الكلاب مرة أخرى! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 21 فبراير 2025 11:44 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

الكلاب مرة أخرى!

نشر فى : الأربعاء 19 فبراير 2025 - 8:00 م | آخر تحديث : الأربعاء 19 فبراير 2025 - 8:00 م

‎هل مطلوب من غالبية المصريين أن يفقدوا الأمل فى وجود علاج حاسم لمشكلة انتشار الكلاب فى معظم شوارع مصر بصورة سرطانية؟!
‎قد يستغرب البعض طرح هذا السؤال فى مثل هذه الأيام التى نواجه فيها قضايا مصيرية تهدد الأمن القومى المصرى والعربى، وقد يسخر البعض ويتساءل مستنكرا: وهل هذا وقته؟!
‎نعم للأسف، مشكلة الكلاب أصبحت مثل السرطان. كنت أعتقد أنها تخص بعض مناطق وسط القاهرة فقط، ثم اكتشفت أنها منتشرة فى غالبية أنحاء مصر، وكنت أعتقد أيضًا أن انتشار الكلاب يقتصر فقط على القرى النائية والزراعية والأرياف عمومًا، ثم اكتشفت العكس تمامًا.
‎هل يتخيل أحدكم أن ضريح الزعيم الكبير سعد زغلول صار مرتعا وملجأ للكلاب، لأن سوره من الأسياخ الحديدية التى تسمح للكلاب بالدخول، وعندما يأتى الليل فإن المنطقة المحيطة بالضريح فى شوارع الفلكى ومنصور وسعد زغلول وضريح سعد وإسماعيل أباظة يصعب المرور منها لأن الكلاب تسيطر عليها بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
‎كتبت عن هذا الموضوع فى نفس هذا المكان يوم ٥ ديسمبر الماضى، حينما عض أحد الكلاب ابنى الأكبر إياد فى شارع حسين حجازى بجوار السفارة التركية القديمة، وهو نفس الشارع الذى يقع فيه مجلس الوزراء، وفى الليل أيضًا يصعب على أى شخص أن يمر فى نفس المنطقة خصوصا تلك المواجهة لمصلحة الضرائب العقارية فى شارع منصور.
‎الذى جعلنى أعود للكتابة مرة أخرى عن الموضوع أن إحدى الزميلات وتعيش بالجيزة أخبرتنى أن أكثر من ثلاثين كلبا يستوطنون شارعهم، وأنه فى ساعة واحدة تعرض طفل وسيدة للعقر، بل إن كلبة ولدت فى مدخل إحدى عمارات المنطقة، مما جعل الدخول والخروج صعبا للغاية.
‎تحدثت مع مسئول كبير فى هيئة الخدمات البيطرية المسئولة عن الأمر فكشف لى بوضوح صعوبة المشكلة وللأسف صعوبة حلها إذا استمر التعامل الرسمى معها بنفس الطريقة الحالية.
‎هو قال إن كثيرين يحملون الطب البيطرى المسئولية وهم لا يعلمون مثلا أن القانون الحالى يجرم قتل أو سم الكلاب، وأنه منذ مايو ٢٠٢٣ لم تصدر اللائحة التنفيذية للقانون الجديد لتضع حلولا لمعالجة المشكلة رغم الانتهاء منها فى سبتمبر من نفس العام، بسبب وجود خلافات واعتراضات عليها.
‎الحكومة تمنع قتل أو تسميم الكلاب وهو إجراء إنسانى كبير، لكنها لم توفر بدائل لمعالجة الظاهرة.
‎ومع زيادة الكلاب التى يقدر البعض عددها من عشرة ملايين الى ٢٢ مليون كلب، لم تعد العقاقير التى تعالج العض متوافرة بشكل كاف، ثم توقف استخدام الخرطوش ضد الكلاب بعد ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، والتعليمات الصادرة للطب البيطرى هى التعاون مع المجتمع المدنى لحل المشكلة. هو يضيف ساخرا: «هل نطبطب على الكلاب.. ثم نتركها تعض الناس»؟!
وكلمة التعاون تعنى عمليا فى مفهوم جمعيات المجتمع المدنى والرفق بالحيوان أن يدفع الناس ما متوسطه ١٣٠٠ جنيه لكل كلب يتم إخصاؤه منعاً للتكاثر.
‎سألته وما هو المطلوب: قال نحتاج على الأقل إلى ٢ مليار جنيه من أجل تعيينات الأطباء والعمال وتدريبهم على التعامل مع الكلاب وكذلك شراء عقاقير، وطعوم والأخيرة غير متوافرة من أكثر من عام ونصف العام.
‎ومع عدم وجود حل فإن الكلاب تتكاثر بصورة كبيرة فكلبة الشارع تنجب من ٦ - ١٠ كلاب فى الولادة الواحدة.
‎والأسوأ أن عددا كبيرا من المواطنين وبدافع العطف والإنسانية يقدم الطعام للكلاب، وهو ما يجعلها تتعود على المكوث فى نفس المكان والاستيطان فيه.
‎بعض هذه الكلاب يصاب بالسعار مما قد يتسبب فى الموت إذا لم يتناول الإنسان العقاقير فورا وبصورة منتظمة. وزير الصحة د. خالد عبدالغفار قال فى تصريحات منشورة إن حالات العقر المسجلة تتزايد بنسبة ٢٠٪ وأن تكلفة توفير الأمصال بلغت ١٤٦ مليون جنيه عام ٢٠١٩ ومرشحة للزيادة إلى ٥٠٠ مليون جنيه.
‎حينما سألت البعض عن الحل، قيل لى إن لجنة الإدارة المحلية فى مجلس النواب يمكنها أن تلعب دورًا مهما فى سرعة الموافقة على اللائحة التنفيذية وإقرارها حتى يمكن توفير حلول عملية لهذه الظاهرة.
‎كل الأمل فى اللجنة ورئيسها المحترم أحمد السجينى أن يحسموا هذا الأمر ويخففوا عن ملايين المصريين هذا الرعب والخوف والفزع من كلاب الشوراع.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي