غضب فلسطينى مشروع! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الإثنين 31 مارس 2025 1:13 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

غضب فلسطينى مشروع!

نشر فى : الجمعة 28 مارس 2025 - 8:10 م | آخر تحديث : الجمعة 28 مارس 2025 - 8:10 م

الاحتجاجات الشعبية التى جرت فى قطاع غزة، وردد خلالها المتظاهرون هتافات معادية ورفعوا شعارات مناهضة لحركة حماس، تعد بلا شك تطورًا لافتًا فى المشهد السياسى بالقطاع الذى تسيطر عليه الحركة منذ عام ٢٠٠٧، ويتعرض لحرب إبادة صهيونية منذ ١٧ شهرًا.
«بدنا نعيش».. كانت العبارة الأبرز والأكثر ترديدًا على ألسنة المحتجين الفلسطينيين من شمال القطاع إلى جنوبه، والذين طالب بعضهم صراحة وبكل وضوح، بإنهاء حكم حركة حماس ووقف الحرب الدائرة وتسليم ملف الأسرى الإسرائيليين إلى مصر، والبحث عن حلول سياسية تعيد الأمن والاستقرار إلى غزة، تفاديًا لمزيد من عمليات العنف والقتل والتدمير، وأبعادًا لشبح التهجير الذى يتهدد الفلسطينيون فى القطاع، بواسطة قوة النيران وحرب الإبادة والمجازر التى يرتكبها جيش الاحتلال بشكل يومى.
هذه الاحتجاجات تعبر بلا شك عن غضب مشروع ومبرر بين أبناء قطاع غزة، الذين فاض بهم الكيل جراء الفاتورة الباهظة التى تكبدوها على مدار الشهور الماضية، بل تحملوا ما لا يمكن لبشر تحمله جراء العدوان الصهيونى، الذى أدى إلى سقوط أكثر خمسين ألف شهيد، ونحو ١١٤ ألف جريح ، فضلًا عن وجود المئات وربما الآلاف من الشهداء تحت أنقاض المنازل والمنشآت المدمرة وفى الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف أو الطواقم المختصة الوصول إليهم، بسبب قلة الإمكانيات فى غزة جراء الحصار الصهيونى.
هذا الحصار غير الإنسانى وغير القانونى طال أيضًا إمدادات الغذاء والدواء والماء، ما دفع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» إلى إطلاق تحذيرات جدية من أن أكثر من مليون شخص معرضون لخطر المجاعة فى القطاع.
أما المكتب الإعلامى الحكومى فى غزة، فقد أعلن أن أكثر من 2.4 مليون فلسطينى يواجهون خطر الموت جوعًا وعطشًا، بسبب منع إسرائيل دخول الغذاء والدواء والوقود، محذرًا بشكل واضح من تداعيات سياسة «التجويع والتعطيش الممنهجة» الممارسة كجزء من حرب إبادة جماعية يتعرض لها الشعب الفلسطينى على يد الاحتلال الصهيونى، الذى يتعمد كذلك «تدمير البنية التحتية وشل خدمات المياه والكهرباء، وإعاقة وصول قوافل الإغاثة ما أدى إلى انهيار النظام الصحى وانتشار الأوبئة فى انتهاك صارخ للقانون الدولى الإنسانى».
هذه الأوضاع الإنسانية الكارثية فى غزة، دفعت المدنيون الفلسطينيون إلى النزول للشارع، لمطالبة جميع الأطراف بعدم التوغل أكثر فى دمائهم، وإيجاد حلول حقيقية وواقعية توقف هذه الحرب الملعونة، التى دمرت الأخضر واليابس فى القطاع، وجعلت حاضره وربما مستقبله أيضًا فى مهب الريح.
«حماس» لم تتجاهل الاحتجاجات التى خرجت ضدها فى العديد من مناطق القطاع، وإن حاولت التقليل مما تحمله من إشارات ومضامين قوية غير مسبوقة، حيث قالت الحركة فى بيان أصدرته، الأربعاء الماضى، إن الشعارات المعارضة التى رفعت خلال الاحتجاجات ضدها، كانت «عفوية»، ولا تمثل الموقف الوطنى العام، بل جاءت نتيجة للضغوط الهائلة التى يتعرّض لها الشعب الفلسطينى، إضافة إلى المحاولات المستمرة من قبل الاحتلال لإثارة الفتنة الداخلية وصرف الأنظار عن جرائمه المتواصلة، مشددة على أن حق الفلسطينيين فى التعبير عن آرائهم والمشاركة فى الاحتجاجات السلمية هو حق مشروع وجزء من القيم الوطنية التى تدافع عنها.
على أى حال، نزول الفلسطينيون إلى الشارع للتظاهر ضد حركة حماس ومطالبتها بإنهاء الحرب وتسليم القرار لمنظمة التحرير الفلسطينية، يمثل تطورًا بالغ الأهمية، وربما يشكل منعطفًا حاسمًا فى سرعة التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وبالتالى ينبغى على الحركة عدم تجاهل ما حدث، أو وضعه فى خانة «الأحداث العفوية» العابرة، والإنصات جيدًا لصوت الشارع الفلسطينى، الذى ربما يمنحها من دون أن تدرى، بابا للخروج من هذه الأزمة الكبيرة، بعد أن أدت دورها على أكمل وجه خلال الفترة الماضية، والمساهمة فى العمل على إعادة ترتيب البيت الفلسطينى من الداخل، عبر الاتفاق على تصورات وآليات العمل الوطنى المشترك، وتحديد مسارات وطرق النضال والمقاومة فى المرحلة المقبلة لتحرير الأرض من الاحتلال، وتمهيد الأرض أمام عملية إعادة إعمار قطاع غزة المدمر من دون أى تهجير للشعب الفلسطينى، وبالتالى إفشال مخططات العدو الصهيونى التى تستهدف تصفية القضية الفلسطينية إلى الأبد.

التعليقات