ليس لى ما أبحث عنه فى «يَاد ﭬَـشِم» - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:39 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ليس لى ما أبحث عنه فى «يَاد ﭬَـشِم»

نشر فى : الجمعة 24 يناير 2020 - 10:15 م | آخر تحديث : الجمعة 24 يناير 2020 - 10:15 م

أقيم يوم الخميس الماضى فى متحف المحرقة «يَاد ﭬَـشِم» إحياء ذكرى مرور 75 عاما على تحرير معسكر الإبادة [النازى] أوشفيتز، قائمة المدعوين الذين أكدوا حضورهم ــ رؤساء دول وممثلين كبار لمعظم الدول الأوروبية، وكندا، وأستراليا، والولايات المتحدة، وحتى أفراد عائلات ملكية أوروبية ــ هى تحقيق للحلم العنصرى لكل من فيكتور أوربان [حقوقى ورئيس سابق لحكومة هنغاريا] ويائير بولسونارو [الرئيس البرازيلى]، بعالم أبيض يعتمد على الهوية اليهودية ــ المسيحية، وباستثناء الرئيس الأرجنتينى، لا يشارك فى الاحتفال ممثلون لدول من أميركا اللاتينية، أو من شرق آسيا، وهذا ليس صدفة.
بعد الحرب العالمية الثانية، وكدرس من المحرقة التى تعرّض لها يهود أوروبا، وافق المجتمع الدولى على سلسلة من المواثيق تهدف إلى ترسيخ الاعتراف بحقوق الإنسان والدفاع عن حقوق المواطن الأساسية، ومنع الإبادة الجماعية والتمييز، والدفاع عن اللاجئين. هذه المواثيق لم تكن مثالية، لكنها أعطت الأمل بأن القسم «لن يتكرر» ذلك أبدا لن يذهب سدى.
عمليا، بالنسبة إلى إسرائيل وجزء أساسى من الدول الغربية التى يشارك ممثلوها فى الاحتفال فى «يَاد ﭬَـشِم» منذ البداية لم يكن يحق لمواطنى ومواطنات نصف الكرة الجنوبية الاستفادة بصورة كاملة من المواثيق الجديدة بشأن الدفاع عن حقوق الإنسان والفرد، والتى صدرت كدرس من المحرقة، طوال عشرات من السنوات، بعد تحرير معسكر أوشفيتز، أغلبية هذه الدول لم تصمت فقط عن سلسلة طويلة من المذابح، والاغتصاب، والإخفاء والتعذيب الجماعى، بل ساعدت بصورة فعالة فى تنفيذ هذه الجرائم، جزء من دول الغرب واصل إدارة أنظمة استعمارية ونيو ــ استعمارية، بسبب مصالح اقتصادية، وضمن إطار الحرب الباردة والحرب ضد الشيوعية. أغلبية دول الغرب باعت سلاحا ودعمت أنظمة عسكرية ارتكبت جرائم ضد الإنسانية وعمليات إبادة جماعية.
بموافقة الولايات المتحدة، تحولت إسرائيل بسرعة إلى أكبر مزود بالسلاح لمجموعة أنظمة مجرمة فى أمريكا الوسطى والجنوبية، وفى إفريقيا وجنوب شرق آسيا، هكذا، على سبيل المثال، تأييد إسرائيل المهم للإعداد لميثاق منع الإبادة الجماعية الذى أصبح سارى المفعول فى سنة 1951، حل محله دعم الأنظمة العسكرية فى غواتيمالا، وإبادة السكان الأصليين بسلاح إسرائيلى، وحل محل تأييد إسرائيل لوثيقة استئصال كل أشكال التمييز والعنصرية فى مشاريع مدنية مهمة فى الدول الإفريقية المستقلة، تأييدا عسكريا كثيفا لنظام الأبرتهايد فى جنوب إفريقيا.
وخلافا لمتحف المحرقة فى واشنطن الذى منح دروس المحرقة تأويلات عالمية طوال سنوات، واهتم بتوثيق أعمال إبادة وجرائم ضد الإنسانية ارتُكبت أيضا ضد شعوب أُخرى، وأُقيم فيه معهد أبحاث لمنع الإبادة الجماعية، امتنعت مؤسسة «يَاد ﭬَـشِم» (باستثناء جزء من طاقم باحثيها) من الاهتمام بأى موضوع خارج الموضوع اليهودى. وهى تُستخدم منذ عشرات السنوات كمحطة إلزامية لديكتاتوريين، وقتلة، وعنصريين وفاشيين، يأتون لزيارة إسرائيل للقيام بصفقات سلاح، والحصول على شرعية، وعن شهادة أهلية من حليفة الولايات المتحدة. لذلك، لا يوجد مكان أكثر ملاءمة من متحف «يَاد ﭬَـشِم» لعملية غسل جماعية لكل الجرائم التى ارتكبتها هذه الدول حيال جزء كبير من سكان العالم.
فى الاحتفال، تجاهلوا الدروس التى يمكن تعلمها من أوشفيتز، وعما جرى فى ثلاثينيات القرن الماضى، وعلاقة ذلك بكراهية الأجانب ومشكلة الإسلاموفوبيا فى دول الغرب، والأزمة العالمية للاجئين، وعن الحرب المستمرة فى جنوب السودان وفى سورية، وعن الروهينجيا العالقين فى مخيمات اللاجئين فى بنغلادش، وعن الخوف من إبادة جماعية فى بوروندى، وعن مناطق المعارضة المحروقة فى الكاميرون وفى هندوراس. كما لن يتحدثوا عن وضع الشعب الفلسطينى فى المناطق المحتلة، وعن مسئولية فرنسا عن المجزرة الجماعية فى رواندة، ولا عن مسئولية بريطانيا عن كارثة تقسيم الهند ومعسكرات الاعتقال التى عُذّب فيها أعضاء حركات التحرر فى كينيا، ولا عن المسئولية الأمريكية للمجزرة الجماعية للشيوعيين والحركات اليسارية فى إندونيسيا، أو عن الإبادة الجماعية للسكان الأصليين فى كندا، وفى الولايات المتحدة وأستراليا، يمكن الافتراض أن رئيس أرمينيا لن يجرؤ على مناقشة امتناع إسرائيل من الاعتراف بالمذبحة الأرمنية، ورئيس البوسنة لن يتجرأ على مناقشة المساعدة العسكرية الإسرائيلية للصربيين، وللبوسنة – صربيا خلال عمليات الإبادة الجماعية هناك.
بصفتى ابن عائلة نجا وأُبيد أفراد منها فى معسكر أوشفيتز، ليس لى ما أبحث عنه فى هذا الاحتفال.
ناشط فى الدفاع عن حقوق الإنسان وفى موضوع تجارة السلاح فى إسرائيل.
هاآرتس
مؤسسة الدراسات الفلسطينية

إيتى ماك

التعليقات