هذا التعبير ليس من عندى، إنما هو وصف الدكتور مصطفى حجازى مستشار الرئيس للشئون السياسية لاعتصام المتأسلمين فى رابعة والنهضة، وهو برأيى وصف دقيق جدا، فالمعتصمون متوقفون عند اللحظة السابقة لـ30 يونيو، متجاهلين لكل ما جرى بعدها، وهذا هو ما يعرقل فرص الوصول لحل سياسى للأزمة، فقيادات الإخوان، مازالوا يتحدثون عن عودة مرسى ودستوره ومجلس نوابه، ويصرخون باستعدادهم لتقديم مليون شهيد دفاعا عن الشرعية والشريعة، وهما الكذبتان اللتان تواصل الجماعة بهما حشد أنصارها، أما الشرعية فأسقطها مرسى عن نفسه قبل أن يسقطها عنه معارضوه، وقد قيل فى هذا كلام كثير لا داعى لتكراره، وإما الشريعة، فالثابت أن مرسى جاء للحكم وفق دستور وضعى وقانون وضعى وانتخابات مدنية، لا بيعة على السمع والطاعة.
ثمة إشكاليات عدة تحيط باعتصام رابعة والنهضة، أولاها ان هذا الاعتصام لا يرفع مطالب فئوية، ولا يعارض الحكومة فى سياسات بعينها، إنه عدم اعتراف بالنظام القائم كله، تحدٍ للإرادة الشعبية التى عبر عنها ملايين المصريين وانحاز لها الجيش فى مشهد وطنى استثنائى، تراه الجماعة واتباعها انقلابا على شرعية رئيسها المنتخب.
ثانيها، أنه ثبت بدلائل مؤكدة، أن اعتصام الجماعة ليس سلميا، وسط الخيام أسلحة نارية وبيضاء، وبين المعتصمين عناصر مدربة على القتل، مصريين وغير مصريين، وقد عبر الكاتب البريطانى روبرت فيسك عن دهشته من ادعاء الجماعة خلو الاعتصام من الأسلحة، بينما كان مرافقه وسط الخيام يحمل «كلاشينكوف».
وثالثها، ان الجماعة التى ثبت فشل رئيسها المعزول، وتأكد المصريون من عجزها وخيبتها، تمارس عبر سلوك الاعتصام، الشىء الوحيد الذى أجادته منذ نشأتها حتى الآن، وهوالحشد والتحريض، واستخدام شعارات دينية لخداع أتباعها من البسطاء بهدف الوصول للسلطة، وهى بما لديها من أموال، وبعمليات غسيل المخ التى مارستها على أتباعها، يمكنها أن تواصل الاعتصام والتظاهر شهورا عدة، حتى لو لم يكن لذلك كله هدف سوى «تنغيص» حياة الناس، وإفشال اى سلطة، بعد أن باتت هى فى جانب، والشعب المصرى كله فى جانب آخر.
لست من أنصار فض الاعتصام بالقوة، وأعرف أن الجماعة هى الطرف الوحيد المستفيد من وقوع قتلى كى تستعيد دور الضحية، فتتاجر به فى فضائيات العالم وبين أتباعها.
وأتمنى أن تنتهى الأزمة بحل سياسى، لأن نجاح فض الاعتصام أو فشله سيكون له تبعات.
ففى حالة الفشل سيتحول الإخوان إلى وحش كبير، وسيتغولون على الدولة والناس، وستتآكل الثقة فى قدرات الجيش والشرطة، كما أنه سيؤدى إلى شعور الملايين التى خرجت فى 30 يونيو وفى 26 يوليو بالإحباط والغضب، وستفكر قطاعات واسعة منها، أن عليها الآن أن تنفذ مشيئتها بيديها، مادام من فوضته لم يحقق إرادتها، وهى لحظة أدعو الله ألا ننزلق إليها.
كما أن النجاح فى فض الاعتصام لن يكون نهاية المطاف، وعلى الحكومة أن تفكر فى اللحظة التالية لعملية الفض وأن تستعد لها سياسيا وأمنيا، لأن الإخوان سيعاودون الاعتصام فى ميادين أخرى، وسيواصلون مخططهم لتنغيص حياة الناس وإفشال الدولة، لأنهم كما قلنا معتصمون فى الزمان.
نحن فى لحظة صعبة، يزيدها صعوبة عناد قيادات الإخوان، وغشاوة تعمى بصائرهم وأبصارهم، وعدم اكتراث لا بالوطن.. ولا بأتباعهم.