البحث عمن يدفع الفاتورة - نادر بكار - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:51 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

البحث عمن يدفع الفاتورة

نشر فى : الإثنين 17 أكتوبر 2016 - 10:40 م | آخر تحديث : الإثنين 17 أكتوبر 2016 - 10:40 م
شغل سائق (التوك توك) بكلماته البليغة التى لم تستغرق سوى دقائق ثلاث الرأى العام المصرى كله من قمة أجهزته الأمنية وحتى قاع أجهزته الإعلامية.. وانتشر الفيديو الشهير بسرعة مذهلة عبر أغلب مواقع التواصل الاجتماعى ليلف مصر من أولها إلى آخرها... الغريب أن الفئة التى انطلقت من أعمق أعماقها مثل هذه الكلمات قد نفضت يدها من تداول الفيديو سريعا ــ أو ربما لم تتداوله من البداية أصلا ــ وعادت أدراجها لتواجه نفس المعاناة اليومية وكأنه لا وقت تضيعه حتى فى الشكوى... هذه الفئة لم تر لحسن حظها ردود الفعل المتشنجة وسيل الاتهامات الجارف الذى انهال على رأس السائق المسكين وبعضها وصل إلى بلاغ ٍرسمى للنائب العام....أجزم بأنها لم تره ولم تتوقعه لأننى بالأمس فقط شاهدت فيديو جديدا لسيدة مصرية تتحدث بذات المرارة وتشتكى نفس الشكوى!

السيدة صاحبة قسمات مصرية صميمة ولهجة يمتزج فيها ألم المعاناة بعفة النفس وتكتسى كلماتها بوعى وإلمام بحال الطبقة التى تنتمى إليها والتى قدرتها هى بثلاثة أرباع الشعب المصرى ــ والحقيقة أن الرقم العلمى أعلى من ذلك بكثير ــ تعرف من واقع معاناتها اليومية أن ارتفاع الأسعار وأزمات الأسواق لا يمكن أن تكون طبيعية أبدا... وتعرف أيضا أنه يوما بعد آخر تزداد آلامها وآلام جيرانها فيم (الناس اللى فوق) يقتتلون على مليارات أخرى ينهبونها لتضاف إلى ما كدسوه من قبل... وتقول أيضا إنها لا تثق بهؤلاء الإعلاميين الذين يتقاضون الملايين على حساب الغلابة وحسهم... الحق أن هذه السيدة تعرف الكثير!

السيدة تحذر أيضا من أن هؤلاء الغلابة ستمتد أياديهم يوما إلى جيوب بعضهم البعض إذا ما استمر الحال مترديا... لا أستطيع الجزم بما إذا كانت قد قرأت عن تجارب شعوب أخرى أو أنها استقت مثل هذه النتيجة البديهية من المقدمات الحاضرة بين يديها... لكنى جازم ٌطبعا أن المسكينة ستجد من يثبت أنها إنما تلقت تدريبا على هذا الدور فى دولة كذا وأن عائلتها ذات جذور كذا وأنها هى نفسها كانت عضوة سابقة فى حزب كذا وأن مقدار أرصدتها فى بنوك جزر البهامس كذا وكذا وأنها فى التوقيت الذى استشهد فيه إخواننا من الضباط والجنود فى سيناء تقف هى بكل بجاحة لتتحدث عن العيش والمش والقوطة وهذه الأشياء التافهة التى تهدد بها أمن البلاد القومى!

هل المشكلة فيمن يدفع الفاتورة ونحمله خطايانا منذ فجر الثالث والعشرين من يوليو ١٩٥٢ وحتى وقتنا هذا؟ لا مشكلة عند خريج التوك توك وهذه السيدة وكل أبناء هذه الطبقة أن تحملوهم أعباء الثمن... لكنهم فى الوقت ذاته يرون غيرهم ــ وغيرهم هؤلاء كثير ــ لا يشاطرونهم هذا العبء... لا بل لا يشاركونهم حتى فى تحمله.