منتصف السبعينيات بدأ فى تقديم مسلسلات يكتبها ويخرجها مثل «أفواه وأرانب»، و«كفر نعمت»، و«لست شيطانًا ولا ملاكًا»، و«على باب الوزير»، وفى أغلب هذه الأعمال كان يستعين بالمخرج بركات الذى كان فى حاجة إلى العمل بعيدًا عن البطالة، ولم يرفض أى نص يقدم له، وتفرغ سمير إلى إنتاج الأفلام السينمائية، فكتب وأنتج «لست شيطانًا ولا ملاكًا»، و«شعبان تحت الصفر»، و«رمضان فوق البركان»، ثم قدم أفلامًا كوميدية ضعيفة للغاية مثل «العبقرى خمسة»، وأعمال أخرى لم تعد تذكر.
وهكذا تجلى «لست شيطانًا ولا ملاكًا» فى منتصف مسيرة سمير عبدالعظيم ومعه بركات، وفى هذه الأعمال لم ينس المؤلف ذلك الفلاح الذى يسكن فى داخله، وهو من مواليد مدينة دسوق، وهو فى هذا الفيلم لم يتعامل الكاتب مع الريف من أعماقه مثلما حدث فى ثنائية «أفواه وأرانب»، فأغلب أبطال الفيلم هم من المتعلمين فى هذه المنطقة، يتكلمون بنفس لسان المؤلف، مثل كوثر التى تحب ابن قريتها طالب الهندسة أحمد الذى عاش خارج الريف أكثر ما عاش فى دسوق ولكن نحن فى منطقة قروية، فيها المزروعات، والطاحونة، والبشر، بطموحاتهم البسيطة، حيث يصطدم الثرى القروى شميس صاحب الطاحونة بوالد كوثر من أجل بعض المصالح، ويؤدى الأمر إلى وقوع الثرى فى غرام الفتاة الصغيرة ويطلبها للزواج، وتكون مفاجأة الفيلم أن كوثر توافق على الزواج من رجل مقتدر رغم اعتراضات أحمد والباقين، إلا أن الحياة تغير مسيرة المواجهة فتتحول كوثر إلى امرأة تحب المال وجمعه بأى ثمن، وفيما بعد تفقد زوجها، وتبدأ فى الحنين إلى الماضى خاصة أن أحمد صار طالبًا فى كلية الهندسة وهو لا يزال يعمل فى الطاحونة، وفى هذا المكان يتعرف على مهندسة جديدة ترتبط به عاطفيًا وتدافع عنه، فى هذا الفيلم لم يلجأ الكاتب إلى أى نص آخر يقتبسه، ومن الواضح أن أبطال هذه القصة هم أشكال حية من أبناء دسوق عدا لهجة سكان تلك المدينة المعروفة التى لم يشأ للكاتب أن يفرضها، وكل ما عليك أن تفعله هو أن تقارن بين أداء كافة النجوم فى المسلسل ثم فى الفيلم، وقد قام ببطولة المسلسل محمود ياسين، ونجلاء فتحى، ومديحة كامل، أما الفيلم فقد رأينا فيه نور الشريف، وسهير رمزى، وهدى رمزى، ومن الجميل أن نرى تلك المدن الصغيرة المصبوغة بالريف وحكايات أهلها البسيطة بعيدًا عن موضوعات الهجرة أو تبوير الأرض، وهى الموضوعات الغالبة فى سينما تدور أحداثها فى مثل هذه المناطق.

التعليقات