أصبحت التشريعات الرياضية جزءًا من خطط التنمية والتخطيط لاقتصادات الدول، حيث تقوم التشريعات الرياضية بتنظيم وتسيير النشاط الرياضى على أحسن وجه لتحقيق القيمة المضافة من المجال الرياضى، وتقوم كل دولة بسن قوانين وتشريعات وفقًا لطبيعة المجتمع الذى تتواجد فيه والظروف المحيطة به، وذلك تماشيًا مع الوضعية الاقتصادية والاجتماعية السائدة.
وتشمل البيئة التشريعية للقطاع الرياضى فى مصر مجموعة من اللوائح والقوانين التى تهدف إلى تنظيم الرياضة، وضمان النزاهة والشفافية، وتعزيز المشاركة الرياضية؛ حيث تحدد البيئة التشريعية للقطاع الرياضى الإطار القانونى للأنشطة الرياضية، وتعزز من دور الهيئات الرياضية.
أول تشريع رياضى صدر فى عهد الملك فاروق .. وعبد الناصر والسادات اعتمدا «فلسفة التوجيه»
قانون «السبعينيات» استمر العمل به لأكثر من 40 عاما.. و«2017» صدر لتحريك المياه الراكدة»
حرصت معظم الدول على أن تتضمن دساتيرها نصوصًا صريحة تدعو إلى ضرورة الاهتمام بالرياضة والتزام الدولة بها كوســيلة تربوية للنشء والشباب، وحينما كان الدستور هرم التشريع الأساسى للدولة فوفقًا لما يخوله الدستور تصدر التشريعات المنبثقة منه سواء كانت قوانين أو نظمًا أو لوائح أو قرارات، وكل منها يُصاغ بواسطة السلطة التشريعية أوالأجهزة التنفيذية فى الدولة حسب قوتها.
شهدت الأيام الماضية صعود أزمة قانون الرياضة من جديد على الساحة، ليفتح المجال أمام الحديث عمن له الدور فى التحكم فى الرياضة والأندية والاتحادات، بالإضافة إلى الحديث عن التدخل الحكومى، وهو ما دفع اللجنة الأولمبية الدولية إلى مخاطبة الأولمبية المصرية ووزارة الشباب والرياضة بضرورة إرسال التعديلات المزمع إجراؤها فى القانون وضرورة مطابقتها للوائح الدولية.
«الشروق» قررت فتح الملف منذ البداية، متى ظهر قانون الرياضة فى مصر والأسباب التى دفعت لذلك.. وما الأطراف المعنية بالقانون.. وما السلطة الأعلى والمتحكمة فى الجميع رياضيًا؟
ظهور قانون الرياضة
تنوعت النظم السياسية التى سيطرت على مصر، وهو ما أثر على السياسات التشريعية (القوانين - اللوائح - القرارات) التى تطبقها داخل مؤسسات ومنظمات الدولة وبالتالى تتأثر بها أيضًا المنظمات الرياضية المصرية.
فى عهد الملكية
لأهمية الرياضة أصبح من الواجب تنظيمها تنظيمًا كاملًا من الناحية القانونية واهتمت المؤسسات الدولية الرياضية، وعلى رأسها اللجنة الأولمبية الدولية إلى توجيه دول العالم إلى إصدار التشريعات الرياضية التى تنظم الرياضة بما يتسق مع الميثاق الأولمبى الدولى تحقيقا للمبادئ الأولمبية.
فى مصر كان أول تشريع رياضى يصدر منظمًا للتربية الرياضية وكأس التفوق عام 1925، ثم صدر قانون الأندية رقم 152 لسنة 1949، فى عهد الملك فاروق، والذى تم نشره فى العدد 119 بالوقائع المصرية الصادر فى 12 سبتمبر 1949 بعد التصديق عليه من قبل مجلس الشيوخ ومجلس النواب، والذى يعد أول قانون صدر لتنظيم عمل الأندية فى مصر.
هو الذى ينظم شئون الأندية والتى من بينها الأندية الرياضية، حيث لم يفرق القانون بين الأندية أيًا فيها الأندية الرياضية، ولم يتدخل هذا القانون فى وضع لائحة موحدة للأندية، حيث ترك لكل ناد الحرية فى وضع اللائحة الخاصة به (على أن يُعاد إشهار النادى على أساس لائحته الخاصة به)، كما لم يضع هذا القانون شروطًا خاصة للحصول على عضوية الأندية أو مجالس إدارتها لم يحرمها إلا على الأشخاص الذين أدانهم القانون المدنى فى إحدى الجرائم الجنائية.
