عندما يكون هناك شخص إقصائى فى معسكر 30 يونية ويخرج مطالبا الرئيس عبدالفتاح السيسى بأن يكون فاشيا مع جماعة الإخوان، نجد معظم أو جميع أنصار الجماعة الظاهرين والمتخفين يتعاملون مع هذا الشخص باعتباره يمثل الاتجاه العام لثورة 30 يونية وليس مجرد رأى متطرف.
إذا صح هذا القياس والتحليل فمن حق أنصار 30 يونية ان يقولوا إن أنصار الإخوان الذين رفعوا شعارات وأعلام تنظيم داعش خلال مظاهراتهم يوم الجمعة الماضى إنما يعبرون عن كل أفكار جماعة الإخوان.
القياس واحد والمنطق واحد، والنتيجة واحدة، وبعض أنصار الإخوان يدلسون، لكن المشكلة إنهم لا يدركون أن الآخرين يرونهم عرايا تماما، وتدليسهم مفضوح.
المنطق يقول إنه إذا كان الإخوان يرون أن هذا المذيع أو ذاك الصحفى المتطرف جدا فى تأييد السيسى وكراهية الإخوان هو المثال على الحكم الحالى، فلماذا يلوم الاخوان من يرون أن أحمد المغير أو هانى السباعى أو الذين هتفوا لداعش هم المثال على جماعة الإخوان؟!.
لاحظوا إننى لم أصدر حكما على هذا أو ذاك بل مجرد دعوة بسيطة إلى إعمال الحد الأدنى من العقل السليم.
لا يمكن أن نختار نموذجا صغيرا شاذا ضعيفا ونعمم به على فريق بالكامل ونقول انظروا، لا يمكن أن نصطاد كلمة من هنا أو جملة مبتسرة من هناك من سياق مكتمل وننتزعها انتزاعا ثم نبنى عليها تحليلا كاملا، يتلقفه البسطاء ليقيموا عليه رؤية شاملة قد تؤدى للقتل والدمار.
عندما قرأت أن بعض أنصار جماعة الإخوان هتفوا يوم الجمعة فى المطرية قائلين «أووه داعش» اعتقدت أن الأمر مجرد مكيدة من خصوم الإخوان وأن الأمر ربما به بعض الفوتوشوب!.
لكن الذى حسم الأمر أن المظاهرة نقلتها قناة الجزيرة خلال تغطية خاصة استمرت أكثر من حوالى ثلاث ساعات، والمشهد بأكمله على عهدة قناة الجزيرة مباشر، وبالتالى لا يمكن لعاقل تصور أن تقوم هذه القناة بدس هذا المشهد واقحامه فى التغطية، للاساءة إلى الإخوان.
ظنى الشخصى أن هذا الهتاف ورفع أعلام داعش هو أكبر تشويه يمكن أن يلحق بالجماعة.
ولو أن ألد خصومها حاولوا الإساءة إليها، فلن يمكنهم أن يفعلوا مثلما فعل من رفعوا أعلام داعش فى حى المطرية بعد ظهر الجمعة الماضى.
الجماعة تصر طوال الوقت على أنها سلمية ومظاهراتها سلمية، وأجهزة الأمن تقول إن معظم عمليات العنف والارهاب ينفذها أنصار وأعضاء الجماعة خصوصا تنظيم «المجهولين» التابع لها.
لكن عندما يهتف أنصار الجماعة لداعش فإنهم يكشفون إما عن بداية تحول خطير فى تفكيرهم نحو مزيد من التشدد، أو أن هذا التشدد هو جزء أصيل وكامن تحت الجلد، لكن أوانه لم يحن بعد.
بعض كوادر الجماعة شعروا بخطورة تصرف يوم الجمعة ورأيناهم يوجهون على الفيسبوك لوما شديدا لمن غنوا «اووه داعش» باعتباره سيضر الجماعة ضررا كبيرا بسبب الصورة الذهنية شديدة السلبية لكل العالم عن داعش، وهو ما عبرت عنه بوضوح تصريحات وتغريدات أحمد رامى وسمير الوسيمى المتحدثين الإعلاميين باسم حزب الحرية والعدالة المنحل.
السؤال الجوهرى الذى ينبغى أن يشغلنا جميعا هو: إلى أى حد تمثل هتافات أنصار الإخوان لداعش المزاج العام داخل الجماعة الآن؟.
هل هو مجرد نوع من المكايدة أو تطبيقا لقاعدة «عدو عدوى صديقى»، ومجرد انفعال شباب أو أعضاء مأزومين ومطاردين ويشعرون بالغبن او اليأس، أم أنه يعبر فعلا عن جوهر تفكير الإخوان باعتبار أن جميع هذه التنظيمات خرجت من إناء واحد، لا فرق فيه بين متطرف ومعتدل؟!.
الايام القادمة ربما تقدم لنا الاجابة.