خلل أصيل فى المنهج التربوى، وجهل مركب بمقاصد الشريعة الإسلامية، واعتقاد مضطرب فى مسائل الإيمان والكفر، كل هذه العوامل مجتمعة وأكثر شكلت الدافع الرئيسى لحملة إشاعة أخبار فضيحة (المحلة) والتشنيع بأطرافها ونشر صورهم على أيدى أبناء (الإخوان) ومن دار فى فلكهم.
والذى لا يفهمه هؤلاء أن (المشروع الإسلامى) الذى طالما حلمنا به وتغنينا بأركانه وبالخير المنتظر على قدومه، ليس مشروعا نتمثله بالشعارات الخالية من المضمون، وليس مشروعا يُطبق فقط إذا ما اعتلينا كراسى الحكم.. بل هو نمط من التشريع والسلوك والعمل يستمد تفصيلاته من القرآن والسنة يصلح للتطبيق فى كل زمان ومكان على تفاوت ـ لا يسع المقام لتفصيله ـ ولا يتخلف ساعة الاستضعاف والاضطهاد أو يتوارى لتحل محله العصبيات الجاهلية وإن ادعى أصحابها انتماء للمنهج الصحيح.
(المشروع الإسلامى) هذا فى أعين عامة الناس ـ ويا للأسف ـ يرتبط ُارتباطا وثيقا بسلوك وعمل وتشريع الفئة التى تنادى به وتتغنى بفضائله، لذلك فإن هذه الفئة مطالبة بأن تثبت لكل الناس صلاحية منهجها الإصلاحى فى كل الظروف فى الرخاء والشدة والقوة والضعف والغضب والرضا.. فإذا كان البعض يرى أنه الآن فى حل من متابعة أخلاق الإسلام فى التعامل مع (أعدائه) ومنافسيه، فلعمرى لقد قدم بذلك أجل خدمة لمن يريد التشكيك فى المنهج بأسره، فما الفارق بينك وبين غيرك إذن وأنت تدعى تميزا بالإسلام وتفردا بمنهجه، وهل (العلمانية) إلا ضربا من ذلك؟
فصل الإسلام عن السياسة يقارب فصل الإسلام عن السلوك ــ وقت الرخاء أو الشدة ــ ويقارب فصل الإسلام عن المعاملات وغيرها.. فأى شىء يتبقى لنا إلا الشعارات؟
يا من تريد الانتقام لظلم تعرضت له.. (المنهج) يقول لك: (لا تزر وازرة ٌوزر أخرى) وأنت تتعمد إيذاء أسرة فى عرضها ومن ثم فى مستقبل أبنائها بنشرك صور المتورطات وأسمائهن، والمنهج يرد عليك (ولا يجرمنكم شنئان قوم ٍعلى ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) إذا ما بادرت بقولك هذه ابنة فلان أو زوجة علان.
وخطأ فهم المندفعون كلامى عن حديث (لو سترته بثوبك لكان خيرا ًلك) ومن حديث (واغد يا أنيس على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها...) فمقصده عند أولى الألباب ليس حضَّا للزوج على غض الطرف عن خيانة زوجته، وهل يفهم ذلك عاقل؟ بل هو توجيه للمجتمع أن يجتهد فى ستر الفضيحة لا الاستعلان والجهر بها.
الشريعة الإسلامية تتشوف دائما إلى الستر ووأد فضائح الأعراض فى مهدها؛ محافظة على استقرار المجتمع وتماسك نواته الأساسية ممثلة ًفى الأسرة، وفارق كبير بين وقع فى الذنب ــ كالزنا ــ مستترا وبين من جاهر بفسقه وفجوره وحضّه على الرذيلة، لكن من يفرق بعدما أعماه الحقد وصده الجهل؟
الحقيقة أن (المنهج) فى حسِ هؤلاء لا يقوم إلا على تشهى اختيار ما يروق لهم وطرح ما خالف هواهم.. الأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى، منها قرار رئيس الوزراء وقف عرض الفيلم سيئ الذكر (حلاوة روح) انتصارا لؤاد الرذيلة وحدا من شيوعها وانتشارها.. فهل رحب منهم أحد؟ هل اهتموا أو علقوا؟ أبدا ًسيبحثون عن مبتغاهم فى موطن آخر يسيئون الأدب فيه باسم (المنهج).. وباسم الإسلام.