نشرت صحيفة Nikkei Asia مقالا للكاتب مينجين بى يعرض فيه المأزق الذى سيقع فيه نخبة هونج كونج، فبعد أن عملوا على دعم الصين فى السيطرة على الاحتجاجات فى هونج كونج المؤيدة للديمقراطية، ستتخلى عنهم الصين فى الأخير وتهمشهم وتنقص من سلطاتهم لأن الحزب الشيوعى الصينى لا يثق إلا فى من يأتى من داخله.. نعرض من ما يلى. للسيطرة على الاحتجاجات فى هونج كونج، أصدرت الصين قانون الأمن الوطنى والذى نجح فى إخماد الاحتجاجات، ولكن حتى الآن لا يبدو أن حكام الصين سيتخلون عن ممارسة الضغوطات على هونج كونج. فى الشهرين الماضيين، أصدرت الصين قانونا جديدا سيجعل من الصعب على الناشطين المؤيدين للديمقراطية الترشح للمجلس التشريعى بهونج كونج، كما أن السلطات فى هونج كونج، وفى إطار قانون الأمن القومى الجديد، وجهت اتهامات لـ47 من قادة الحركة الاحتجاجية.
قد يبدو أن قمع الصين للحركات الديمقراطية يرضى الموالين لها، ولكن هذه المحاولات لاستعادة الاستقرار يجب أن تحافظ على مكانة المدينة كمركز تجارى عالمى وألا تخنق حكام هونج كونج. سيكون على النخب السياسية والتجارية فى هونغ كونغ التفكير مرة أخرى، وخاصة من شجع منهم حملة الصين للسيطرة على الاحتجاجات. فالصين لن تسمح بسير الحياة, كما اعتادوها مرة أخرى. سيثبت خطأهم وسيتم تهميشهم فى مخطط بكين للسيطرة الكاملة على هونج كونج.
أحد المؤشرات أن الصين بدأت فى تهميش القيادات فى بكين هو عندما استبعدوا من الدراسات التى تمت لإدخال تغييرات على قانون الانتخابات فى المدينة، فلم تستشر الصين النخب فى هونج كونج، بل اعتمدت على كبار مسئوليها فى صياغة التشريع الذى سيحدد طرق اختيار قادة هونج كونج فى المستقبل. ونفس الشيء حدث عند وضع قانون الأمن القومى فى 2019.
وفقًا لخطة الصين لإخضاع هونغ كونغ، الموضحة فى قرار الجلسة الرابعة للجنة المركزية للحزب الشيوعى الصينى فى نهاية أكتوبر 2019، لم تنه الصين أعمالها فى هونج كونج. فما زال هناك الكثير من الخطوات الجوهرية التى لم تأخذها الصين بعد؛ مثل تغيير قواعد تعيين كبار المسئولين الحكوميين، وتلقين الوطنية فى المدارس والهيئات الحكومية، وتعزيز إنفاذ القانون ــ وهو ما يعنى زيادة عمليات المراقبة ــ ودمج اقتصاد هونج كونج مع اقتصاد منطقة دلتا نهر اللؤلؤ. كما ستعمل الصين على تهميش النخبة فى هونج كونج عند وضع وتنفيذ هذه الخطط. وبخلاف قانون الأمن الوطنى وقانون الانتخابات، اللذان يستهدفان فى الأساس النشطاء المؤيدين للديمقراطية، فالإجراءات المستقبلية للصين ستسحق حتما مصالح النخبة فى هونج كونج.
على سبيل المثال، فإن جهود الصين لإعادة تنظيم نظام تعيين كبار المسئولين فى السلطة التنفيذية لهونج كونج ستنزع فعليًا الكثير من سلطات الرئيس التنفيذى وغيره من كبار المسئولين. حتما سيؤدى اختبار الولاء السياسى الذى تديره بكين إلى تدهور سمعة المدينة وكفاءتها، وخلق صراعات بين كبار المسئولين. وستعمل بكين على زيادة عمليات المراقبة، والتى لن تنتهك فقط حريات المواطنين، بل أيضا النخبة، لأن الحزب الشيوعى الصينى قلق بشأن قدرة النخبة على إثارة المشاكل.
إذا حققت الصين بشكل كامل خطتها فى التكامل الاقتصادى، سيؤثر ذلك حتما على مصالح النخب فى هونج كونج. قد يعتقد بعض رجال الأعمال أن ربطهم بالبر الرئيسى سيمثل فرصة كبيرة، ولكن واقع هذا سيصدمهم. دمج اقتصاد هونج كونج لا يعنى إثراء نخبتها، ولكن جعل مستقبل المدينة الاقتصادى معتمدا على الوطن الأم. من خلال ذلك، ستعطى الصين الأفضلية للشركات خارج هونج كونج، ولا سيما الشركات المملوكة للدولة، على حساب الشركات فى هونج كونج.
قد تشعر معظم النخب الموالية لبكين فى هونج كونج بالحيرة من تهميشهم بعد ما أظهروه من إخلاص للحزب الشيوعى الصينى ومساعدتهم على سحق الحركة المؤيدة للديمقراطية، ولكن من عليهم أن يلوموه هو أنفسهم. فإذا نظروا لسجل الحزب الشيوعى سيجدون أن الحزب لا يثق إلا فى من تم إعداده وترقيته داخل نظامه. حتى إن أغنى وأنجح رجل أعمال فى الصين، جاك ما، الرئيس التنفيذى السابق لشركة على بابا، لا يثق فيه الحزب. قد يكون جاك ما عضوا فى الحزب، ولكن صعوده إلى النجومية تم خارج الحزب. فإذا كان الحزب لا يثق فى جاك ما فى إدارة أعماله، سيكون من الصعب تصور أن يثق الحزب فى نخب هونج كونج للقيام بمهمة تحويل المدينة لتقع تحت سيطرة الحزب. سيفرض على النخب فى السنوات القادمة اتخاذ قرار أليم، وهو القبول بوضعهم المهمش وانعدام الأمن، إلا لو بدأوا فى العمل الآن لوضع خطة بديلة.
إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنىالنص الأصلى