مسألة التهجير في عيون عربية وإسرائيلية - تقارير - بوابة الشروق
الخميس 30 يناير 2025 8:53 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

مسألة التهجير في عيون عربية وإسرائيلية

نشر فى : الثلاثاء 28 يناير 2025 - 7:40 م | آخر تحديث : الثلاثاء 28 يناير 2025 - 7:40 م

يرى الكاتب أحمد رفيق عوض في مقاله على صحيفة القدس الفلسطينية إنه من الواضح أن الجانب الأمريكى محتار إلى أى البلاد سيطردنا، ومن الواضح أنه صرف النظر عن تهجيرنا إلى إندونيسيا؛ ربما لإنجاح عملية التهجير، فإندونيسيا بلاد بعيدة، ومناخها وطعامها ولغتها لا يشبه مناخنا ولا طعامنا ولا لغتنا، ومن الأفضل أن يتم تهجيرنا إلى محيطنا وبيئتنا حتى لا نواجه غربة المكان ووحشة الزمان.

 

عاد الجانب الأمريكى مرة أخرى إلى الأسطوانة التى طرحت منذ أكثر من سبعين عاما، ولا تزال تفشل حتى يومنا هذا، وكأننا مجرد سكان مستأجرين، أو بدوٍ رحّل، أو غجر نعيش على الهوامش (مع احترامنا لكل نفس بشرية ترضى بطريقة عيشها). تطرح علينا مبادرات وأفكار التهجير أو الطرد بهدوء ونصائح أطباء النفس، باعتبار الطرد علاجا تطهيريا داخليا، كما تطرح هذه الدعوى من قبل أناس حاقدين، يرون فى الطرد علاجا نهائيا للصراع الفلسطينى الإسرائيلى، فمن جهة، لا يعود الاحتلال هو السبب، بل هو القدر، وهو الذى لا بد منه وهو الطبيعى.

 

أما نحن، فنحن المشكلة ونحن الطارئون، ونحن الذين يجب أن ندفع ثمن الهزيمة والعولمة والتغول  والتطرف الدينى.

 

ويضيف الكاتب: تبدو دعوة التهجير من الأطراف المختلفة وكأنها مكافأة لفظائع الاحتلال، والعدوان على الضمير العالمى، وانتهاك للقانون الدولى دون خجل أو حياء، دعوات التهجير هذه تفترض أن ما يحيق بنا وما نتعرض له ليس بفعل فاعل أو قوى ظالمة عاتية، ولكنه أشبه بحريق أو فيضان أو قحط أو جائحة تفتك بنا، وعلينا أن نغادر حتى نتجنب أو نقلل الخسائر.

 

دعوة التهجير فيها تغييب للمحتل، ومن يدعمه، ومن يشرف عليه، ومن يغذيه، وفيها تمكين للظلم والعدوان والاحتلال. دعوة الرئيس الأمريكى الأطراف العربية لاستقبال الشعب الفلسطينى، إنما هى وصفة لتفجير المنطقة وإشعالا جديدا لها، وهى دعوة لا تهدف إلى السلام أو الاستقرار، فلا يمكن أن يكون تهجير شعب من كامل أرضه التاريخية إلا سببا لحروب جديدة، إن تغيير الديموغرافيا لا بد أن ينشأ عنه خلل كبير قد يترجم إلى ردات فعل متعددة، كما أن التهجير ارتداد عن مبادرات التسوية وعن كل جهود الإدارات الأمريكية السابقة، وتنكر ما تعهدت به أمريكا ذاتها، وتراجع عن كل ما تم بناؤه على مدى عشرات السنين، وتجاوز لاعتراف العالم بدولتنا، وهى هدم وتجاوز لآمال وطموحات الشعب الفلسطينى بالحرية والكرامة وإنهاء الاحتلال، وهى أيضا دعوة إلى تفجير الأوضاع حول إسرائيل، بما يعنى أن إسرائيل ستدفع ثمن ذلك عاجلا أو آجلا. إن لاجئى عام  1948 هم الذين أسسوا منظمة التحرير الفلسطينية، وهم الذين اتفقت معهم إسرائيل سنة 1994 على تسوية ما.

 

 

إن الخفة والسذاجة والتبسيط فى التعامل مع القضايا الشائكة والحساسة يؤدى بصاحبها إلى التهلكة أيضا، فالصراع الفلسطينى الإسرائيلى ليس مجرد صراع على الحدود أو الثروات أو النفوذ، إنه صراع عميق ممتد تتداخل فيه كل الأمور، الدينية والثقافية والسياسية والاستعمارية واللاهوتية، إنه صراع شرق وغرب إن شئت، وصراع فقراء ضد أغنياء إن شئت، وصراع خير وشر إن شئت أيضا، لا يمكن أن يكون الحل هو تهجير الشعب الفلسطينى من غزة، ثم من الضفة، ثم تنتهى هذه المعضلة، هذه بساطة تشارف الغباء أو البلاهة.

 

يستكمل الكاتب: هذه الدعوة التى تستكمل أو تكمل حرب الإبادة. تضرب عميقا مفهوم الهوية الفلسطينية بكل حمولتها الثقافية والجغرافية و النضالية، هذه الدعوة ستؤذى أشقاءنا فى الأردن ومصر، وستجعل من أشقائنا فى السعودية أيضا يراجعون مواقفهم، فالتهجير لا يؤدى إلى تدمير الدولة الفلسطينية فقط، وإنما يعزز مواقع الاحتلال ويحسّن مواقفه بحيث يعفيه من تقديم حلول تؤهله للاندماج فى المنطقة، إلا إذا كانت أمريكا تريد لإسرائيل أن تقايض السلام بأقل بكثير من السلام.

 

ويختتم بالقول: التهجير -أخيرا- هو حل على حساب الشعب الفلسطينى وحقوقه وتاريخه ومستقبله، وهو بالمناسبة لن يتوقف عندنا، بل قد يمتد إلى مناطق أخرى، بدأت وسائل إعلام إسرائيلية تتحدث عنه وعنها بوقاحة شديدة، فهل نحن حقا على أعتاب حقبة إسرائيلية أمريكية تعيد تركيب المنطقة بأسرها؟!

•  •  •

من جهة ثانية، يقول الكاتب ميخائيل ميلشتاين في مقاله على صحيفة يديعوت أحرونوت: إن حديث ترامب عن نقل سكان غزة إلى الأردن ومصر، فى نظر قسم من العالم، يمكن أن يبدو نوعا من المباهاة، كالرغبة فى شراء جرينلاند من الدانمارك، أو دمج كندا فى الولايات المتحدة. لكن فى الشرق الأوسط، يُستقبل هذا الكلام بقلق وجدية. وكما هو معروف، فقد أعلن ترامب قبل أيام قليلة أنه بحث مع ملك الأردن الملك عبد الله إمكان نقل سكان غزة إلى المملكة، وأنه بحث هذه الفكرة أيضا مع الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى، وذلك لأن القطاع مدمر للغاية ولا يصلح للسكن، وأن هذا الانتقال يمكن أن يكون لفترة قصيرة أو طويلة.

 

ككثير من مقترحات ترامب، فإن الفكرة توصف بـ«الصفقة» المنطقية، وتمتاز باعتبارات مادية، وتتجاهل تماما الأبعاد الأيديولوجية والثقافية والذاكرة التاريخية والتوترات بين إسرائيل والعالم العربى والشعب الفلسطينى، وهى المكونات التى بدت أنها أقوى من أى اعتبار آخر فى الشرق الأوسط بعد 7 أكتوبر.

يضيف الكاتب: حتى الآن يتصرف العالم العربى بحذر نظرا إلى معرفته بطباع ترامب الشخصية، ورغبته فى عدم التصادم معه، ويرفض الزعماء العرب رفضا باتا الفكرة، ويدركون أن مجرد التلميح إلى موافقتهم على فحصها سيثير ردات فعل حادة داخلية، وينطبق هذا بصورة أساسية على الأردن. لذلك، فهم يحاولون إغلاق الموضوع بسرعة بوسائل دبلوماسية، ومنع نشوب خلاف صعب مع الإدارة الأمريكية الجديدة.

 

ويقف الجانب الفلسطينى فى مواجهة معضلة شديدة للغاية، ومن الواضح أنهم يرفضون الفكرة. وقد وصف الموقع الإخبارى «سما» الفكرة بـ«نكبة جديدة». والحذر الذى يتصرف به العرب سيميز سلوك السلطة الفلسطينية لأنها تريد أن تبدأ علاقتها مع إدارة ترامب بصورة صحيحة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى «حماس» التى أرسلت فى الأسابيع الأخيرة إشارات غير مسبوقة بشأن رغبتها فى فتح حوار مع واشنطن انطلاقا من إدراكها أن هذا الأمر سيساعدها فى الاستمرار فى الاحتفاظ بقوتها فى القطاع، من دون أن تكون فى وضع المسئول الأساسى عنه.

يحذر الكاتب إسرائيل ويدعوها إلى أن تتصرف بحرص هى أيضا، وألاّ تتبنى الحماسة التى يُظهرها زعماء الصهيونية الدينية إزاء تصريح ترامب بحجة أن هذه الخطوة تسمح للشعب الفلسطينى بحياة أفضل، وعليها الابتعاد عن الأفكار المتطرفة، والكلام الذى هو صدى لنظرية ما قبل 7 أكتوبر، والتى تقول إنه فى استطاعة الحوافز الاقتصادية أن تفرض نفسها على الأيديولوجيات. يجب أن تفهم إسرائيل أن الفكرة يمكن أن تؤذى العلاقات بين واشنطن والعالم العربى، وستؤذى إسرائيل لاحقا، وخصوصا بشأن كل ما له علاقة بالتطبيع الذى ستكرهه الدول العربية إذا شعرت بأن الولايات المتحدة تفرضه عليها، وهو ممزوج بجهود ترمى إلى نقل الشعب الفلسطينى إليها.

 

ويوصى الكاتب إسرائيل بعدم الوقوف علنا إلى جانب الولايات المتحدة فى إطار دعوتها إلى استيعاب جماعى لسكان غزة، وهو السيناريو الذى على الأرجح لن ينفذ، وسيؤدى فقط إلى عداء عربى إزاء إسرائيل. ومن المهم أن تشارك إسرائيل فى هذا النقاش لكن على المستوى الدبلوماسى السرى، وليس عبر الكلام العلنى. وبهذه الطريقة، يمكن أن نتوصل إلى اتفاق بشأن استيعاب عدد محدود من سكان غزة يمكن تصنيفهم كلاجئين إنسانيين لفترة قصيرة، ومنع تطور أزمة حادة.

 

يختتم ميليشتاين بالقول: إن الجهد الأساسى الذى يجب على إسرائيل توظيفه هو إجبار «حماس» على تقديم تنازلات جوهرية فى مقابل إعادة إعمار القطاع، وضمان حرية العمل ضد أى تهديد ينشأ فى هذه المنطقة مستقبلا.

 

التعليقات