نشرت صحيفة ذا تايمز أوف إسرائيل مقالا للكاتب جاكوب ماجيد، يوضح فيه كيف أن إدارة ترامب تعمل على قدم وساق لاتخاذ إجراءات وسياسات قد تعقد وتكبل يدى بايدن عند توليه المنصب فى 20 يناير 2021... نعرض منه ما يلى:
قال مسئول أمريكى ــ رفض الكشف عن هويته ــ إن إسرائيل ليس لديها «سبب وجيه لتوقع أى مفاجآت.. بالتأكيد ليست سيئة، ولكن ربما ليست جيدة أيضا» خلال الأسابيع العشرة المقبلة قبل دخول الرئيس المنتخب جو بايدن إلى البيت الأبيض.
هذا لا يعنى أنه لن يتم القيام بأى عمل ــ من الجهة الإسرائيلية ــ خلال الفترة المتبقية من ولاية ترامب. واعترافا ضمنيا بالهزيمة الانتخابية (التى لم يفعلها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بنفسه بعد)، قال العديد من مسئولى الإدارة الذين تحدثوا مع «تايمز أوف إسرائيل» إنهم يخططون للاستمرار فى العمل بشكل مكثف حتى 20 يناير وذلك لترسيخ إرث وسياسات ترامب.
بالنسبة للشرق الأوسط، يعنى هذا زيادة مكافحة النظام الإيرانى وبرنامجه النووى، وتوسيع دائرة الدول العربية الراغبة فى تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وتقليص الوجود العسكرى الأمريكى فى المنطقة.
التطبيع
قال مسئول كبير فى الإدارة الأمريكية إن الولايات المتحدة «ستواصل العمل لدفع تطبيق السلام الدافئ بين أطراف اتفاق أبراهام»، الذى شهد تطبيع العلاقات بين البحرين والإمارات مع إسرائيل فى سبتمبر، تلاه إعلان مماثل من السودان الشهر الماضى.
وأقر مسئول أمريكى آخر بأن العمل بشأن هذه القضية من المرجح أن «يذهب إلى أبعد من تطوير العلاقات بين أعضاء اتفاقية أبراهام الحاليين، وذلك بدلا من توسيع دائرة التطبيع أكثر». حيث صرح ترامب قبل الانتخابات إن السعودية وما يقرب من تسع دول أخرى مستعدة لتوطيد العلاقات مع إسرائيل.
قالت تمارا كوفمان ويتس، الزميلة البارزة فى مركز سياسات الشرق الأوسط التابع لمعهد بروكينجز: «إن الإمارات والبحرين والسودان كانوا فى وضع أفضل بكثير للرضوخ لمطالب إدارة ترامب بالتطبيع مع إسرائيل مقارنة بالدول الأخرى فى المنطقة التى لم توقع بعد».
وأضافت: «لا يوجد سبب قوى بما يكفى لتحذو دول إضافية حذوهم لأن أى مدفوعات ربما تكون إدارة ترامب قد وعدت بها، لم يعد لديها الوقت الآن لتنفيذها».
وفى سياق متصل، توقعت ويتس أن تسعى إدارة ترامب إلى المضى قدما فى حزمة التعويضات العسكرية التى تفاوض عليها وزير الدفاع السابق مارك إسبر مع نظيره الإسرائيلى بينى جانتس، قبل أيام فقط من الانتخابات الأمريكية وقبل أن يستبعد ترامب إسبر.
وجاءت صفقة الأسلحة، التى لم يتم الإعلان عن تفاصيلها، بعد أن وافقت الولايات المتحدة على بيع 50 طائرة مقاتلة من طراز Fــ35 إلى الإمارات العربية المتحدة، وهو ما يجعل أبو ظبى ثانى دولة فى المنطقة تمتلك طائرة الشبح المتطورة، بعد إسرائيل. تهدف حزمة التعويضات إلى تهدئة المخاوف الإسرائيلية من أن تفوقها العسكرى النوعى المحمى قانونا فى المنطقة قد يتضرر من بيع طائرات Fــ35 إلى الإمارات. فالحزمة التى قدمتها إدارة ترامب ستشمل أسلحة متطورة جديدة وتخفف القيود على كيفية تمويل إسرائيل لشراء مثل هذه الأنظمة.
قالت ويتس إن إدارة بايدن من المرجح أن تواصل تلك المحادثات على نفس الأساس مثل سابقتها، لكن المسئولين الحكوميين الحاليين من كلا البلدين من المرجح أن يحاولوا تحقيق أكبر قدر ممكن من التقدم قبل 20 يناير معللة: «إذا كان لديك شىء قيد التنفيذ، فأنت تريد أن تنجزه مع الأشخاص الذين بدأت معهم».
وفى حين أن إدارة ترامب مهتمة بإرضاء إسرائيل من خلال التعويضات العسكرية، فمن غير المرجح أن يتوسع هذا الكرم إلى إتمام الضم، حتى فى الوقت الذى يدفع فيه عدد متزايد من المشرعين الإسرائيليين اليمينيين لهذه الخطوة فى الوقت المتبقى قبل تولى بايدن منصبه.
وقالت كريستين فونتينروز من المجلس الأطلسى: «لن تستسلم الإدارة لضغوط نتنياهو، إن القيام بذلك من شأنه أن يسىء معاملة الإمارات». فى إشارة إلى المعارضة الإماراتية واستعدادها للتطبيع مع إسرائيل إذا علقت مسألة الضم.
تكبيل يدى بايدن
مع تعهد مسئولى بايدن بالانضمام إلى الاتفاق النووى الإيرانى الذى رفضه ترامب فى غضون أشهر من توليه منصبه، يبدو أن الإدارة الحالية مصممة على استغلال أيامها الأخيرة لجعل إعادة الانضمام السريع هذه أكثر صعوبة. حيث تخطط إدارة ترامب لفرض عقوبات جديدة على إيران بسبب برنامج الصواريخ الباليستية ومساعدة الجماعات الإرهابية وانتهاكات حقوق الإنسان. وأفادت أكسيوس الأسبوع الماضى نقلا عن مصدر إسرائيلى أن «الهدف هو فرض أكبر عدد ممكن من العقوبات على إيران حتى 20 يناير».
كما أفادت أيضا، إسرائيل ودول الخليج يعتقدون أن بايدن سيرفع سريعا العقوبات الأخرى المفروضة على البرنامج النووى الإيرانى لاستئناف المحادثات الدبلوماسية مع طهران، مما يزيل بعض نفوذ الولايات المتحدة على الدولة التى تعانى من ضائقة مالية. حيث يرى بايدن وفريقه أن رفع العقوبات سيخدمهم من خلال تحفيز النظام فى طهران على وقف تصعيد برنامجهم النووى.
لكن السفيرة الأمريكية السابقة لدى الإمارات «باربرا ليف» أشارت إلى أن العقوبات ستعمل أكثر على «تقييد أيدى الإدارة المقبلة».
تواجد القوات فى العراق وسوريا
أعربت ليف، وهى الآن زميلة فى معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، عن قلقها بشأن ما اعتبرته سيناريو واردا جدا حيث ستعمل الولايات المتحدة على تقليص أو حتى إلغاء وجودها العسكرى فى شمال شرق سوريا. هذا بالإضافة إلى إغلاق سفارتها فى العراق وإعادة القوات الأمريكية التى تعرضت للأذى بسبب الهجمات المنتظمة من الميليشيات المرتبطة بإيران هناك.
وقالت: «كان سحب القوات جزءا لا يتجزأ من حملة [ترامب]». «ستكون هذه هدية مرعبة لإدارة بايدن، لكن لا شىء لا يمكن إلغاؤه».
كما أكدت ويتس أن احتمال سحب القوات من سوريا يجب أن «يقلق» إسرائيل. وقالت: «القوة هناك صغيرة جدا، لكنها تعمل بمثابة ردع قوى للعمليات الروسية والسورية، وتلعب دورا مهما فى استمرار العمليات ضد داعش إلى جانب محاولة اعتراض شحنات الأسلحة الإيرانية عبر سوريا إلى حزب الله».
وقد يكون تعيين دوجلاس ماكريجور مستشارا لوزير الدفاع بالإنابة ميللر مؤشرا آخر على أن إدارة ترامب لديها خطط للانسحاب من سوريا إلى جانب العراق وأفغانستان.
حيث أخبر ماكريجور قناة فوكس نيوز العام الماضى أنه سيوصى ترامب بسحب القوات من أفغانستان «فى أقرب وقت ممكن»، بالإضافة إلى سحب القوات المتبقية من سوريا، بحجة أن الولايات المتحدة ليس لها مصلحة قومية هناك.
وجادلت فونتنروز بأن استبعاد إسبر لصالح ميلر كان «إشارة إلى أننا يجب أن نتوقع أن تكون الأشهر القليلة المقبلة من هذه الإدارة ستكون أكثر نشاطا مما مضى».
كما قالت: «يتم وضع [ميلر] للإشراف على إزالة الأهداف الإرهابية ذات الخطورة العالية من ساحة المعركة».
وأشارت فونتنروز إلى أن إدارة ترامب انتقدت أوباما لفشله فى القيام بعمليات اغتيال فى الخارج، كما زعمت أنها أدت إلى نمو منظمات مثل الدولة الإسلامية ومقتل كايلا مولر.
واختتمت بقولها: «إن إدارة (ترامب) لا تريد ترك الأطراف الإرهابية فى ساحة المعركة بعد انتقاد إدارة أوباما لفعلها ذلك».
إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى