نشر موقع Jewish Project Syndicate مقالا للكاتبين Yossi Kuperwasser وAsaf Romirowsky تناولا فيه الانقسامات الموجودة بين الحزبين الديمقراطى والجمهورى فى رؤيتهم لمصالح إسرائيل، إلى جانب الانقسام الموجود داخل الحزب الديمقراطى بشأن سياساته تجاه إسرائيل.. نعرض منه ما يلى.
مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية لعام 2020، وبعد تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين، يجب إلقاء نظرة أعمق على برامج الحزبين فى الولايات المتحدة. من الواضح أن هناك دعوة لأن يستخدم اليهود الأمريكيين والإسرائيليين هويتهم اليهودية كأداة للتشكيك فى إسرائيل وشرعيتها. والأكثر من ذلك هو استخدام اليهودية لإضفاء عاطفة ودعم للقضية الفلسطينية، والتأكيد على أن الاعتقادات اليهودية مؤيدة للفلسطينيين. بالنسبة لليهود الأمريكيين فى أقصى اليسار، كما بالنسبة للفلسطينيين العرب، فإن أحداث عام 1948 هى خطيئة الأجداد.. ونتيجة لذلك، تآكل الإجماع بين الحزبين حول إسرائيل إلى حد كبير.
صحيح أننا سمعنا دعما قويا واضحا لأمن إسرائيل. حتى الليبراليون داخل الحزب الديمقراطى وقفوا فى وجه التقدميين داخل الحزب ولغتهم القاسية ضد إسرائيل. تطبيع العلاقات مع الإمارات العربية المتحدة ــ بدلا من تطبيق السيادة على أجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن ــ دليل على التغيير فى العلاقات الإسرائيلية العربية. لذلك، بينما فشلت إسرائيل فى الحصول على دعم إدارة ترامب للسيادة، فإن تطبيع العلاقات مع الإمارات والدول العربية البراغماتية الأخرى أمر لا يمكن للديمقراطيين تجنبه، ويزعجهم بالنظر إلى نتائجه على الاستقرار الإقليمى الأكبر، مما يثبت أن الصراع الفلسطيني ــ الإسرائيلى لا يقود دبلوماسية الشرق الأوسط.
فى حين أن خطة ترامب تلتزم بالمبدأ الرئيسى الذى يستند إليه الديمقراطيون وهو «حل الدولتين»، إلا أن هناك فجوات كبيرة عمليا بهذا المبدأ بين الطرفين وإدراكهم للمتطلبات الأمنية الإسرائيلية. هناك أيضًا مخاوف بشأن إيران (بما فى ذلك الاتفاق النووى الإيرانى لعام 2015) والصراع بين البراغماتيين المدعومين من الجمهوريين، والمتطرفين (إيران والإخوان المسلمين) المدعومين من أجزاء من الحزب الديمقراطى.. مما يعكس الاستقطاب الأيديولوجى العميق عالميا.
إذا تم انتخاب بايدن، فمن المرجح أن يحاول إعادة القضيتين الأكثر إثارة للجدل التى شهدتها سنوات أوباما فى علاقاتها مع إسرائيل ــ أى تركيز حل النزاع الإسرائيلى الفلسطينى على ما يسمى «الاحتلال» وإحياء الصراع النووى، وكلاهما يتناقض تناقضًا صارخًا مع الواقع الإقليمى.
بالطبع، يواصل النشطاء الفلسطينيون التعبير عن استيائهم من اللغة المتعلقة بإسرائيل فى منصة اللجنة الوطنية الديمقراطية لعام 2020، وهو ما يمكن رؤيته خلال ندوة عبر الإنترنت استضافها المعهد العربى الأمريكى. أكد جيمس زغبى James Zogby، رئيس المعهد، فى تصريحاته أن الدورة الانتخابية للديمقراطيين هذا العام تبنت أكثر الرواية الفلسطينية مقارنة بالدورات الانتخابية السابقة، إلا أن عدم إشارة برنامج 2020 إلى الاحتلال أو إدانة المشروع الاستيطانى أو الدعوة إلى مشروطية المساعدات الأمريكية لإسرائيل سبب إحباطا. لذلك أشار زغبى إلى أن الحزب استسلم لضغوط المجتمع المؤيد لإسرائيل لأسباب سياسية.. يحسب لزغبى أنه دائما ما آمن بأهمية وجود لوبى عربى قوى يغزو الجامعات ووسائل الإعلام من خلال تحالف الفلسطينيين مع اليسار الأمريكى مثل الأمريكيين من أصل إفريقى أو اليهود التقدميين. من الواضح أنه هو وزملاءه فى اليسار التقدمى الأمريكى اتبعوا قواعد اللعبة حتى النهاية.. وليس غريبا أن العديد من هذه المجموعات قد انجذبت إلى حركة مقاطعة إسرائيل.
لقد جعلت رئاسة ترامب الكثير من قضايا السياسة الداخلية والخارجية واضحة. إلا أن معارضة الديمقراطيين لترامب يحدث بشكل آلى، بدون تفكير، والذى يتضمن معارضة أى شيء يقوله أو يفعله ترامب بشكل هستيرى. بعض ردود الأفعال تشكل انفجارا للتوترات التى استمرت لعقود، ومن ضمنها معارضة إسرائيل.
الفجوة بين أجيال الديمقراطيين واضحة؛ فالجيل الأكبر مثل نانسى بيلوسى أو إليوت أنجل مؤيدون لإسرائيل، أما الجيل الأصغر مثل إلهان عمر أو راشيدة طالب فبالطبع لا. فى الواقع، قد يمثل هذا الجيل الجديد الحزب الديمقراطى أكثر من أى شيء آخر، حيث تلتقى سياسات الهوية اليسارية المتطرفة مع التحولات الديموغرافية والاقتصاد الاشتراكى وهوس كراهية إسرائيل. تتبنى إلهان ورشيدة أيضًا عقلية تآمرية واستعدادًا للتعاون مع الإسلاميين الذين يدعمون حماس وحزب الله.
لكن الجدل حول إسرائيل يكشف شيئًا عن أمريكا نفسها. حقيقة وجود نقاش ــ بين الديمقراطيين التقدميين والديمقراطيين الأكبر سنًا، وتنافس الجمهوريون لمعرفة من يمكنه الدفاع أكثر عن إسرائيل بقوانين معارضة حركة مقاطعة إسرائيل وتأييد السيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان ــ كلها تعكس مكانة إسرائيل الهامة فى الحياة السياسية والثقافية الأمريكية. هذا ليس ناتجا فقط من «القوة اليهودية» ولكنه شيء متجذر بالفعل فى التجربة الأمريكية.
إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى
النص الأصلى
https://bit.ly/2SAifxO