رسالة الهجوم الأمريكى! - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:38 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رسالة الهجوم الأمريكى!

نشر فى : السبت 8 أبريل 2017 - 9:10 م | آخر تحديث : السبت 8 أبريل 2017 - 9:10 م

من خلال الهجوم على سوريا بعثت الولايات المتحدة برسالة إلى العالم: لدينا خطوط حمراء، وكل من يتخطاها سيجد نفسه فى مواجهة مع القوة العسكرية لأعظم دولة فى الكرة الأرضية. والرسالة موجهة قبل كل شىء إلى الأنظمة المارقة التى تعمل بخلاف المواثيق الدولية، ومن ضمنها نظام بشار الأسد فى سوريا، ولكوريا الشمالية وإيران. لكن الرسالة موجهة أيضا إلى روسيا والصين، التى تتحرش بالأمريكيين فى المحيط الهندى. وعمليا، ما يقوله ترامب هو التالى: الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدى عندما تتعرض القيم الأخلاقية الإنسانية للاعتداء.
لقد كانت العملية جراحية، فقد استُخدمت صواريخ بحرية دقيقة قادرة على إصابة نافذة منزل لكنها تحمل رءوسا متفجرة ثقيلة للغاية، ضد مدرجات وحظائر طائرات تحت الأرض وضد منشآت للتزود بالوقود، مما تسبب بنشوب حرائق فى ميدان قاعدة Tــ4 التابعة لسلاح الجو السورى فى منطقة حمص. فى هذه القاعدة يعمل الروس أيضا لكن ذلك لم يردع ترامب. وقبل أسبوعين هاجمت إسرائيل المنطقة المحيطة بهذه القاعدة، ومنها أُطلق صاروخ مضاد للطائرات على طائرات سلاح الجو الإسرائيلى.
إن الخط الأحمر الذى رسمه ترامب يتعلق بأربعة أسباب للقيام برد عنيف، لكن متناسب proportional ومركز: استخدام أسلحة كميائية قاتلة (ليس غاز الكلور)؛ انتهاك الميثاق الدولى الذى يمنع استخدام مثل هذا السلاح؛ خرق قرارات مجلس الأمن، والمس بمصالح الولايات المتحدة. ويقصد ترامب بهذه المصالح التهديد الذى تتعرض له دول المنطقة الحليفة للولايات المتحدة، وفى طليعتها تركيا وإسرائيل، اللتان يمكن أن تشكلا الهدف المقبل للسلاح الكيميائى.
ومن أجل حصر الأضرار وتركيز الرسالة، أرسلت الولايات المتحدة إشعارا إلى جميع المتورطين، وعلى ما يبدو بما فى ذلك روسيا. يشدد ترامب على أنه لا ينوى إسقاط الأسد، لكن إذا جرى مس المصالح الأمريكية ــ حتى بوتين سيتضرر. والرسالة الأساسية هى: لا تستطيعون فعل ما يحلو لكم فى الشرق الأوسط.
فى تقديرى ستحتج روسيا لكنها لن ترد عسكريا. من الصعب رؤية بوتين يتحرك مباشرة ضد الولايات المتحدة، وضد سفن تابعة للأسطول السادس التى أُطلقت منها صواريخ التوماهوك، أو ضد قواعد أمريكية فى تركيا. سيكون الرد دبلوماسيا حادا لكنه لن يتخطى ذلك. إن وضع روسيا الاقتصادى والعسكرى أيضا لا يسمحان لها حاليا بمواجهة شاملة مع الولايات المتحدة. من المحتمل أن تتعاظم العمليات العسكرية [الروسية] ضد المتمردين فى سوريا، لكن فى المقابل سيعمل بوتين على كبح الأسد دفاعا عن مصالحه. إنما سيفعل ذلك بصمت، وبقبضة حديدية، ومن دون أن يحرج نفسه مرة أخرى.
بطبيعة الحال الروس محرجون بسبب حقيقة أن طائراتهم تعمل فى المطار نفسه الذى انطلقت منه طائرات الأسد مع سلاح كيميائى. ومن الممكن افتراض أن ترامب لم يكن ليهاجم قاعدة بالقرب من حمص فيها وجود روسى لو لم تكن لديه معلومات استخباراتية موثوقة جدا من مصادر مختلفة، عن العملية. إن الإشعار المسبق الذى أرسل إلى الروس ــ وإلى إسرائيل أيضا ــ وصل قبل وقت قصير جدا من الهجوم، كى لا يُتاح للسوريين إعادة الانتشار، ولهذا وقعت إصابات فى الأرواح فى صفوف الجيش السورى. والضرر الذى لحق بالأسد كبير لأن هذه القاعدة كانت تستخدم منطلقا للهجمات ضد أهداف تابعة لداعش فى شرق سوريا.
بالنسبة إلى الشرق الأوسط، فإن ما جرى أشبه بعملية بيرل هاربر أمريكية مصغرة. وهى خبر جيد لإسرائيل والسعودية وتركيا ــ لأن الولايات المتحدة أوضحت أن استخدام أسلحة غير تقليدية خط أحمر بالنسبة إليها وأنها ستتصرف كما لو كانت هى نفسها تعرضت للهجوم إذا جرى استخدام هذا السلاح.
البشرى السيئة هى لإيران التى تواصل استخفافها بالولايات المتحدة بتجارب الصواريخ البالستية. حاليا حصل الإيرانيون على بطاقة صفراء قوية، ليس فقط بسبب التجارب الصاروخية، بل أيضا بسبب الاتفاق النووى مع الدول العظمى. فإذا كان الإيرانيون يعتقدون أنهم قادرون على خرق الاتفاق أو التهرب منه من دون عقاب مثل الأسد، فإن عليهم الآن أن يفكروا بذلك مرتين. ويحمل هذا بشرى جيدة إلى إسرائيل التى تتخوف من وجود إيرانى فى الجولان.
بنظرة أوسع، فإن الرسالة الدبلوماسية موجهة أيضا إلى الصين التى تخرق مواثيق دولية فى بحر الجنوب. وحقيقة أن ترامب لم يرتدع عن الرد أثناء زيارة الرئيس الصينى له فى فلوريدا، تتحدث عن نفسها. وعمليا كل الدول التى تخرق النظام العالمى مثل إيران وكوريا الشمالية وحتى الصين، يتعين عليها أن تأخذ فى حسابها أن الولايات المتحدة بزعامة ترامب لديها خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها.
من الأكيد أن الرئيس السابق باراك أوباما يفكر حاليا بأنه كان عليه التصرف بطريقة مختلفة، فقد تخلى أوباما عن هذا الخط الأحمر، ومنذ ذلك الحين يواصل الأسد ذبح الشعب السورى بدعم روسى.

رون بن يشاى
ynet
محلل عسكرى
نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

التعليقات