فيلم الماراثون ومخلب دوبلانتس! - حسن المستكاوي - بوابة الشروق
الأربعاء 17 سبتمبر 2025 5:44 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

برأيك.. من البديل الأنسب لـ ريبيرو في النادي الأهلي؟

فيلم الماراثون ومخلب دوبلانتس!

نشر فى : الثلاثاء 16 سبتمبر 2025 - 7:55 م | آخر تحديث : الثلاثاء 16 سبتمبر 2025 - 7:55 م

** الرياضة مائدة غنية بالدراما، وهو ما أدركته السينما العالمية منذ سنوات، فأنتجت ما يقرب من أربعة آلاف فيلم له محتوى رياضى درامى، وفى منافسات ألعاب القوى والجمباز والسباحة والتنس والفروسية والرماية وشتى الألعاب الأولمبية الفردية قصص درامية مذهلة وممتعة، لكن ما هى الدراما فى الرياضة؟

** هى المنافسة، والصراع، وتجلى القدرة البشرية، وسباق الإنسان ضد الزمن والرقم والإبداع الحركى. وفى بطولة العالم لألعاب القوى فى طوكيو وقعت مفاجآت وأحداث درامية غير متوقعة. ومنها دراما سباق الماراثون 42.195 كم، فبعد أكثر من ساعتين من العرق والجهد والنضال انتهى هذا السباق بفوز التنزانى ألفونس فيليكس سيمبو فى المتر الأخير على الألمانى أمانال بيتروس ليحرز ذهبية الماراثون فى النسخة العشرين من بطولة العالم وكان الفارق بين الرجلين - 0.03 ثانية - أقل مما كان عليه الفارق فى نهائيات سباق 100 متر للرجال والسيدات، وحقق كل من سيمبو (33 عامًا) وبيتروس المولود فى إريتريا توقيتًا قدره 2:9.48 ساعة، وكان السباق أحد أكثر النهائيات إثارة فى تاريخ الماراثون باندفاع أحد الرياضيين نحو خط النهاية، وعدم التأكد من النتيجة، سوى بالعودة إلى الفوتوفينيش آلة التصوير الضوئى الخاصة بـ«سايكو» إلى حالة طوارئ، وهذا السباق يمكن أن يكون ملهمًا وحده لفيلم سينمائى درامى يروى قصة حياة العدائين والصراع بينهما على مدى الطريق حتى نهاية السباق التى خطفت الأبصار وعدسات التصوير وأقلام الصحفيين؟

قال سيمبو، الذى أنهى السباق فى ساعتين و9 دقائق و48 ثانية، وهو نفس زمن بيتروس: «قلت لنفسى إننى لن أستسلم، عندما دخلنا الملعب، لم أكن متأكدًا من الفوز. لم أكن أعرف إن كنت سأفوز. لكن عندما رأيت شاشات الفيديو وأنا فى صدارة النتائج، شعرت بالارتياح».

** حصل الإيطالى إلياس عوانى على الميدالية البرونزية بفارق خمس ثوانٍ، لكن العداء البريطانى إميل كايريس، الذى قيل إنه كان يتدرب بسرعة قبل السباق، انسحب قبل ميلين من النهاية بعد معاناته من حرارة طوكيو. وقال كايريس، وهو واحد من 22 من أصل 88 متسابقًا بدأوا السباق، ولم يتمكنوا من إنهائه: «بذلتُ قصارى جهدى، شعرتُ بحرارة شديدة، ببساطة، كانت الظروف قاسية للغاية، الجو حار جدًا».

** فى طوكيو واصل السويدى موندو دوبلانتيس تحطيم الرقم القياسى فى القفز بالزانة، وسجل رقمه العالمى الرابع عشر حين تجاوز 6.30 متر ليحصد الميدالية الذهبية، وكانت مسابقة القفز بالزانَه قد استغرقت ساعتين و20 دقيقة عندما بدأ موندو دوبلانتيس فى التنافس بقوة وجدية، وكانت العارضة قد رُفعت إلى ستة أمتار. ولذلك أخرج موندو حذاءه الخاص بهذا المستوى من المنافسة من حقيبته، ويطلق خبراء ونقاد ألعاب القوى على الحذاء اسم «المخلب». وهو حذاء مميز، وشكله غريب، وله مسمار بارز فى مقدمته مثل أداة تعذيب من العصور الوسطى ولا يستخدمه دوبلانتس (25 عامًا) سوى فى تلك المنافسات التى يشعر فيها بأنه بصدد تحطيم الرقم القياسى العالمى. وهذا الحذاء يتيح له فى خطواته العشرين الوصول إلى السرعة المطلوبة، وغرس عمود الزانة بشكل أسرع، والارتفاع أعلى بشرط أن تكون تقنية القفز صحيحة.. إنه العلم والتكنولوجيا فى الرياضة عند هذا المستوى العالمى.

** فى هذه المرحلة، كان خمسة رجال لا يزالون يتنافسون على لقب العالم. لكن بعد أن حقق دوبلانتيس فوزًا ساحقًا على ارتفاعات 6 أمتار و6.10 أمتار و6.15 متر، حسم لقبه العالمى الثامن على التوالى، بالإضافة إلى جائزة أولى بقيمة 70 ألف دولار أمريكى والآن، بدأ التاريخ يناديه، حيث أشير إلى الحكم لرفع العارضة إلى 6.30 متر، وهو الرقم القياسى الرابع عشر الذى تخطاه وحققه السويدى الذى طوى صفحات أساطير القفز بالزانه قبله وأولهم الأوكرانى سيرجى بوبكا الذى حطم الرقم فى سنوات التسعينيات من القرن الماضى مرات، وسجل 6.15 متر، وكان هو أول لاعب زانة يتخطى حاجز الأمتار الستة.

** ويبقى مشهد فى تلك الدراما السويدية، إذ كان جميع منافسى دوبلانتس يراقبونه من على المدرج ويشجعونه على الاستمرار. وبينما بدأ تلك الخطوات العشرين نحو المجد، هتف الجمهور فى البداية، ثم شهق، قبل أن يزداد الهتاف قوة وحماسًا.. وحينها جرى دوبلانتس إلى منافسيه الذين شجعوه على النجاح وعانقهم.. «أصل دى هى الرياضة».

حسن المستكاوي كاتب صحفي بارز وناقد رياضي لامع يعد قلمه وكتاباته علامة حقيقية من علامات النقد الرياضي على الصعيد العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة ، واشتهر بكتاباته القيمة والرشيقة في مقالته اليومية بالأهرام على مدى سنوات طويلة تحت عنوان ولنا ملاحظة ، كما أنه محلل متميز للمباريات الرياضية والأحداث البارزة في عالم الرياضة ، وله أيضا كتابات أخرى خارج إطار الرياضة ، وهو أيضا مقدم برنامج صالون المستكاوي في قناة مودرن سبورت ، وهو أيضا نجل شيخ النقاد الرياضيين ، الراحل نجيب المستكاوي.