وتضمن القانون 24 مادة منها 9 مواد خاصة بالأندية ولائحة النظام الأساسى للنادى وشروط العضوية واشتراكات الأعضاء واختصاصات مجلس الإدارة واختصاصات الجمعية العمومية، كما أشار القانون إلى أنه لا يجوز فتح نادٍ أو نقله من مكان إلى آخر إلا بعد إبلاغ المحافظة، وذلك بكتاب موصى عليه قبل فتح النادى أو نقله بثلاثين يومًا على الأقل.
وحدد القانون الأسباب التى يكون للمحافظ حق المعارضة فى فتح النادى أو نقله كما حددت المادة «7» من القانون يجب أن يكون لكل نادٍ مجلس إدارة يختار من بين أعضائه، ويكون مسئولًا أمامهم عن تصرفاته المالية والإدارة، ويختار مجلس الإدارة من بين أعضائه عضوًا مندوبًا للإدارة يكون مسئولًا عن تنفيذ أحكام هذا القانون وتبلغ المحافظة أو المديرية هذا الاختيار مع إقرار من العضو المختص بقبول المهمة، ويجب أن يراعى عند انتخاب مجالس الإدارة للأندية الذى يشترك فى عضويتها مصريون وأجانب أن تكون نسبة عدد الأعضاء المصريين فى مجلس الإدارة مماثلة على الأقل لنسبتهم إلى مجموع الأعضاء المشتركين.
تم قرر القانون فى المادة «12» إلغاء لعب القمار لغير الأعضاء الذين أمضوا فى عضوية النادى ستة أشهر على الأقل، كما أنه لا يجوز تقديم مشروبات روحية أو مخموة فى النوادى بغير الحصول على تراخيص.

كما حدد القانون مواعيد فتح الأندية فى المدن وفى القرى حيث ذكرت المادة «14» أنه لا يجوز فى المدن فتح الأندية قبل الساعة السادسة صباحًا وبعد منتصف الليل من 15 أكتوبر إلى 14 أبريل ولا قبل الساعة الخامسة صباحًا وبعد الساعة الواحدة صباحًا من 15 أبريل إلى 14 أكتوبر، أما فى القرى فيكون ميعاد إغلاقها فى المدة الأولى من الساعة التاسعة مساءً وفى المدة الثانية من الساعة العاشرة مساء.
وأوضحت المادة «16» من القانون ضرورة أن يكون لكل نادٍ سجلات مختومة بخاتم المحافظة أو المديريرة على كل صفحة من صفحاتها لقيد إيراداتها ومصروفاتها.
وفى المادة «19» يجوز للنادى بموافقة وزارة الشئون الاجتماعية قبول الوصايا والهبات والتبرعات بشرط ألا تكون مقيدة بقيود تنافى الأغراض التى أنشئ النادى من أجلها، ولوزارة الشئون الاجتماعية حق الإشراف المالى على هذه الأندية للتثبت من أن أموالها تصرف فى الأغراض التى أنشئت من أجلها.
بعد ثورة يوليو
بعد انتهاء عصر الملكية ودخول مصر عصرًا جديدًا بثورة 23 يوليو 1952، وتحول مصر إلى جمهورية وافق مجلس الوزراء فى 23 يونيو 1954 على إنشاء المجلس الأعلى لرعاية الشباب والتربية الرياضية كإحدى اللجان الرئيسية للمجلس الدائم للخدمات العامة وبرئاسة السيد كمال الدين حسين وزير الشئون الاجتماعية فى ذلك الوقت، وصدر القانون 197 لسنة 1956، والخاص بإنشاء مجلس أعلى لرياضة الشباب والتربية الرياضية، وتم نشره فى العدد 36 مكرر (ج) «غير اعتيادى» بجريدة الوقائع المصرية، فى 6 مايو 1956، ونص فى المادة الأولى منه: ينشأ مجلس أعلى لرعاية الشباب والتربية الرياضية، ويكون هيئة مستقلة لها الشخصية الاعتبارية، ويلحق بمجلس الوزراء وله فروع فى الأقاليم.
وحدد القانون مهام عمل المجلس بنشر التربية الرياضية بجميع أنحاء الجمهوية ووضع الأسس والمبادئ العامة لبرامج الألعاب والتربية الرياضية والعمل على النهوض بمستوى الألعاب الرياضية.
قد نصت المادة «4» من هذا القانون على «للمجلس الأعلى حق الإشراف على المنظمات الأهلية المعنية بشئون التربية الرياضية والاجتماعية والقومية ضمانًا لتنفيذ سياساته»، وكان هذا يمثل خضوع الأندية الرياضية لإشراف المجلس الأعلى لرعاية الشباب والتربية الرياضية بمقتضى نص هذه المادة.
وفى المادة «5» يؤلف المجلس من رئيس مجلس الوزراء أو من ينوب عنه من مجلس الوزراء - رئيسًا، ووزراء التربية والتعليم والشئون الاجتماعية والعمل، والشئون البلدية والقروية، سكرتير عام يعين بقرار من مجلس الوزراء بناء على ترشيح رئيس المجلس، وممثلى الهيئات الحكومية الآتية (وزارة التربية التعليم ممثلة بثلاثة أعضاء، وزارة الشئون الاجتماعية ممثلة بعضوين، ووزارة الشئون البلدية والقروية ممثلة بعضوين، ووزارة الحربية ممثلة بعضوين، ووزارة الداخلية ممثلة بعضو واحد ووزارة الإرشاد القومى ممثلة بعضو واحد ووزارة الصحة العمومية ممثلة بعضو واحد ووزارة المالية والاقتصاد ممثلة بعضو واحد ويعين هؤلاء باتفاق رئيس المجلس والوزير المختص، رئيس الاتحاد الرياضى العام للجامعات المصرية والأزهر.
ونصت المادة «7» أن يقدم المجلس تقريرًا سنويًا مفصلًا عن أوجه نشاطه ومشروعاته وما تم تنفيذه منها إلى مجلس الوزراء فى موعد غايته أول أكتوبر من كل عام.
1956 وأول قيد على الأندية الرياضية
وفى نفس العام صدر القانون رقم 384 لسنة 1956 والخاص بالجمعيات والمؤسسات الخاصة، والذى حدد تبعية الأندية، ومن بينها الأندية الرياضية إلى وزارة الشئون الاجتماعية واعتبارها الجهة الإدارية للأندية الرياضية ما يعنى خضوع الأندية للازدواجية فى الإشراف عليها.
حيث نصت المادة «4» من القانون باعتبار مجالس إدارة الجمعيات والمؤسسات الخاصة ذات النفع العام القائمة وقت العمل بهذا القانون، وكذلك هيئاتها التنفيذية منحلة ويجب إعادة تشكيلها وفقًا لأحكام القانون المرافق فى ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ شهرها.
وفى المادة «5» تستمر مجالس الإدارات وقت العمل بهذا القانون وهيئاتها التنفيذية فى مباشرة أعمالها بصفة مؤقتة إلى أن يتم تشكيل المجالس والهيئات الجديدة.
وأغفل القانون ذكر النادى صراحة وعرفه من خلال تعريف الجمعية، وهو ما قد يحدث ارتباكا فى أهداف النادى عن الجمعيات الخيرية.
كما شهد القانون أول قيد على الأندية الرياضية، حيث أشارت المادة «3» إلى أنه يجب ألا يشترك فى تأسيس أو الانضمام إلى عضوية الأندية أى من الأشخاص الممنوعين من مباشرة الحقوق السياسية، وفى المادة «27» يشترط فى عضو مجلس الإدارة أن يكون متمتعًا بحقوقه المدنية والسياسية ويُستثنى من ذلك الطلبة فى معاهد التعليم.
وفى 1958، أعلن جمال عبدالناصر، رئيس الجمهورية، سريان قانون إنشاء مجلس أعلى لرعاية الشباب والتربية الرياضية فى الإقليم المصرى على الإقليم السورى فى ظل الوحدة بين مصر وسوريا بقرار رئاسى رقم 825 لسنة 1958، وتم نشره فى العدد 22 من الجريدة الرسمية فى 7 أغسطس 1958.
وأصدر جمال عبدالناصر قرارًا جمهوريًا رقم 1773 لسنة 1959 بشأن اللجنة الأولمبية للجمهورية العربية المتحدة واعتبارها من الهيئات ذات الخاصة ذات النفع العام، ويكون لها الشخصية الاعتبارية طبقًا لنظامها الأساسى الذى يعتمده وزير الشئون الاجتماعية والعمل المركزى، ويكون للجنة رئيس يعين بقرار جمهورى.
1963 تنظيم اللجنة الأولمبية واتحادات اللعبات الرياضية
وصدر بعدها القانون رقم 129 لسنة 1963، والخاص بتنظيم اللجنة الأولمبية واتحادات اللعبات الرياضية بالجمهورية العربية المتحدة، وتم نشره فى العدد 201 بالجريدة الرسمية الصادر فى 5 سبتمبر 1963، حيث اشترط عدم تكوين اتحاد لعبة رياضية إلا إذا اشترك فيه ست هيئات أو أندية على الأقل لها نشاط فى هذه اللعبة وملعب خاص مستوفى الشروط القانونية وفقًا للقوانين الدولية المنظمة لها.
