النفط فى الربع الأول من القرن الحادى والعشرين - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 30 يناير 2025 7:53 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

النفط فى الربع الأول من القرن الحادى والعشرين

نشر فى : الأربعاء 29 يناير 2025 - 8:15 م | آخر تحديث : الأربعاء 29 يناير 2025 - 8:15 م

نشرت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية مقالًا لخبير الاقتصاد العراقى وليد خدورى، تناول فيه التغييرات التى طرأت على صناعة النفط العالمية منذ بداية القرن الحالى وحتى يومنا هذا، منها زيادة استهلاك النفط والغاز، تنوع مناطق استكشافاتهما، تولى دونالد ترامب الرئاسة الأمريكية مع ما يشكله ذلك من تحديات على الصناعة النفطية بسبب خطاباته العدائية باحتلال دول ومناطق اقتصادية تابعة لدول أخرى.. نعرض من المقال ما يلى:

 


تمر صناعة النفط العالمية خلال نهاية الربع الأول من القرن الحادى والعشرين بمرحلة متعددة الاتجاهات؛ إذ إنّ الطلب العالمى على النفط فى ارتفاع مستمر، حيث ازداد من نحو 100 مليون برميل يوميًا، ليصل بعد ربع قرن تقريبا إلى نحو 105 ملايين برميل يوميًا، حيث إن مستوى الاستهلاك العالى خلال السنوات الخمس الأخيرة، وتحديدًا بعد «كوفيد-19»، سجل منذئذ زيادة سنوية بنحو مليون برميل يوميا
يأتى هذا الارتفاع فى الزيادة الاستهلاكية السنوية للنفط، وكذلك زيادة استهلاك الغاز، فى فترة مرور صناعة الطاقة العالمية، بعصر «تحول الطاقة»، حيث الارتفاع النسبى التدريجى لها فى سلة الطاقة العالمية.
كما يأتى هذا التغيير فى مصادر الطاقة فى الفترة نفسها التى تزداد وتتنوع فيها مناطق استكشافات النفط والغاز. وهذا هو الوضع بالذات فى دول الخليج والعراق، حيث على سبيل المثال، الإعلان عن الاكتشافات النفطية المهمة خلال الأشهر الأخيرة، والنجاح الاقتصادى فى استثمار النفط الصخرى فى الولايات المتحدة وكندا والأرجنتين. والأمر نفسه فى مجال الاكتشافات الغازية، وبالذات الروسية منها فى القطب الشمالى، وفى كل من شرق وغرب إفريقيا، وفى البحر الكاريبى وأقطار شرق المتوسط. ناهينا عن تطوير صناعة الغاز المسال فى قطر وأستراليا والولايات المتحدة التى تتيح تصدير الغاز عبر المحيطات إلى قارات العالم المختلفة.
يأتى التغيير فى ربع القرن مع تولى دونالد ترامب الرئاسة الأمريكية، ومسلسل المطالب تحت شعار «أمريكا أولًا»، وهذا ما استفزّ الرأى العام؛ نظرًا للمخاطر النابعة عن ذلك: احتلال دول كبرى ومناطق اقتصادية تابعة لدول أخرى، ناهينا عن عدم احترام حقوق الإنسان، مثل الدعوة السافرة لتهجير أهل غزة، أو طريقة التعامل مع المهاجرين إلى أمريكا.
يكمن التناقض الواضح لمطالب ترامب فى توقيتها. فمن ناحية، يزداد الطلب العالمى السنوى للطاقة، وفى الوقت نفسه ترتفع التحديات الجيوسياسية جراء النزاعات الاقتصادية ما بين واشنطن وبكين، والضغط الزائد على أقطار السوق الأوروبية المشتركة، واستمرار الحروب الإسرائيلية لتهجير الفلسطينيين، مع العلم أن جميع هذه العوامل تترك بصماتها على صناعات الطاقة.
كما يكمن التناقض فى وعود ترمب الطاقوية لخفض الأسعار، مع حملته لدعم صناعة النفط الصخرى، التى تتميز بها الولايات المتحدة حاليًا. فإنتاج النفط الصخرى أكثر تكلفة من إنتاج النفط التقليدى، والدعوة لخفض أسعار النفط ستقلص من هامش الربح للشركات المنتجة للنفط الصخرى، بحيث يصبح غير رابح اقتصاديًا الاستمرار فى زيادة إنتاجه.
إنّ الاستنتاج الواضح لهذه الظواهر، هو أنه رغم الاهتمام العالمى بظاهرة «تحول الطاقة» الهادفة إلى تقليص «الانبعاثات الكربونية» الناتجة عن حرق الهيدروكربون الذى يضر بالبيئة، فإننا نلاحظ فى الوقت نفسه، توسعات مستمرة لاكتشاف حقول نفطية جديدة، بمعنى أنها تتوقع الاستغلال الاقتصادى للحقول المكتشفة حديثًا، لفترة أبعد بكثير من عام 2050 الذى حدده «مؤتمر باريس 2015» لتصفير الانبعاثات.
تشارك بعض الدول الصناعية الشركات النفطية فى توقع استمرار استهلاك النفط والغاز للعقود القريبة المقبلة على الأقل، ومنها الولايات المتحدة، وبريطانيا، والنرويج، وكندا.
لقد بادرت وقادت الدول أعلاه الحملات العالمية لتقليص إنتاج النفط، فى الوقت الذى عملت فيه على زيادة احتياطاتها النفطية. ومما دعم من السياسات النفطية هذه هو العشرات بل المئات من البلوكات الجديدة التى عرضتها بريطانيا للاستثمار فى بحر الشمال، والضغوط الأوروبية الزائدة على النرويج لزيادة صادراتها النفطية إلى أقطار السوق الأوروبية المشتركة إثر حظر النفط الروسى، وسياسة الرئيس دونالد ترامب فى عهده الأول، وما يدعو إليه الآن لحث الشركات على زيادة الحفر والإنتاج الأمريكى، ناهينا عن تشجيع الشركات بإتاحة فرص جديدة لها للعمل فى الولايات الأمريكية، فى محميات المناطق الفيدرالية وبعض المناطق البحرية التى كانت مقفلة على الشركات حتى الآن، وتشجيع صناعة النفط الصخري.
فى هذا الوقت، نجد بعض الدول الشرق أوسطية: السعودية، والعراق، والإمارات، وقطر والكويت، بالإضافة إلى مصر والمغرب والأردن والجزائر، تولى اهتمامًا ببدائل الطاقة المستدامة.
نجد أيضا أن الأقطار الأوروبية التى استثمرت مليارات الدولارات فى الطاقات المستدامة، تعانى من عدم توازن ميزان العرض والطلب على الطاقة، نظرًا للتقلبات فى إمدادات الغاز لأسباب جيوسياسية، وعدم إمكانية الطاقات المستدامة فى العمل بالطاقات الكامنة المتوافرة لها.
هذه الظواهر تبيّن لنا الأهمية البعيدة المدى للنفط، ومدى استمرار اعتماد العالم عليه، رغم كل الضجيج الذى يثار حول ذلك.

التعليقات