من سيشكل النظام العالمى الجديد.. الحرب أم الاقتصاد؟ - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 5:37 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من سيشكل النظام العالمى الجديد.. الحرب أم الاقتصاد؟

نشر فى : الثلاثاء 26 مارس 2024 - 7:15 م | آخر تحديث : الثلاثاء 26 مارس 2024 - 7:15 م

نشرت جريدة الرياض السعودية مقالًا للكاتب على الخشيبان، يقول فيه إن الصراعات والحروب التى يشهدها العالم اليوم تمهد لتأسيس نظام عالمى جديد، لكن من سيفوز بالسيطرة على العالم قوة الاقتصاد متمثلة فى الصين أم قوة الحرب متمثلة فى أمريكا؟ ويشير الكاتب إلى أن خبرة الولايات المتحدة فى الحروب للسيطرة على العالم تشكل تحديًا أمام قوة الصين الاقتصادية، التى لم يتم تجريبها بعد كصاحبة الكلمة فى نظام عالمى جديد.. نعرض من المقال ما يلى:
ما يشهده العالم اليوم من أزمات وصراعات وحروب مشتعلة فى كل أرجاء الكرة الأرضية يسلط الضوء على مدى عمق تحول المشهد الجيوسياسى، وخاصة فى السنوات الماضية؛ فالمنافسة بين القوى العظمى أصبحت محورية فى منظومة العلاقات الدولية، فهناك حرب تتفاقم فى غزة، وشرق أوسط يغلى فى كل أطرافه، وصراع كبير فى أوكرانيا وانقسام عالمى وعملية إعادة تشكيل جيوسياسية، فى عملية تشكل مرحلة إعداد المعايير السياسية للتحول إلى نظام عالمى جديد.
الحسابات بين الصين وأمريكا فى تايوان مرشحة للانفجار أيضًا مع أى خطأ، فى ذات التوقيت تعمل أمريكا منذ الحرب الروسية الأوكرانية على نقل السلاح إلى كييف وإسرائيل بكميات هائلة، وهذا ما يثير القلق حول ماذا يعنى ذلك، أمريكا ليست الدولة النووية الأقوى فى العالم، فروسيا تتفوق على أمريكا فى عدد الرؤوس الحربية المخزنة، فلدى روسيا 2815 رأسًا نوويًا فى مقابل 1938 فقط تمتلكها واشنطن.
لغة الصراع بين القوى الدولية تجاوزت الفكرة التى تقول إن السلاح النووى سلاح ردع يستحيل استخدامه، فالأخبار العالمية تتحدث بوضوح أن العالم قد يصل إلى مواجهة نووية وخاصة أن لغة التاريخ والماضى أصبحت أكثر تداولًا، فالكل يريد أن يثبت للآخر أن التاريخ حاسم فى قوته، وأن التاريخ حاسم فى تبعية تايوان للصين، وأن التاريخ حاسم فى أن أمريكا هى القطب الدولى الوحيد فى العالم.
المؤشرات التى تم تداولها حول النظام العالمى الجديد خلال العقود الماضية كانت تضع الاقتصاد كأهم معيار للنظام العالم الجديد، لكن هذه النظرية يسهل تجاوزها بمجرد الحديث عن السلاح النووى الذى يمكن القول إنه صنع ليس ليبقى فى مخازن الأسلحة، وقد تأتى الأيام وتثبت أن السلاح النووى ليس بعيدًا عن الاستخدام عندما يحتدم التنافس والصراع، ويشعر الأقوياء بالتهديد والخطر.
الفرضية القائمة اليوم تعتمد مصطلح شمال العالم وجنوبه، وهى فرضية أصبحت أكثر قربًا للواقع، فالاقتصاد الصينى هو المستثمر الأكبر فى دول جنوب الكرة الأرضية، والصين اقتصاديًا لديها القدرة على السيطرة والتحرك اقتصاديًا فى جنوب الكرة الأرضية وتدفقات الاقتصاد هناك، عمليًا الصين اليوم تتاجر مع جنوب الكرة الأرضية أكثر من أمريكا وأوروبا، وهذا ما سوف يجعل الكرة الأرضية مهيأة لاستخدام معادلة يمكنها الاعتماد على بدائل أكثر قسوة فى الصراع الدولى، بمعنى آخر على العالم أن يأخذ فكرة التهديدات النووية بين الأقوياء على محمل الجد.
الصين تعمل بجد لبناء نظام عالمى جديد تكون هى المركز فيه، ولكن فى المقابل هناك من يدفع أن النظام العالمى الجديد لن يحسم وفق الفكرة الاقتصادية التى تقول إن سيطرة الصين اقتصاديًا سوف تؤهلها لقيادة العالم، وهناك قوى دولية لديها نظريات أخرى للسيطرة على العالم والخيارات الأكثر قلقًا هى المواجهات العسكرية، الكثير من الدول تفضل أن تصف ما يحدث اليوم بعبارات أقل حدة، حيث تفضل أن يوصف النظام العالمى بأنه «نظام عالمى قائم على قواعد» فى إشارة تستبعد الانتقال إلى الخطوة الأخرى من أجل السيطرة، شدة المنافسة بين الأقوياء ستغير من معايير القوة ما يسمح للدول غير القادرة فى الماضى على تحديد موقفها من الصراع الدولى إلى تبنى مواقف أكثر حدة واختلافًا وفقًا لموقعها الجغرافى خاصة دول جنوب الكرة الأرضية، بمعنى دقيق منظومة العلاقات التى تقوم على السيطرة سوف تتغير تدريجيًا.
العالم ملىء بالصراعات كما نشهد اليوم، وعملية إنشاء نظام عالمى فى بيئة دولية مليئة بالصراعات كلها تخضع لقواعد التاريخ، فإذا كانت الحروب فى الماضى هى من سمح لأمريكا بقيادة العالم، فهل هذا يعنى أن الاقتصاد الذى تقوده الصين يمكن أن يمارس الدور نفسه، ويعطى الصين الفرصة لقيادة العالم؟ المخاطرة تقوم على أن أمريكا لديها تجربة الحروب فى السيطرة والقيادة، وهى مثبتة فى الواقع، بينما التجربة الصينة فى السيطرة التى تعتمد الاقتصاد لم يتم تجريبها بعد، وهنا التحدى الأكبر حول من سيحسم المعركة الاقتصاد أم جنرالات الحرب؟ هذا سؤال جوهرى لمستقبل العالم.
المؤسسات الدولية أصبحت أكثر هشاشة، ولم تعد تؤدى دورها المتوقع منها؛ فالأمم المتحدة تلفظ أنفاسها الأخيرة، وصندوق النقد الدولى والكثير من المنظمات، هذه المؤشرات أنتجت نوعًا من العصيان والرفض لدى كثير من الدول التى كانت تابعة، فما تمارسه إسرائيل فى غزة من تعنت هو خروج متعمد عن قواعد علاقاتها الاستراتيجية مع العالم، وانقسام العالم إلى شمال وجنوب، واستمرار الحرب فى أوكرانيا، وتطورات الحالة الروسية، وظهور مؤشرات نقل المعركة بين روسيا من الحدود إلى قلب الدولة الروسية، كلها مؤشرات تستحق التوقف لفهم هل الحروب أم الاقتصاد هو من سوف يشكل النظام العالمى من جديد؟

النص الأصلى

التعليقات