ولا عزاء للسيدات - محمود قاسم - بوابة الشروق
السبت 14 ديسمبر 2024 4:25 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ولا عزاء للسيدات

نشر فى : الجمعة 13 ديسمبر 2024 - 7:30 م | آخر تحديث : الجمعة 13 ديسمبر 2024 - 7:30 م

حدث هذا مرة واحدة فقط فى ثمانية وتسعين عاما من عمر السينما المصرية، وهو أن يعرض الفيلم للمرة الأولى فى نفس اليوم الذى تصدر فيه الرواية المأخوذ عنها هذا الفيلم، حدث هذا فى 23 أغسطس من عام 1979 هو الأسبوع الذى صدرت فيه رواية بنفس الاسم لكاتيا ثابت، الإخراج لبركات والبطولة لفاتن حمامة وعزت العلايلى وجميل راتب، كاتيا ثابت هى أديبة مصرية من أصول إيطالية كانت تقوم بتدريس الأدب الإيطالى فى الجامعة، وكتبت لفاتن حمامة أكثر من قصة تحول بعضها إلى سهرات باسم «حكاية وراء كل باب»، من الواضح أنها اتفقت مع كاتب السيناريو سمير عبدالعظيم والمخرج بركات على إخراج الرواية، ثم دفعت بها إلى دار الهلال للنشر، هناك ظواهر تستحق الاهتمام، أولها قيام فاتن حمامة بدور راوية، تلك الزوجة التى تعانى من زوجها الذى تركها من أجل امرأة أخرى وتتولى تربية ابنتها الصبية الوحيدة، وكان عليها أن تعيش حياتها تحفر وسط صخور التقاليد لتجد لنفسها مكانا، وعملت موظفة فى أرشيف إحدى الصحف، ويأتى رئيس مجلس الإدارة لزيارة المكان فيجذبه الانتباه نحوها وتقوم بينهما علاقة، هذه المرة فإن راوية امرأة ناضجة، وليست فتاة تبحث عن الزواج، بل هى تسعى إلى الاستقلال، وهى تعيش مع أمها وجدها، وتتوطد العلاقة مع رئيسها الذى يقرر الاقتران بها.

كعادة القصص التى تشد انتباه السينمائيين المصريين فإن الرجل هنا هو شخص أنانى، صاحب نزوة فبعد انفصاله عن راوية بثلاث سنوات يعود مرة أخرى لاسترجاعها، ويسمع من الجد عبارات مبهمة توحى له أن هناك علاقة بين راوية ورئيس التحرير طارق، وسرعان ما يفسر كل رجل الأمر حسب ذكورته، فالجد يتحدث أن حفيدته تغيرت فى سلوكها، ويشك الزوج فى تصرفات طليقته فيطاردها، فيصاب بجنون الملاحقة لاستعادتها، ويصل هذا المفهوم المبهم إلى طارق وبدون أى تفكير يقرر عدم الارتباط الرسمى بحبيبته الموظفة والتفرغ لمهنته، أما المرأة هنا فهى ضحية لهذه العقلية الرجولية، هذه المرة هى ضحية لثلاثة رجال وليس لرجل واحد، وللأسف فإنها تنهزم بعد أن يتم نقلها من وظيفتها، والغريب أن الشخصيات هنا جميعها من المثقفين أو أصحاب الرؤى الفكرية خاصة طارق رئيس تحرير لصحيفة كبرى حيث جسد الدور جميل راتب، فالرواية حسب منظور كاتيا ثابت ترى أن الرجل مخطئ، وأنانى، وأن المرأة بريئة وهى ضحية لأفكار رجل، ولا يمكن أن نجزم أن هناك سيرة ذاتية فى الرواية للكاتبة ولكن يبدو أن كاتيا ثابت قد سارت على نفس منوال الدكتور لطيفة الزيات مؤلفة رواية «الباب المفتوح» التى تمزج بين حياتها وبين ما يحدث فى المجتمع، للأسف فإن كاتيا ثابت لم تنشر أعمالاً إبداعية كثيرة أخرى، واهتمت بترجمة الأدب عن اللغة الفرنسية، كما كتبت مسلسلات عديدة، ولا يكاد يعرفها القارئ المصرى، وقد ظهرت فى السبعينيات، وهى الفترة الذهبية لاهتمام السينما المصرية بإبداعات نسوية لكاتبات كثيرات مثل سعاد زهير، وعنايات الزيات، وسلمى شلاش، وفى أعمال كل هؤلاء هناك اهتمام واضح فى سلبية الرجل اجتماعيا، وأنه سبب المشاكل الكبرى فى البيوت، وأن المرأة كائن مسالم، وبالنسبة لأعمال كاتيا فإن المرأة هنا لا تحبذ الاستقلال عن الرجل بل تميل إلى الاستقرار، باعتبار أن راوية كانت تأمل أن يقترن بها رئيس التحرير وكلاهما قد وصلا إلى بداية العقد الخامس من العمر وربما أكثر، وأعتقد أن ما فعله بركات هو أن تحمس بشدة لهذه الرواية وأن القارئ كان بإمكانه رؤية الفيلم وشراء الرواية وعلى غلافها صورة فاتن حمامة، تلك الصورة البارزة من الفيلم وهو أمر جديد على القراء فى مصر وإن كان منتشرا فى روايات غربية كثيرة جدا.

التعليقات