كما حددت المادة «10» مدة مجلس إدارة اللجنة الأولمبية وكذلك مجلس إدارات اتحادات اللعبات الرياضية أربع سنوات، بحيث يجرى انتخاب كل مجلس منها عقب كل دورة أولمبية سواء أقيمت هذه الدورة أو لم تقم وسواء اشتركت فيها الجمهورية العربية المتحدة أو لم تشترك وفى المادة «11» يكون وزير الدولة للشباب هو الجهة المختصة بالنسبة إلى اللجنة الأولمبية والاتحادات والأندية.
أول قانون تصدره جهة متخصصة بنشاط الشباب
ثم صدر القانون رقم 26 لسنة 1965؛ بشأن الهيئات الخاصة العاملة فى ميدان رعاية الشباب والرياضة، وجاء هذا القانون فى 109 مواد واحتوت على تسعة أبواب متنوعة شملت جميع المنظمات الخاصة العاملة فى ميدان رعاية الشباب، وقد أفرد القانون بابًا أو فصلًا كاملًا لكل هيئة بمفردها بما فيها الأندية الرياضية، ويعتبر هذا القانون هو الأول الذى تصدره جهة «هيئة» متخصصة بنشاط الشباب ورعايته.
وأعطى القانون الجمعية العمومية للأندية الحق فى تحديد صحة اجتماعاتها عن طريق النص على ذلك لائحة النظام الأساسى الخاص بكل نادٍ على حدة مع تفويض الممثل الشرعى لها «مجلس الإدارة» فى ممارسة سلطاتها فى حالة عدم اكتمالها فى الاجتماع الثانى.

كما أجاز القانون للجهة الإدارية المختصة أن تعترض على أسماء المرشحين لعضوية مجلس الإدارة سواء كانت هذه العضوية بالانتخاب أو بالتعيين مع إجازة أن للمعترض عليه التظلم إلى وزير الشباب ويعتبر قراره فى ذلك نهائيًا، وهو ما يعنى إلغاء النص الخاص بمنع من لا يتمتع بحقوقه السيادية من عضوية الأندية الرياضية أو عضوية مجالس إدارتها وإن حفظ حق الجهة الإدارية الاعتراض على بعض المرشحين وربما يكون ذلك على غير رغبة الجمعية العمومية للنادى الرياضى، ويعد هذا اعتداء مباشرًا على الحقوق السيادية لأعضاء النادى فى الترشح لعضوية أو رئاسة مجلس الإدارة.
كما منح القانون وزير الشباب حق إدماج أى هيئة من الهيئات العاملة فى ميدان رعاية الشباب فى هيئة أخرى تشابهها فى الأغراض إذا تبين أنها أصبحت غير قادرة على تحقيق أهدافها أو خدمة البيئة أو إذا أصبحت عاجزة عن الوفاء بتعهداتها أو خصصت أموالها أو متى ارتكبت مخالفة جسيمة لأحكام هذا القانون أو لنظامها الأساسى أو لوائحها الداخلية أو فقدت أى عنصر من عناصر إنشائها.
كما حدد القانون مدة مجلس الإدارة حيث لا تقل عن سنة ولا تزيد على أربع سنوات، كما لا يجوز الجمع بين عضوية مجلس الإدارة فى أكثر من هيئة تستهدف فى تحقيق نشاط نوعى واحد، كما لا يجوز الجمع بين عضوية مجلس الإدارة والعمل للهيئة بأجر.
كما منح القانون وزير الشباب أن يصدر قرارًا مسببًا بحل مجلس إدارة أى هيئة وتعيين مجلس إدارة مؤقت لمدة سنة على الأقل قابلة للتجديد.
وفى الفصل الثالث الخاص بالأندية والهيئات الرياضية منح القانون وزير الشباب الحق فى تحديد مواعيد فتح وإغلاق الأندية الرياضية، كما أنه لا يجوز للنادى أن يقوم بإجراء مفاوضات أو اتصالات مع أفراد أو هيئات أجنبية فى الخارج إلا بعد الحصول على موافقة وزارة الشباب.

علاقة الدولة بالرياضة
المدرسة الأولى
تعطى الأولوية لدور الدولة وهى المدرسة التى كانت سائدة منذ ثورة 23 يوليو 1952، بوجود كيان حكومى معنى بالرياضة والاحتكام إلى إطار تشريعى قوى يجعل الدولة هى المحرك للنشاط الرياضى.
المدرسة الثانية
تعطى الأولوية للأندية والاتحادات الرياضية بأن تديرها جمعياتها العمومية المستقلة ومجالس إداراتها المختلفة تحت مظلة اللجنة الأولمبية بعيدًا عن التدخل الحكومى المتمثل فى وزارة الشباب والرياضة.
