وصاية فرنسية بلا حدود - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:31 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وصاية فرنسية بلا حدود

نشر فى : الخميس 28 سبتمبر 2023 - 7:45 م | آخر تحديث : الخميس 28 سبتمبر 2023 - 7:45 م
نشرت جريدة الشروق الجزائرية مقالا للكاتب عبدالرزاق بوالقمح، يفسر فيه انتقاد جريدة «لوفيجارو» الفرنسية لقرار وزارة التربية الوطنية الجزائرية بإلغاء تدريس البرامج الفرنسية فى المدارس الخاصة، إذ اعتبرت فرنسا هذا الإجراء تضييقا على اللغة الفرنسية، لكن واقع الأمر أن هذا القرار جاء لحل مشكلة الفوضى التى تشهدها هذه المدارس بسبب تعدد المناهج المقررة. الحقيقة هى خوف فرنسا من وجود موجة مناهضة لها فى مستعمراتها القديمة... نعرض من المقال ما يلى: «الجزائر تطارد اللغة الفرنسية».. هو عنوان مقال نشرته «لوفيجارو» الفرنسية، يخيل لمن يصادفه من الوهلة الأولى أن الأمر يتعلق بإنهاء تعليم لغة المستعمر السابق نهائيا، لكن بالاطلاع على محتواه يكتشف المرء أنه يعالج قرارا إداريا اتخذته وزارة التربية بشأن مناهج التعليم فى المدارس الخاصة.
غلفت هذه الصحيفة المحسوبة على اليمين الفرنسى هذا القرار بغلاف إيديولوجى وسياسى، وقدمته ضمنيا على أنه موقف عدائى جديد تجاه لغة فرنسا، رغم أن الأمر يتعلق بقرار داخلى اتخذته وزارة التربية يجبر المدارس الخاصة على الالتزام بالمنهاج الدراسى، شأنها شأن المؤسسات التعليمية العمومية.
الحقيقة أن هذه الخطوة من الوزارة جاءت لإنهاء حالة من الفوضى داخل مدارس خاصة، كانت الفرنسية لغة التعليم الأولى بها، رغم أن اعتمادها كان بناء على دفتر شروط من أهم بنوده تطبيق مناهج التدريس المعتمدة فى المؤسسات العمومية.
بالمختصر المفيد، فإنه كان على السلطات الجزائرية، وفق «لوفيجارو»، إقرار منهاجين للتدريس فى البلاد، الأول رسمى يعكس هوية الجزائر وبنود دستورها باعتماد العربية لغة تعليم، أما الثانى فهو ما يشبه «سوقا سوداء» جديدة للتعليم يفسح فيها المجال لتلقين التلاميذ أى لغة فى العالم وأى ديانة وحتى المناهج المعتمدة فى فرنسا نفسها والتى ترسخ الانحلال مثل مسألة الشذوذ.
لنفترض جدلا أن من تدافع عنهم هذه الجريدة يمثلون شريحة واسعة فى المجتمع الجزائرى، فلماذا يتبنى الإعلام المحسوب على اليمين فى فرنسا لهجة قاسية تجاه جالية مسلمة هناك يقدر عدد أفرادها بالملايين، وهم يعيشون حالة قهر وتضييق غير مسبوقة طالت حتى معتقداتهم؟
وتسوق هذه المنابر اليمينية بالدرجة الأولى لأطروحة مفادها أن مبادئ العلمانية فى فرنسا مهددة بمظاهر التدين وحتى الهجرة، لتغليف قرارات رسمية تستهدف الجاليات المسلمة حتى فى شكل لباس أفرادها، فى الوقت الذى تحاول أن تملى على دول أخرى ما يجب أن تفعله عندما يتعلق الأمر بخياراتها الوطنية.
فرنسا الجديدة التى ضاقت ذرعا حتى بأبنائها من الجيلين الثالث والرابع للهجرة، إلى درجة أن الأمم المتحدة دقت ناقوس الخطر بشأن انتشار العنصرية بها، مازالت بعض نخبها تتقمص دور «الوصى» على شعوب ودول أخرى من دون مراعاة لمبادئ احترام السيادة والاستقلال.
وأصبح يستشف من مقالات بعض وسائل الإعلام الفرنسية وحتى الكتاب والسياسيين فى باريس، وجود ما يمكن تسميته «فوبيا» من موجة مناهضة فرنسا فى مستعمراتها القديمة، بالنظر إلى ما تشهده القارة السمراء من تحولات كبيرة فى هذا الاتجاه.

النص الأصلي

التعليقات