الصين تفتتح قناة السويس لعصرنا الحالى - العالم يفكر - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 5:31 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الصين تفتتح قناة السويس لعصرنا الحالى

نشر فى : الأحد 15 ديسمبر 2019 - 9:40 م | آخر تحديث : الأحد 15 ديسمبر 2019 - 9:40 م

نشرت مؤسسة Global Research مقالا للكاتب Geoffrey Aronson تناول فيه افتتاح الصين مشروع «الممر الأوسط» الشهر الماضى والذى يربط تركيا بمبادرة الحزام والطريق فى ظل انشغال الولايات المتحدة والدول الأوروبية بمشاكلهم الداخلية، على الرغم مما يمثله هذا الطريق من ثورة فى التجارة العالمية تربط الصين بقلب أوروبا.. ونعرض منه ما يلى:
بعد مائة عام من الآن، لن يتم ذكر قضية عزل ترامب أو المآسى التى لا تنتهى فى سوريا. ولكن بينما نحن مازلنا نحتفل بمرور 150 عاما على إنشاء قناة السويس بدون تذكر من كان يحكم مصر فى ذلك الوقت (اسماعيل باشا)، محاولات الصين المستمرة والعنيدة لإنشاء روابط تجارية جديدة تربط بين الشرق والغرب ــ روابط تَعِد بإحداث ثورة فى نظام التجارة العالمى لا تقل أهمية عن قناة السويس ــ ستشكل ملامح عصرنا.
يبرز تطوران جديدان كيف ستتحكم الصين بالمستقبل وكيف سيؤثر ذلك على الشرق الأوسط ووسط آسيا.
الشهر الماضى، بينما كان الكونجرس الأمريكى منشغلا بجلسات الاستماع وقضية عزل ترامب، وصل قطار صينى ضخم لتركيا وسيستكمل طريقه إلى قلب أوروبا. سوف يتم ذكره فى التاريخ ككونه أول قطار شحن يمر من الصين عبر آسيا الوسطى وتحت مضيق البوسفور مستخدما نفق المرمراى كجزء من مبادرة الصين التاريخية «الحزام والطريق».
مثلما كان الحال بالنسبة لقناة السويس عند إنشائها، مرور «طريق الحرير الحديدى» عبر آسيا الوسطى سيوفر وقتا وسيكون بديلا للمسارات البحرية التى يسيطر عليها الغرب. سيقلل من وقت النقل بين الصين وتركيا من شهر إلى 12 يوما، بينما ستأخذ الرحلة كاملة من شيان إلى براغ فى قلب أوروبا 18 يوما، مما يعادل نصف الوقت التى تأخذه رحلة مشابهة عبر المياه وبنفس التكلفة.
إعادة إحياء الصين لطريق الحرير فى القرن الواحد والعشرين يعكس التحول الذى يحدث فى دول آسيا الوسطى، والتى كانت تسيطر فيها الدول الغربية على أنظمتها التجارية والتى تقوم الصين الآن بمنافستها.. وأصبحت تركيا حلقة وصل رئيسية فى هذا «الممر»، الذى يربط بين بكين وأوروبا الوسطى وفى نهاية المطاف لندن.
فى حين تم الاحتفال بوصول أول رحلة للقطار بين الصين وتركيا، لم يحظ تدشينه باهتمام كبير فى أى مكان آخر، بما فى ذلك فى الولايات المتحدة المنشغلة بمآسيها الداخلية.
***
مثل هذه حالة اللا مبالاة لم تكن موجودة فى 17 نوفمبر 1869 عندما حضرت الأميرة يوجينى زوجة نابليون الثالث حفل افتتاح قناة السويس. هذه القناة أدت إلى تقليص مسافة الرحلة البحرية بين أوروبا والهند بـ7000 كيلومتر، ليربط بين ما كان يعرف بحضارة البحر المتوسط والشرق الأقصى. القناة أدت إلى إحداث ثورة فى التجارة العالمية وأمنت للدول الغربية ــ وخاصة بريطانيا ــ قرنا من الهيمنة الإمبريالية. لقد كان يقال ــ وهو ما اتضح أنه كان خطأ ــ أن جوزيبى فيردى ــ مؤلف الموسيقى الإيطالي ــ قام بعمل عرض فى صالة الأوبرا يجسد حدث إنشاء قناة السويس.. ومع ذلك، فإن مجرد وجود مثل هذا الاقتراح يبين التقصير فى الاعتراف بأهمية المسار الجديد.
عندما تم افتتاح القناة، كانت الصين أكبر اقتصاد فى ذلك الوقت. بقدوم عام 1890، الولايات المتحدة تصدرت القائمة. الهند، والتى كانت مستعمرة بريطانية آنذاك، أصبحت فى المركز الثانى، وبريطانيا، التى لم تكن أبدا من بين أغنى دول العالم، جاءت فى المركز الثالث.. كان السبب الرئيسى وراء ذلك هو قناة السويس، وهو ما مكن بريطانيا من أن تصبح قوة استعمارية بحرية تجارية، وسيطرت فى عام 1875 على الشركة التى تدير القناة قبل احتلالها للبلاد بأكملها فى عام 1881. انتهت سيطرة بريطانيا على قناة السويس فى عام 1956، عندما أعطت روسيا والولايات المتحدة إنذارا أخيرا لم تستطع بريطانيا المنهكة أن تتحداه.

***
بعد أقل من أسبوع من وصول القطار الشهر الماضى إلى إسطنبول، كان الرئيس الصينى شى جين بينغ فى زيارة إلى اليونان ــ حيث يقع الاستثمار الرئيسى لبكين فى ميناء بيرايوس الذى يمثل النقطة الأخيرة فى البحر الأبيض المتوسط لطريق الحرير البحرى ــ تهدف إلى زيادة التحالف بين بكين وأثينا. تعكس ملكية الصين للميناء وعملياتها المتنامية فيه تصميمها على جعل هذه المنطقة أكبر منشأة بحرية فى القارة والمرساة الأوروبية لشبكة التجارة العالمية للصين.
ترى الصين أيضًا أن علاقاتها المتوسعة مع اليونان نموذج للتعاون السياسى والإقليمى ذات النطاق الواسع مع ما تسميه دول أوروبا الوسطى والشرقية. وأكد «شى جين بينغ» على أن «الصين لن تسعى أبدا للهيمنة ولا توافق على مبدأ اللعبة الصفرية».
قبل عامين، قامت اليونان للمرة الأولى بالوقوف أمام بيان للاتحاد الأوروبى يدين انتهاك حقوق الإنسان فى الصين. وعندما تم سؤال الصين حول تصرفات اليونان، أعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية عن تقديره لليونان لتبنيها موقفا صائبا.. وعلق أن الصين تعارض تسييس حقوق الإنسان واستخدام قضايا حقوق الإنسان للتدخل فى شئون دول أخرى.
هذه التطورات، إلى جانب عدد من المبادرات التى أطلقتها الصين حول العالم، لا تخلو من المشاكل. انتقاد ممارسات الإقراض فى الصين والفساد صائبة لأن الصين تسير فى اتجاه أدى إلى اشتعال المشاكل فى الدول قديما. الشكاوى التى قدمتها العواصم الغربية من مخاطر الانزلاق وراء المغريات والأموال الصينية صحيحة.. فمن الحكمة أن نحرص من الغرباء ــ سواء من الشرق أو الغرب ــ الحاملين للهدايا. والتحذيرات التى أصدرها وزير الخارجية مايك بومبيو تتبادر إلى الذهن فى هذا السياق.
فى الواقع، فى الوقت الذى تنفق فيه الصين تريليونات لإحداث ثورة فى التجارة العالمية وتوسيعها، فإن واشنطن، التى تتبعها أوروبا، مفتونة بمحاولة وضع السياسات التى تقيد هذه التجارة وتجرّمها. لم تستطع أى دولة النهوض أو الحفاظ على قوتها من خلال تدمير أسس النظام الدولى الذى مكنها من الصعود.. سيتم الاحتفال بالفعل بالذكرى المئوية لطريق الحرير الصينى.

إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى

النص الأصلى

 

التعليقات