المدرسة الثالثة
تعتمد على التكامل بين أجهزة الدولة بمعنى استقلالية الاتحادات والأندية من خلال جمعيات عمومية لكن مع وجود دور إشرافى للدولة ممثلة فى وزارة الشباب والرياضة.
العلاقة بين الأجهزة الحكومية والهيئات الأهلية فى المجال الرياضى
تمثل الرياضة قطاعًا حيويًا من القطاعات النشطة فى الدولة، وذلك لقوة وكثرة وتنوع المنظمات العاملة فى ذلك المجال، حيث تتشكل الرياضة المصرية من قطاعات مختلفة (حكومية/أهلية/خاصة)، وهذه القطاعات تحتوى العديد من المنظمات (اللجنة الأولمبية الوطنية/الأندية الرياضية/ الاتحادات الرياضية/شركات الخدمات الرياضية/الكيانات الرياضية.. وغيرها)، التى تؤثر فى الاقتصاد المصرى، كما تتأثر به أيضًا، وتعتمد منظومة الرياضة المصرية على النادى الرياضى بشكل أساسى كأهم ركائز المنظومة الرياضية المصرية.
السادات.. صاحب قانون الرياضة الأطول بقاء
بعد وفاة جمال عبدالناصر تولى أنور السادات رئاسة الجمهورية، استمر العمل بالقانون رقم 26 لسنة 1965، بشأن المنظمات الخاصة العاملة فى ميدان رعاية الشباب حتى صدر القانون رقم 41 لسنة 1972؛ بشأن الهيئات الخاصة العاملة فى ميدان رعاية الشباب والرياضة.
أصدرت الدولة المصرية فى هذه الفترة مجموعة من التشريعات والقوانين واللوائح كانت استمرارًا لما سبقها من تشريعات وقوانين، حيث جاءت أغلبها مطابقة فى الأبواب والفصول والنصوص، ولم يختلف كثيرًا عن القانون رقم 26 لسنة 1965، حيث تمثلت أغلب التعديلات فى إلغاء عبارتى (وزارة الشباب/ وزير الشباب) وإحلال مكانهما عبارتى (الجهة الإدارية المختصة/ رئيس الجهة الإدارية المختصة).
«1975» يهدم ما كان قبله
لم يستمر العمل بالقانون رقم 41 لسنة 1972 لمدة 3 سنوات، قبل أن يصدر القانون رقم 77 لسنة 1975؛ بشأن الهيئات الخاصة للشباب والرياضة والذى ألغى جميع القوانين الرياضية السابقة عليه عدا القانون رقم 152 لسنة 1949، ونظم القانون العمل الرياضى فى مصر لمدة 42 سنة.
القانون جاء فى 9 أبواب كاملة، اشتمل ماهية الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة وامتيازاتها والإشراف والرقابة على الهيئات، والجمعيات العمومية وموارد الهيئة وكيفية استغلالها وطرق الرقابة عليها وفصل خاص بالنشاط الرياضى خاص باللجنة الأولمبية واتحادات اللعبات الرياضية والأندية والهيئات الرياضية ثم باب خاص بالحركة الكشفية ثم باب خاص ببيوت الشباب ثم الاتحادات النوعية ومراكز الشباب.
وحددت المادة رقم «1» الهيئة العاملة فى ميدان رعاية الشباب والرياضة بأنها كل جماعة ذات تنظيم مستمر تتألف من عدة أشخاص طبيعيين أواعتباريين لا تستهدف الكسب المادى ويكون الغرض منها تحقيق الرعاية للشباب وإتاحة الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم، وذلك عن طريق توفير الخدمات الرياضية والقومية والاجتماعية والروحية والصحية والترويجية فى إطار السياسة العامة للدولة والتخطيط الذى يضعه المجلس الأعلى للشباب والرياضة، ونصت المادة (4) من الفصل الأول على أن: «للجهة الإدارية المركزية المُختصة أن تضع أنظمة أساسية نموذجية للهيئات الخاضعة لأحكام هذا القانون، تعتمد بقرار من الوزير المُختص»، وكذلك نصَّت المادة (25) من هذا القانون على أنه: «تخضع الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة ماليًّا وإداريًّا وفنيًّا وصحيًّا لإشراف الجهة الإدارية المُختصة ولهذه الجهة -فى سبيل تحقيق ذلك- التثبت من عدم مخالفة القوانين والنظام الأساسى للهيئة، وقرارات الجمعية العمومية وعدم مخالفة الهيئة لسياستها فى مجال أنشطة وخدمات الشباب والرياضة، ولها فى سبيل ذلك الاطلاع على كل دفاتر الهيئة ومستنداتها ومتابعة أنشطتها، كما اشترطت المادة «51» من القانون «موافقة» الجهة المختصة على التبرعات والهبات والوصايا.

