كتب باتريك كيلى بجريدة ذا كريستيان ساينس مونيتور مقالا يتحدث عن ضرورة أن يتطور فيس بوك بحيث يبدأ فى معالجة المخاوف المتعلقة بخصوصية المستخدمين، وضبط الاستراتيجية الإعلانية، وإشراك المستخدمين فى الأسواق النامية والناشئة. احتل الباحثان جون كاناريلا وجوشوا سبيشلر ، من جامعة برينستون، عناوين الصحف فى وقت سابق هذا العام، عندما توقعا أن يتخلص موقع فيس بوك القوى، وصاحبه مارك زوكربيرج من 80 فى المائة من مستخدمى الموقع بحلول عام 2017.
غير أن الدراسة أعقبت تقارير تفيد أن أكثر من 11 مليون شاب هجروا موقع التواصل الاجتماعى العملاق منذ عام 2011. وفيما يبدو أن الآباء قد أفسدوا المتعة، مما أفقد الشبكة الاجتماعية جاذبيتها. وبالتأكيد، كان من بين أهم العوامل التى ساهمت فى تخلى المستخدمين عن الموقع، مخاوف الناس بشأن الخصوصية والإعلانات.
•••
وأضاف كيلى، قال لنا خبراء مثل معلم الذكاء الاصطناعى راى كورزويل أنه كلما استخدمنا أنظمة مثل فيسبوك، عرفت هذه النظم معلومات عنا، وبالتالى عززت خبراتنا الشخصية عبر الإنترنت. ويعنى هذا أننا سنرى الدعاية موجهة بطريقة أكثر تطورا، تأخذ فى الاعتبار ما «نحبه» بالفعل عندما نكون على الإنترنت. وبالنسبة للبعض، هذا أمر جيد؛ فإذا كنا سنصبح فى مرمى قصف الإعلانات، لماذا لا نجعل الإعلان يتماشى مع مصالحنا؟ بينما يشعر آخرون بالأمر وكأنه انتهاك للخصوصية، لا يستطيعون التخلص من الشعور بأن جميع تحركاتهم تحت المراقبة. ولم يتزايد هذا الشعور إلا أثناء كشف برامج مراقبة وكالة الأمن القومى الأمريكى. حتى إن الفيس بوك أعلن، فى تحديث جرى مؤخرا، عن حقه الجديد فى قراءة الرسائل من خدمة رسائل الوسائط المتعددة على الهواتف المحمولة لمستخدمى الموقع. وصار ما بدأ باعتباره طريقة مبتكرة للتواصل مع الأصدقاء والعائلة والزملاء كما لو كان تحليقا لآفاق لم تكن متخيلة.
•••
وأشار الكاتب إلى وجود تأثير للفيس بوك يتجاوز مخاوف الإعلانات والخصوصية، يتعلق بحياتنا اليومية وسلوكنا. وقد كشفت دراسة أجرتها مؤخرا جامعة ميشيغان أن «كلما استخدم الناس فيس بوك فى لحظة زمنية واحدة، زاد احساسهم سوءا عندما نبعث برسالة نصية لهم، فى المرة التالية، كلما زاد استخدام فيسبوك أكثر من أسبوع، تراجعت مستويات الرضا فى حياتهم بمرور الوقت». ومن الحجج الداعمة لفكرة بقاء فيسبوك، أنه على الرغم من أن العالم الغربى بدأ فى الانسحاب، يزداد دخول المستخدمين فى آسيا وأفريقيا إلى التكنولوجيا التى تزدهر فى هذه المناطق.
وفى وقت سابق من هذا العام، أشار بيل جيتس إلى فوائد الثورة الرقمية فى المناطق المتضررة حاليا من الفقر، معتبرا أن هذه التطورات سوف تساعد البلدان على «التعلم من جيرانها الأكثر إنتاجية والاستفادة من الابتكارات»، كما ذكر كيلى أنه فى الواقع، يتعاون موقع فيسبوك الآن مع مصنعى الهواتف النقالة والمنظمات غير الربحية لإنشاء Internet.org - الذى يهدف إلى توصيل الإنترنت «إلى ثلثى سكان العالم الذين لا يتمتعون به». وفى الشهر الماضى، أعلن فيس بوك أنه سيتيح الوصول إلى الموقع عبر طائرات بدون طيار.
•••
واختتم الكاتب مقاله بتوضيح أن موقع فيس بوك لن ينتهى قريبا. وفى حين تتراجع درجة التشبع منه فى الغرب، يتمدد حضوره فى الشرق. ومع ذلك، يجب أن يتعامل فيس بوك مع أفضل خصائص التكنولوجيا الجديدة، كما ينبغى أن يتغلب على التحدى المتمثل فى دفعنا للشعور بالراحة مع انعدام الخصوصية. ويجب أن يكون متاحا عندما نحتاج إليه، مع البقاء بعيدا عن حياتنا الخاصة بقية الوقت. يجب أن يستثمر فيسبوك فى تحسين حياة ومستقبل المواطنين فى الدول النامية. وينبغى ألا يجبرنا على تجرع الإعلانات. كما يجب أن يكون بيئة آمنة وممتعة للآباء والأمهات والأطفال على حد سواء. وأن يواكب التطورات فى مجال التكنولوجيا، كما يلبى أيضا رغبات واحتياجات مستخدميه, عندئذ فقط، سيكون قد ضمن مستقبله.