ترى ماذا يفعل أى زوج عاشق حين تخبره زوجته بصراحة أنها تعرضت لحالة تحرش من رجل غريب لا تعرفه سرعان ما اختفى هذا الموضوع كتبه فتحى أبو الفضل 1954 فى فيلم حدث ذات ليلة والذى كتب له السيناريو وأخرجه هنرى بركات والذى قامت ببطولته هدى سلطان وكمال الشناوى ومحسن سرحان هذه الفكرة نفسها تكررت فى فيلم آخر عام 1973 إخراج محمد بسيونى بطولة شمس البارودى وصلاح ذو الفقار وزبيدة ثروت بعنوان «الرجل الآخر» حيث يقوم السباك باغتصاب ربة البيت ويعيش الزوج فى حالة أرق شديد وهو يتصور دائما أن هناك ظل رجل آخر وراء جسد زوجته وينصحه أحد أصحابه أن ينسى الموضوع أما فى الفيلم الأول فإن الزوج حمدى بعد عام من الزواج يتحول إلى مريض نفسى مأزوم والسبب أن يرى هذا الرجل المتحرش فى جميع وجوه الرجال خاصة فى الأماكن التى يزورها مع زوجته ويتردد على طبيب نفسى والمشكلة عند حمدى أنه حكى القصة لمن يقربه ما دفع أباه إلى أن يطلب منه السفر إلى أوروبا من أجل النسيان، ويبدو أن بركات أضاف الكثير من التفاصيل حيث ظهر المتحرش فى حياة عايدة وأخبرها أنه كان يراقبها لكن المرأة اشترت مسدسا مقابل دماء شرايينها المباعة وقتلته، وتتعقد الحكاية حين يظهر رجل ثالث فى حياة عايدة ويخبرها أن شقيقه التوءم المتحرش المقتول ويخبرها أنه يحبها، وهنا يعود حمدى من أوروبا بعد أن شفى من أمراضه النفسية ويطلب من زوجته الصفح والعودة، خاصة بعد أن حكم عليها ثلاث سنوات بالسجن.
نحن أمام رجلين بينهما عقدان من الزمن وأيضا بينهما شرف ضائع وانتهاك لجسد الزوجة؛ واحدة فى الشارع والثانية فى شقتها، والرجل هو مفترس ورجل آخر فريسة مثل زوجته لا يمكنه أن يطال غريمه الشرير ويسكن فى داخله لا يغادره أبدا لأنه تجرأ ولمس ما هو مباح لحمدى الزوج، والسؤال الذى يطرح نفسه هو ماذا عن أزواج معاصرين كثيرين يتعرض زوجاتهن أو ذووهم من البنات إلى تحرش تتحدث عنه الصحف، أى إن الظاهرة لم تنته أو تتقلص، خاصة أن هناك كثيرا منهن يترددن على المستشفيات النفسية ومن فترة لأخرى نقرأ هذه الحكاية على وسائل التواصل الاجتماعى، المؤكد أن السينما لم تقترب من هذا الموضوع منذ نصف قرن كامل، ولا شك أن بركات كان أكثر حرفية وهو يستعين بمحامى المؤلف فتحى أبو الفضل أما الفيلم الثانى فإن القصة من تأليف محمد بسيونى أستاذ الإخراج فى معهد السينما والفيلم يكاد يكون منسيا لا يعرفه المشاهدون لكن لزمت المقارنة مع الفيلم القديم «حدث ذات ليلة» الذى اعتمد كله على المرأة المغتصبة التى انتقمت لنفسها وصارت مع الوقت شديدة الصلابة قوية الإرادة بينما الرجل اكتفى بالمشاهدة لا أكثر.
هذا الفيلم استوحاه المؤلف من الحياة العادية ومن وقائع المحاكم وصفحات الجرائم فى الصحف، وتلك الحكايات موجودة فى جميع المجتمعات قديما وحديثا حيث يلعب الرجل دور المفترس جنسيا من أجل إشباع لحظة، وهو هنا فى الفيلم الأول متعمد ويقصد الاغتصاب حين يقابل عايدة ويخبرها أن زوجها مصاب فى المستشفى ويصحبها إلى صحراء بعيدة ويقوم باغتصابها أى إنه قد دبر فعلته، أما السباك فى الرجل الآخر فإنه مجرد رجل شاهد المرأة الجميلة فى رداء منزلى فاتن ففعل فعلته، وهذا الرجل الغامض لا نعرف أبدا إن كان قد اغتصب زبوناته فى بيوت أخرى وهل سيكرر ذلك فيما بعد وماذا كان مصيره فى المرحلة التالية حيث سيبقى التحرش فعلا مؤرقا فقط للزوجين دون أن يعرف ماذا حدث للرجل الآخر الذى هو عماد الحكاية.