بعد سبعة أشهر كاملة من تقلده المسئولية التقى الرئيس أمس للمرة الأولى قادة عدد من الأحزاب السياسية، ويتوقع للقاء أن يمتد ليشمل عددا آخر ظهر اليوم.. بدء الاجتماع يتقارب مع موعد مثول الجرائد للطبع فما ثمة معلومة مؤكدة يمكن التحصل عليها من كواليس الاجتماع لكن المؤشرات الأولية تعطى انطباعا عاما قريبا من الواقع.. حتى إشعار آخر!
الاتجاه السياسى العام قد رحب فى مجمله بالخطوة وإن اعتبرها متأخرة للغاية إذا ما قورنت بلقاءات (عديدة) عقدها الرئيس مع الإعلاميين شبابهم مرة وشيوخهم مرة أخرى، ورؤساء تحرير الصحف القومية تارة والخاصة تارة أخرى، فضلا عن الأدباء والمثقفين ــ مع التجوز الشديد فى وصف كهذا ــ والقضاة بالإضافة إلى المجالس الاستشارية العلمية والأخرى المنوطة بالإصلاح المجتمعى وهكذا.. ووفق هذا الترتيب فإن أمامنا احتمالين لا ثالث لهما يصلحان للتفسير:
الأول: أن رؤية الرئيس ــ ومن يشير عليه ــ اختارت أن تبدأ التواصل الرئاسى مع كل هذه الفئات ابتداء لترتب البيت من الداخل ومن ثم تتفرغ للقاء الأكثر أهمية، باعتبار أن الأحزاب تمثل عصب الحياة السياسية وتسببت فى زخم إعلامى وجماهيرى كبير ــ سلبيا كان أم إيجابيا ــ طيلة السنوات الأربع الماضية.. لو تبنينا احتمالا كهذا فلنتصور إذن أن التأخير كان (للأهمية) لا بناء على (الأولوية) وبالتالى فلنتصور أيضا أن الرئاسة تنظر للأحزاب السياسية مجتمعة على أنها جزء من المشكلة وهى أيضا جزء من الحل.
ساعتها سيكون اللقاء لتقريب المسافة التى يظنها البعض كبيرة، وللخروج برؤية شبه جماعية حول أولويات المرحلة المقبلة باعتبار أن الأحزاب ــ نظريا ــ ستكون مسئولا أساسيا فيها، والبرلمان تحديدا هو المقصود.
والاحتمال الثانى: أن يكون الترتيب مقصودا يعكس رؤية الرئاسة لأولويات الوطن فى هذه المرحلة الحرجة، أو هو ترتيب يعكس رؤيتها (المتشككة) فى مدى صلاحية الأحزاب السياسية أصلا للعب أى دور إيجابى فى حياة المصريين فى المستقبل المنظور.. وفى الحالتين فالأحزاب السياسية أمام تحد كبير لإثبات صلاحيتها وقدرتها على إحداث الفارق الإيجابى وتفهمها للظرف الراهن واستعدادها لنبذ الخلافات البينية والاستعلاء على التراشق الإعلامى الذى تُجر إليه جرا.
وعلى فرض أى الاحتمالين، فإن العامل المشترك الواضح بينهما فجوة حقيقية فى التواصل بين الجانبين تستلزم مضاعفة الجهد لإثبات أن الهم والعزم موجهان للمشاركة فى البناء واستكمال خارطة الطريق.. وفقط !