ضربة إجهاض للبرنامج النووى الإيرانى.. فات الميعاد! - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
الخميس 9 يناير 2025 10:37 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ضربة إجهاض للبرنامج النووى الإيرانى.. فات الميعاد!

نشر فى : الثلاثاء 15 أكتوبر 2024 - 6:45 م | آخر تحديث : الثلاثاء 15 أكتوبر 2024 - 6:45 م

ينشغل العالم بأسره الآن بالحديث عن الضربة الإسرائيلية المحتملة على إيران، والتى تستهدف أحد ثلاثة أهداف: المنشآت العسكرية للحرس الثورى، مرافق النفط والغاز الحيوية، وأخيرًا منشآت البرنامج النووى الإيرانى. يرى كثيرون فى إسرائيل أن الفرصة سانحة الآن للقضاء على «التهديد الوجودى» عبر تدمير البرنامج النووى الإيرانى. فلم يعد مقبولاً التعويل على أن طهران تحتاج مزيدًا من الوقت لتحويل اليورانيوم المخصب إلى سلاح نووى فعال؛ لأنه إذا وصلت إيران إلى هذه المرحلة، سوف تتغير قواعد اللعبة فى الشرق الأوسط.

العديد من الأصوات فى إسرائيل والولايات المتحدة تدفع نحو تدمير المنشآت النووية، نظرا لاعتقادهم أن المجتمع الدولى صار أكثر استعدادا لتقبل هذا الخيار أكثر من أى وقت مضى. فبمجرد أن تحصل إيران على القنبلة النووية، وهى خفيفة الوزن ويمكن إخفاؤها بسهولة، سيصبح الخيار العسكرى غير مطروح على الطاولة.

***

لكن السؤال الحاسم هنا: هل ضربة إسرائيلية للمنشآت الإيرانية ستكون كافية لإجهاض المساعى الإيرانية لامتلاك السلاح النووى؟

الحقيقة أن هذا الخيار «فات موعده»، وهو ما تؤمن به الإدارة الأمريكية غير المتحمسة له، بالنظر إلى انتشار المنشآت النووية الإيرانية، على مساحة جغرافية واسعة، فلديها مثلا: منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم، وهى الأكبر والأكثر تحصينًا تحت الأرض، ومنشأة فوردو المحصنة داخل جبل قرب قم، والتى تستخدم لتخصيب اليورانيوم بنسب عالية. هناك أيضًا مفاعل أراك للماء الثقيل الذى كان مصممًا لإنتاج البلوتونيوم قبل تعديله بموجب الاتفاق النووى، ومفاعل طهران للأبحاث المستخدم للأغراض الطبية. بالإضافة إلى منشأة أصفهان التى تقوم بتحويل خام اليورانيوم إلى غاز يستخدم فى التخصيب، ومنجم ساغند الذى يزوّد البرنامج النووى باليورانيوم الطبيعى. وبالتالى فإن شن حملة جوية ضخمة على مواقع متعددة فى إيران يتطلب قدرات لا تملكها إسرائيل حاليًا، لا من حيث المسافة ولا من حيث المعدات.

بحسب الخبراء، حتى لو شنت إسرائيل هجومًا على عدة موجات، فإنها تفتقر إلى القنابل الخارقة للتحصينات اللازمة لتدمير المنشآت تحت الأرض. وهناك أصوات بارزة داخل إسرائيل تعترف بأن الهجوم قد لا يكون ذا جدوى كبيرة. إيهود باراك، رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق، قال لصحيفة «الجارديان» فى الرابع من أكتوبر الجارى: «قصف المنشآت النووية الإيرانية لن يعطل البرنامج بشكل ملموس؛ لأن إيران أصبحت متقدمة للغاية بحيث لا يمكن لأى حملة قصف أن تعيقها بشكل كبير».

 وأوضح باراك: «قبل ما يزيد قليلا عن عقد من الزمن، ربما كنت الشخص الأكثر تشددا فى القيادة الإسرائيلية الذى جادل بأن أمر الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية أمر يستحق النظر فيه على محمل الجد، لأنه كانت هناك قدرة فعلية على تأخيره لعدة سنوات.. هذا ليس هو الحال الآن، لأن إيران صارت دولة تقف على عتبة امتلاك السلاح النووى بحكم الأمر الواقع.. إنهم لا يملكون سلاحا بعد، وقد يستغرق الأمر عاما كاملا للحصول عليه، وربما نصف عقد للحصول على ترسانة صغيرة منه. ومن الناحية العملية، لا يمكنك تأخيرها بسهولة بأى طريقة».

ووفقًا لأحدث تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية الشهر الماضى فإن «إيران تقوم بالفعل بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، وهى نسبة قريبة جدًا من الـ90% اللازمة لصنع أسلحة نووية»، وهو ما علق عليه. المدير العام للوكالة، رفائيل جروسى، بقوله: «إيران على بُعد أسابيع فقط من الحصول على ما يكفى من اليورانيوم المخصب لصنع قنبلة نووية».

***

فى المقابل، يبدى وزير الدفاع الإسرائيلى يوآف جالانت ثقة مفرطة عندما توعد إيران الأسبوع الماضى بقوله: «الهجوم الإسرائيلى سيكون قاتلاً ودقيقًا ومفاجئًا. لن يفهموا ما حدث وكيف حدث». ولكن مهما كان حجم الدمار الذى ستسببه إسرائيل، فإن إيران الآن تمتلك ما يكفى من المواد لصنع ثلاث إلى أربع قنابل نووية. على الرغم من أن العمل على الرءوس النووية وتثبيتها على الصواريخ الباليستية قد يستغرق بضعة أشهر، فإن امتلاك إيران لهذه القدرة يجعل إسرائيل تواجه تحديًا استراتيجيًا حقيقيًا.

إذا انتهت الحرب دون تدمير كامل لهذه القدرة الإيرانية، المشهود لها من خبراء السلاح النووى والمفتشين السابقين التابعين للوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن إسرائيل ستخرج بهزيمة استراتيجية رغم الفظائع التى ارتكبتها فى غزة ولبنان. وسيعيد ذلك سيناريو كوريا الشمالية، حيث تمكنت من تطوير ترسانة نووية رغم العقوبات والتهديدات.

 فى النهاية، يبدو أن الوقت قد فات على ضربة فعالة للبرنامج النووى الإيرانى. السؤال الآن هو: كيف سيتعامل العالم مع إيران النووية؟

التعليقات