ما التبرير؟ ولماذا نلجأ إليه؟ ومن يسعى دائما إلى التبرير؟
التبرير فى حياتنا العامة هو محاولة إيجاد وإضفاء تفسير أو مبرر أو عذر على موقف ما، لم يلقَ قبولاً أو استحسانا، أو بعد خطأ قد يكون مقصودا أو لا.
وتتفاوت التبريرات من إنسان لآخر، فهناك من يستخدم المنطق والحقائق التى تستعجل له القبول، وقد يكون السماح.
إلا أنه مهما كان التبرير أو التفسير منطقيًا أو مقبولًا، إلا أنه بالنهاية هو محاولة للهروب من مواجهة الموقف والناس، والأهم من ذلك كله، محاولة للتنصل من المسئولية.
من يخشى المواجهة هو من يخجل أن يُظهر صورته الحقيقية وتقصيره أو خطأه بشكل مباشر.. لذلك فهو يسعى دائمًا إلى تلميع صورته أمام الآخرين، حتى لو كان على حساب الصدق والحقيقة.
من لا يملك الشجاعة للاعتراف بتقصيره وخطئه، غالبا ما يلجأ للأعذار والحجج، عوضا عن الاعتراف المباشر بما اقترفه من تقصير أو أخطاء. إلا أن هذه الأعذار والتبريرات لا بد أن تذوب يوما لتظهر قمة الحقيقة.
والتبرير المستمر غالبا ما يكون طريقا مفتوحة تزيد من ضعف الثقة بهذا الشخص، مما يجعله إنسانا فاقدا للمصداقية والقبول شيئا فشيئا.
وحتى يصبح التبرير قوة، هناك شروط لابد منها، وهى أن يكون مرفقا باعتراف وتحمّل للمسئولية وشرح واقعى لأسباب التأخير أو التقصير، مع التزام جاد وواضح بالإصلاح، حينها يصبح التبرير وسيلة للتوضيح لا للهروب.
التبرير لا يوقف الخطأ فحسب، بل يحميه ويغذيه. فحين يبرر وزير أو مسئول عجز وزارته أو جهته بالظروف أو الإمكانات، فهو يرسل رسالة أن الخلل باقٍ ولن يُعالَج.
وحين تُبرر المؤسسات تقصيرها بروتين القوانين، فهى تفتح الباب للمزيد من التراجع والبقاء فى المكان نفسه.
الموظف الذى يبرر تقصيره، بالأعذار تتحول عنده كل فرص الإصلاح إلى الإغراق فى دوامة الأعذار والتراجع بالأداء والإنتاج.
لم يحدث أن تطورت ونهضت الأمم التى لا تخطئ، بل تلك التى تمتلك الجرأة لتقول: نعم أخطأنا، وسنصحح أخطاءنا بعد أن نعترف بها، لأن الاعتراف بالخطأ قوة.
لن نعرف طريق الإصلاح ما لم نكسر هذه القاعدة: لا للتبرير.. نعم للاعتراف والمراجعة.
كل خطوة للأمام تحتاج إلى وضوح، والوضوح لا يبدأ إلا من مواجهة الحقيقة بلا أقنعة.
إقبال الأحمد
صحيفة القبس الكويتية