وفى الجزء الخاص بالجمعيات العمومية، وتحديدًا المادة «28» منح القانون الوزير المختص الحق فى تعيين مجلس إدارة مؤقت من بين أعضاء الهيئة لمدة لا تزيد على ستة أشهر ويتولى هذا المجلس الاختصاصات المخولة لمجلس الإدارة والجمعية العمومية إذا لم تنعقد الجمعية العمومية بسبب عدم تكامل العدد القانونى وكان من ضمن جدول الأعمال انتخاب مجلس إدارة.
ونصت المادة «35» يجب إخطار الجهة الإدارية المختصة بكل اجتماع للجمعية العمومية وجدول الأعمال وصورة من مرفقاته فى الموعد الذى تحدده لائحة النظام الأساسى، ويجوز لهذه الجهة أن تنتدب عنها من يحضر الاجتماع، كما يجب إبلاغ هذه الجهة بصورة من محضر اجتماع الجمعية العمومية خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ الاجتماع على الأكثر.
كما منح القانون الحق للجهة الإدارية أن توفد مندوبًا عنها لحضور اجتماعات مجلس الإدارة للإدلاء بوجهة نظرها فى موضوع معين ترى أن المصلحة العامة تقتضى بحثه مع المجلس ولهذا المندوب حق الاشتراك فى مناقشة هذا الموضوع دون التصويت فيه، كما للوزير المختص أن يصدر بنفسه قرارًا مسببًا بحل مجلس الإدارة وتعيين مجلس مؤقت لمدة لا تجاوز سنة يتولى الاختصاصات المخولة لمجلس إدارتها فى نشاطها، كما يجوز لرئيس الجهة الإدارية المختصة إعلان بطلان أى قرار يصدره مجلس الإدارة يكون مخالفًا لأحكام القانون أو للقرارات المنفذة له أو لنظام الهيئة أو لأية لائحة من لوائحها.
أوضحت «المادة 40» من القانون أنه على مجلس الإدارة القائم التحقق من توافر الشروط فى المرشحين لعضوية مجلس الإدارة وإخطار الجهة الإدارية المختصة بملاحظاته عليهم، وقد منحت هذه المادة للجهة الإدارية المختصة الحق فى استبعاد من لم تتوافر فيهم هذه الشروط، كما للوزير المختص أن يضم إلى عضوية مجلس الإدارة ثلاثة أعضاء على الأكثر من ذوى الخبرة تكون لهم كل حقوق العضوية.
وهذه المواد تسهل حل مجالس إدارة المنظمات الرياضية بما فيها الأندية الرياضية التى تخالف توجيهات أو ملاحظات الجهة الإدارية، حيث إنه لم توجد وقتها سياسة مكتوبة ومحددة من قبل الجهة الإدارية لتقوم المنظمات الرياضية بتنفيذها وبصفة عامة كان الغرض الرئيسى من إصدار كل هذا العدد من القوانين فى فترة زمنية قصيرة نسبيًا هى إحكام سيطرة الدولة (ممثلة فى الجهة الإدارية المختصة) على المنظمات الرياضية ذات الطبيعة الأهلية، ومن أهمها الأندية الرياضية بكثرة عددها وانتشارها فى جميع محافظات مصر خاصة المحافظات المهمة، مثل محافظات القاهرة الكبرى والإسكندرية.
بعدها صدر القانون رقم 51 لسنة 1978، كتعديل للقانون السابق بشأن المنظمات الخاصة للشباب والرياضة والخاص بالمواد «2» و«24» و«25» و«26» و«27» و«28» و«33» و«40» و«41» و«53» و«64» و«101» و«105» من القانون رقم 77 لسنة 1975.
وجاءت المواد استكمالًا لسيطرة الدولة على الهيئات الخاصة للشباب والرياضة، حيث منحت الجهة الإدارية المركزية المختصة أن تضع أنظمة أساسية نموذجية للهيئات الخاضعة لأحكام هذا القانون تعتمد بقرار من الوزير المختص.
ونص القانون على خضوع الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة ماليًا وتنظيميًا وإداريًا وفنيًا وصحيًا لإشراف الجهة الإدارية المختصة.
كما منح القانون الوزير المختص الحق فى حالة الضرورة التى لا تحتمل التأخير ولمقتضيات الصالح العام أن يصدر قرار الحل فورًا دون اتباع الإجراءات المنصوص عليها ولمجلس الإدارة ولكل عضو فيه حق الطعن فى قرار الحل أمام محكمة القضاء الإدارى، وذلك خلال المواعيد.

«2017»..تنفيذ مطالب اللجنة الأولمبية الدولية
وأخيرًا وتنفيذًا لمطالبات اللجنة الأولمبية الدولية المستمرة صدر قانون الرياضة رقم 71 لسنة 2017، محققا لمبدأ أولمبى مهم، وهو «استقلال الرياضة وديمقراطية الهيئات الرياضية»، والذى أعطى الهيئات الرياضية الحق فى وضع أنظمتها الأساسية الخاصة بها من خلال تعظيم دور الجمعيات العمومية، حيث سمح لها بوضع لائحة النظام الأساسى للمنظمة الرياضية، واحتفظ القانون لوزارة الشباب والرياضة بدور الإشراف المالى والرقابى، وقد فعل القانون عمل هذه الهيئات دون تدخل فنى فى شئونها وقد فعل من دور اللجنة الأوليمبية المصرية، وأشهر هيئات رياضية جديدة وقنن أوضاع القائم منها.
وجاء هذا القانون فى عشرة أبواب؛ تناول فيها على الترتيب، الهيئات الرياضية، واللجنة الأولمبية المصرية والاتحادات الرياضية، والنشاط الرياضى للشركات والمصانع، والنشاط الرياضى بالمدارس والجامعات، والاتحادات النوعية، والممارسة الرياضية العامة، وتسوية المنازعات الرياضية، والاستثمار الرياضى، والعقوبات.
وهذا القانون نظم ولأول مرة تسوية المنازعات الرياضية فى الباب السابع منه، وأنشأ مركز التسوية وتحكيم المنازعات الرياضية، حيث تلجأ إليه الهيئات سواء الجهة الإدارية المختصة أو أى هيئة رياضية أخرى أو أى فرد متضرر من القرار إذا رغبت فى إبطال أى قرار يلحق ضررًا بها تصدره الجمعية العمومية للهيئة الرياضية، وترى أنه خالف أحكام القانون أو القرارات المنفذة له، كما نظم للمرة الأولى أيضًا الاستثمار الرياضى فى الباب الثامن منه؛ وقصر ممارسة الاستثمار الرياضى على شركات المساهمة التى تأخذ ترخيصًا بالعمل فى مجال الخدمات الرياضية.
كما وسع القانون سلطات الجمعيات العمومية من خلال منحها الحق فى وضع لائحة النظام الأساسى للمنظمة، كما ضعف من رقابة وزارة الشباب والرياضة على المنظمات الرياضية وجعلها مقتصرة على الرقابة المالية والإدارية ومنح باقى عناصر الرقابة إلى اللجنة الأولمبية المصرية، كما أرجع إليها نشاط رياضة البطولة، واقتصر دور وزارة الشباب والرياضة على الشق المتعلق بالممارسة العامة للرياضة بتنفيذ البرامج والمبادرات المختلفة سواء من خلال الأندية الرياضية أو مراكز الشباب فضلًا عن الدور المتعلق بالإشراف المالى والرقابى على الهيئات الرياضية.
كذلك منح القانون الحق للأندية الرياضية فى إنشاء فروع لها فى شكل شركات مساهمة (فروع تهدف للربح) يشارك فيها النادى وأعضاؤه والمستثمرون، واشترط القانون فقط إخطارًا ليس الحصول على موافقة، كما كان فى القانون السابق الجهة الإدارية لتلقى الإعانات والتبرعات والهبات المقدمة من أشخاص طبيعيين أو اعتباريين.
كما خصص القانون بابًا مستقلًا للاستثمار فى المجال الرياضى، والذى أعطى الحق للهيئات الرياضية الخاضعة للقانون وبموافقة الجهة الإدارية المركزية (وزارة الشباب والرياضة) فى إنشاء شركات مساهمة تطرح أسهمها للجمهور ويجوز قيدها بالبورصة شريطة تأكد الوزارة من أن ذلك لا يؤثر على الخدمات الرياضية التى تقدمها هذه الهيئات، وكذلك الحق فى إنشاء فروع للأندية الرياضية فى شكل شركات مساهمة يشارك فيها النادى وأعضاؤه والمستثمرون.
تم نشر القانون فى العدد 21 مكرر (ب) بالجريدة الرسمية الصادر فى 31 مايو 2017، وقام بإلغاء الأحكام الخاصة بالرياضة المنصوص عليها بالقانون رقم 77 لسنة 1975، كما ألغى كل نص يخالف أحكام هذا القانون.
ومن هذا المنطلق، فقد شهد القطاع الرياضى فى مصر تطورًا جذريًّا منذ عام 2017، وذلك مع إصدار قانون الرياضة الجديد رقم 71 لسنة 2017، والذى حول دور الدولة بهذا القطاع إلى دور إشرافى من خلال وزارة الشباب والرياضة، ومنح استقلالية للحركة الرياضية، وذلك بخلاف ما كان يتم العمل به فى قانون الرياضة القديم رقم 77 لسنة 1975؛ حيث نص القانون الجديد فى المادة (3) بالفصل الأول على أنه: «تتولى الجمعيات العمومية للجنة الأولمبية المصرية واللجنة البارالمبية المصرية والأندية الرياضية والاتحادات المصرية وأعضاء الجمعيات العمومية للاتحادات الرياضية وضع أنظمتها الأساسية بما يتوافق مع الميثاق الأولمبى والمعايير الدولية المعمول بها فى هذا الشأن».
كما نصت المادة (14) بالفصل الثالث من القانون على أن: «للجهة الإدارية المختصة مراقبة المنشآت الرياضية التابعة للهيئات الرياضية للتأكد من تطبيق المعايير المعتمدة فى إجراءات الأمن والسلامة والخدمات الخاصة بتلك المنشآت، ولها أن تصدر إنذارًا بالمخالفات حال عدم توافر معايير الأمن والسلامة وطلب إغلاق المنشأة، على أن يصدر قرار غلق المنشأة من الوزير المختص مسببًا».
الهيئات الرياضية بين عبد الناصر والسادات
المجلس الأعلى لرعاية الشب
بقرار الرئيس جمال عبدالناصر فى 21 مارس 1956 بنقل تبعية المجلس الأعلى لرعاية الشباب والتربية الرياضية المباشرة إلى مجلس الوزراء وفصله عن وزارة الشئون الاجتماعية يعتبر من أولى المحاولات الجادة لتنظيم العمل الشبابى والرياضى فى مصر وتوحيد جميع الهيئات الشبابية والرياضية الموجودة فى عضويته، وصدر تعديل لبعض أحكام القانون رقم 197 لسنة 1956، والخاص بإنشاء المجلس الأعلى لرعاية الشباب والتربية الرياضية بقرار من رئيس الجمهورية حيث تم استبدال نص المادة «12» من القانون رقم 197 لسنة 1956 المشار إليه النص الآتى: يضع المجلس اللائحة الداخلية لتنظيم أعماله ولجانه، كما يضع مشروع اللائحة المالية، ويصدر بهذه اللائحة قرار من رئيس الجمهورية، ويعمل بهذا القرار من تاريخ نشره فى الجريدة الرسمية.
وتم نشر التعديل فى العدد 71 من جريدة الوقائع المصرية الصادر فى 12 سبتمبر 1957.
المجلس الأعلى للشباب والرياضة
فى عام 1979 أصدر رئيس الجمهورية قرارًا جمهوريًا رقم 497 بشأن إنشاء هيئة عامة تسمى المجلس الأعلى للشباب والرياضة تتبع وزير الدولة للشباب والرياضة يكون مقرها مدينة القاهرة يهدف إلى توفير فرص النمو المتكامل والارتقاء بالمستوى الصحى والنفسى والاجتماعى للنشء والشباب عن طريق النشاطات المختارة الرياضية والاجتماعية والفنية والثقافية مع التركيز على دعم وتأصيل القيم الروحية والدينية والسلوك والخلق الاجتماعى والديمقراطى وتنظيم استثمار أوقات الفراغ والطاقة الخلاقة لدى النشء والشباب لما فيه خدمة الفرد والمجتمع على أن تكون للمجلس الأعلى للشباب والرياضة موازنة خاصة على نمط موازنات الهيئات العامة طبقًا لأحكام قانون الموازة العامة للدولة رقم 53 لسنة 1973.
كما صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 502 لسنة 1978 بتكليف وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء ووزير الدولة للحكم المحلى الوزير المختص بشئون الشباب والرياضة.
صندوق التمويل الأهلى لرعاية النشء
فى نهاية عهد السادات صدر قانون رقم 5 لسنة 1981، والخاص بإنشاء صندوق التمويل الأهلى لرعاية النشء والشباب والرياضة يتولى تمويل ما يحتاجه النشء والشباب والرياضة وفق ما يراه المجلس الأعلى للشباب والرياضة وطبقًا للائحة الداخلية للصندوق، وتكون له الشخصية الاعتبارية وتعتبر أمواله أمولًا عامة ويتبع رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة.