عشوائيون وليسوا متجولين - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 10:15 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عشوائيون وليسوا متجولين

نشر فى : الخميس 28 أغسطس 2014 - 7:30 ص | آخر تحديث : الخميس 28 أغسطس 2014 - 12:07 م

أمر مشكور أن تبدأ الحكومة جهود استئصال سرطان «الباعة العشوائيين» فى البلاد، باعتباره هذه الظاهرة واحدة من أسوأ الآثار الجانبية لثورة 25 يناير عندما استغل آلاف المواطنين غياب السيطرة الأمنية على الشارع لكى يفرضوا أمرا واقعا على الجميع باحتلال الأرصفة والشوارع وأحيانا مداخل البيوت ببضائعهم العشوائية.

ولكن هذا الجهد الحكومى المشكور يحتاج إلى رؤى إبداعية وحلول غير تقليدية لكى تتحقق النتيجة المرجوة. ففكرة نقل هؤلاء الباعة العشوائيين من أماكن تواجدهم فى الشوارع إلى أماكن أخرى بعيدة عن حركة السير الطبيعية للمواطنين لم تحقق فى الماضى نجاحات كبيرة. وقد رأينا من قبل فشل نقل الباعة من منطقة العتبة وسور الأزبكية إلى الدراسة والحسين. وشهدنا فشل تجربة نقل الباعة من منطقة السيدة عائشة وكوبرى التونسى إلى 15 مايو.

وإذا كنا جميعا متفقين على ضرورة القضاء على ظاهرة الباعة العشوائيين الذين يطلق عليهم خطأ «الباعة الجائلين»، فإن الجهود التقليدية التى تبذلها الحكومة قد لا تحقق الهدف المطلوب فى ضوء الكثير من التجارب السابقة.

واعتقد أن السبب الرئيسى لفشل تجارب نقل الباعة العشوائيين من أماكن تواجدهم فى الميادين الكبرى والشوارع الرئيسية إلى أماكن ثابتة بعيدا عن مسارات الحركة الرئيسية هو أنهم فى الغالب يبيعون مزيجا من السلع الهامشية التى لا يتذكرها الزبون إلا عندما يراها وبالتالى فهو لا يفكر كثيرا فى الذهاب إلى أماكن الباعة الجديدة للشراء منهم.

لذا، لماذا لا يفكر المسئولون فى حصر الباعة العشوائيين الموجودين فى شوارع وميادين القاهرة والمدن الكبرى وإلحاقهم بالعمل فى مشروع قناة السويس الجديدة بعد إخضاعهم لدورة تدريب على المهن التى يحتاجها المشروع، خاصة وأن أغلب هؤلاء الباعة وافدون على القاهرة أى أنهم فى كل الأحوال سيظلون مغتربين عن أسرهم؟

ولماذا لا يفكر المسئولون فى تحويل هؤلاء الباعة العشوائيين إلى باعة جائلين بالفعل من خلال خصرهم وتسجيلهم وتنظيم أسواق متنقلة لهم بين الشوارع والأحياء فى المدن الكبرى بما يحقق خدمة كبيرة للمواطنين الذين سيجدون فى هذه الأسواق ما يحتاجون إليه بأسعار مخفضة، وخدمة أكبر لهؤلاء الباعة الذين سيجدون أنفسهم يعملون فى إطار منظومة قانونية.

ولماذا لا يفكر المسئولون فى تجميع هؤلاء الباعة بعد تحويلهم من عشوائيين إلى متجولين فى سلاسل عمل منظمة مرتبطة بالمنتجين المصريين فيبيعون سلعا مصرية بدلا من بيع المنتجات الصينية سيئة الصنع؟.

ولماذا لا يفكر المسئولون فى التعامل مباشرة مع الرءوس الكبيرة لهؤلاء الباعة العشوائيين الذين أكد أكثر من تحقيق صحفى أجرته الشروق وجودهم سواء كانوا تجارا كبارا أو بلطجية معروفين أو حتى مسئولين نافذين فى أجهزة الدولة؟. فالجميع يعرف أن الشاب الذى يقف فى الشارع عارضا البضاعة ليس أكثر من حلقة فى سلسلة ممتدة. واعتقد أن وصول السلطات إلى «الكبار» المسئولين عن هؤلاء الباعة والتعامل معهم مباشرة سيكون أكثر فاعلية من الجرى وراء آلاف الباعة المنتشرين فى الشوارع.

بدون البحث عن حلول غير تقليدية لهذه المشكلة المعقدة لن نصل إلى النتائج المرجوة، وسيعود عبء التصدى لها مرة أخرى إلى كاهل وزارة الداخلية وشرطة المرافق فى حلقة جديدة من مسلسل «القط والفأر» بين شرطة المرافق والباعة العشوائيين.

التعليقات