يأتينا الشهر الأكرم خلال أيام.. ننتظره بشوق وفرحة تتجدد فى كل عام لدى الكبار والصغار رغم ما قد نعانيه من تبعات أداء فريضة يحرص عليها الجميع حتى إن المريض قبل السليم لا يتردد فى سؤال طبيبه: هل يمكننى أن أصوم هذا العام؟ حتى وإن كان المريض يعرف جيدا جواب طبيبه إلا أنه يستنكر الرد مبديا عدم رضاه عن محاولة الطبيب لتوضيح الأمر وكيف أن الله سبحانه قد منحه رخصة الإفطار فى رمضان وعوضه بثواب أكبر إذا ما شارك المحتاجين طعام أهل بيته ما دام بالفعل غير قادر على الصوم.
يأتينا رمضان هذا العام لنصوم أكثر من اثنى عشر ساعة متتالية. هو بلاشك تحدٍ لقدرات الإنسان واختبار لصلابة إيمانه لكنه أيضا تحدٍ لقدراته وسلامة وظائف أعضائه.
حينما تستشعر أعضاء الإنسان كالكبد والكلى والبنكرياس بدايات ما تعده «مجاعة» تتحفز للدفاع عن الكيان الداخلى فتغير خريطة الحركة وتتبدل معدلات الهدم والبناء فى الخلايا. هى إذن فرصة ذهبية للإنسان فرغم المعاناة التى يعيشها على مدار ساعات الصوم إلا أنها أفضل اختبار لكفاءة وظائف الأعضاء بعيدا عن المعامل والأبحاث.
هى أيضا توقيت ملائم لبداية صحية لنمط حياة مختلف لذلك الذى يعيشه الإنسان بلا مراجعات: قدر الماء الذى يشربه، نوعيات الطعام التى يتناولها، قدر الحركة والجهد البدنى الذى يبذله، الضغوط النفسية والعصبية التى يواجهها وكيف يتعامل معها وكيف يضعها فى الحسبان.
على الإنسان أيضا أن يدرك أن تلك فرصة عظيمة لمراجعة أمر التدخين: هل يمكنه بالفعل أن يتوقف عن التدخين خلال تلك الفرصة التى تتيحها فريضة الصوم؟
صيام رمضان بالفعل فرصة عظيمة للإنسان تتيح له ترتيب الأوراق وإجراء المراجعات اللازمة فى ملف صحته.
بداية ذلك الإحساس الذى يغمر الإنسان بصفاء الذهن والقرب من الله تعالى وما يقدم عليه الإنسان من أداء الصلوات وكل أعمال البر التى يقدمها عن طيب خاطر: الإحساس بالطمأنينة يجلب للنفس السكينة ويجعل الإنسان قادرا على مواجهة الضغوط الحياتية المختلفة بصورة أفضل كثيرا من تلك التى يلجأ إليها فى الأحوال العادية.
على الإنسان أن يستغل تلك الراحة النفسية والذهنية ليراجع نفسه ويبدأ فى التخلص من العادات الغذائية السيئة التى ربما كان يمارسها عن دون قصد والانتباه لعادات أخرى قد تسمح بقدر أكبر من الفائدة كالتأكيد على قدر أكبر من الفاكهة والخضراوات والانتباه لفائدة المنتجات الطبيعية دون تبديل مثل الخبز من الحبوب الكاملة ومحاولة تجنب كل منتجات اللحوم المصنعة ثم الانتباه إلى تناول منتجات الألبان مثل الزبادى الذى تعلو أسهمه فى رمضان أثناء السحور.
ينتهى الصيام بنهاية الشهر الكريم إن شاء الله لكن هناك بعض التغييرات الصحية التى يجب أن تستمر فى عاداتنا الغذائية ذكرى عزيزة من الشهر الفضيل.
كل عام والجميع سالم بخير..