أكد الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة، اليوم الاثنين، أن إسرائيل تواصل ارتكاب الفظائع على مرأى ومسمع من العالم منذ أكثر من عام دون رادع.
جاء ذلك خلال كلمته في افتتاح مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة، بحضور الدكتور، محمد مصطفى رئيس الوزراء الفلسطيني، وأمينة محمد، نائبة سكرتير عام الأمم المتحدة، وممثلي الهيئات الدولية ومجموعة من الدول.
وافتتح عبد العاطي المؤتمر اليوم الذي يعقد تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي،و سكرتير عام الأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش.
وأوضح أن المؤتمر يستهدف تعزيز استجابة المجتمع الدولي للكارثة الإنسانية الراهنة في قطاع غزة، فضلا عن دعم جهود التعافي المبكر.
ورحب الوزير بالمشاركين من الأمم المتحدة في تنظيمه، ولاسيما المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وكبيرة منسقي الأمم المتحدة للشئون الإنسانية وإعادة الاعمار في غزة، وممثل مكتب تنسيق المساعدات الإنسانية (الأوتشا).
وقال عبد العاطي: "نجتمع اليوم، في ظل استمرار المأساة غير الإنسانية، وغير المسبوقة، التي يعاني منها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة نتيجة للعدوان الغاشم الإسرائيلي المستمر"، موضحا أنها مأساة فاقمت من معاناته الإنسانية المتواصلة منذ عقود بسبب استمرار الاحتلال.
وتابع أن ما يزيد من المعاناة الإنسانية ويكرسها عجز مؤسسات المجتمع الدولي والمنظومة القانونية الدولية عن اتخاذ قرار ومواقف رادعة وحاسمة تحقن دماء الشعب الفلسطيني الشقيق، وتوقف الانتهاكات الفادحة والمستمرة التي ترتكبها سلطة الاحتلال الإسرائيلي للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وتمنع محاولات خلق واقع جديد طارد للفلسطينيين من أراضيهم، ومعرقل لحقهم الشرعي، الثابت وغير القابل للتصرف، لإقامة دولتهم المستقلة على كامل الأراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وأوضح عبد العاطي، أن العدوان على قطاع غزة فاق كل الحدود، مشيرا الي أن إسرائيل تواصل إسرائيل ارتكاب الفظائع على مرأى ومسمع من العالم منذ أكثر من عام دون رادع، وفي مشاهد مُرَوعةِ تعجزُ الكلماتُ عن وصفها، كما تستخدم اسرائيل التجويع والحصار كسلاح، والتهجير كعقاب جماعي للفلسطينيين، بالمخالفة الفادحة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي.
وأضاف أنه على مدار ثلاثة عشر شهرا، وقف المجتمع الدولي متفرجاً أمام ما يتم ارتكابه من أفعال بشعة ومشاهد قتَل الأطفال والنساء، وتشريد للسكان المدنيين، وتدَمير المدارس والمستشفيات والمساجد والكنائس، وقصَف سيارات الإسعاف، بل واستَهداف العاملين في المجال الإنساني؛ بمن فيهم موظفي الأمم المتحدة الذين أودى القصف بحياة أكثر من ٢٣٧ منهم، غالبيتهم من شهداء وكالة الأونروا.
وأشار إلى تدمير أكثر من ٢٠٠٠ منشأة تابعة للوكالة في قطاع غزة؛ من بينها أكثر من ٦٥ من مدارسها. كل ذلك كان حصيلته قتل أكثر من ٤٣ ألـف فلسطيني؛ ٧٠% مـنهم من النساء والأطفال؛ فضلا عن نزوح أكثر من ٢ مليون شخص بسبب أوامر الإخلاء التي أصدرها الاحتلال، وباتت تغطي أكثر من ٨٥% من أراضي القـطاع.
وتابع: "إمعانا في هذه الانتهاكات، تمنع سلطة الاحتلال المساعدات الإغاثية الإنسانية والطبية اللازمة من الدخول إلى قطاع غزة من خلال فرض الشروط والعراقيل غير المبررة وغير القانونية، وما تسمح بإدخاله بعد الضغوط التي تمارس عليها، لا يتناسب بطبيعة الحال مع حجم الاحتياجات الهائلة داخل القطاع، والناجمة عن التعرض المستمر للقصف والتشريد، وانتشار الأمراض والأوبئة، وبرد الشتاء القارس، وخطر تفشي المجاعة".
وأكد أن ما يتم إدخاله يجد صعوبة في توصيله إلى المحتاجين إليه لتعرضه للسرقة والتخريب بسبب غياب الأمن، وغير ذلك من المخاطر التي تحول دون قيام العاملين في المجال الإنساني بمهام عملهم.
وذكر أن الكارثة تزداد حدةً مع الهجوم المستمر على وكالة الأونروا والمساعي لتقويض عملها، بل وتدميرها، وما سيترتب على ذلك من الانهيار التام للاستجابة الإنسانية داخل قطاع غزة وتصفية القضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين في العودة.
وقال: "تدين مصر بشكل كامل، في هذا السياق إقرار التشريع غير القانوني لحظر عمل الوكالة؛ لما يمثله مـن سـابقة خطيرة بحظر دولة عضو بالأمم المتحدة لعمل إحدى وكالاتها، وتعكس استخفافا مرفوضا بالمجتمع الدولي ومؤسساته".
وأ{دف: "كما تشدد مصر على أن الوكالة لا بديل لها ولا يمكن الاستغناء عنها داخل القطاع. ولا يمكن أن يحل محلها أو يقوم بدورها أي طرف آخر أياً كان".
ولفت الوزير إلى أن مصر كانت في طليعة الدول التي هَبَت لإغاثة أشقائها الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر٢٠٢٣ حيث قدمت نحو٧٠% من المساعدات التي دخلت القطاع منذ ذلك الحين، مع تسهيلها إجراءات الشَحن الجوي والبحري والبري لاستقبال هذه المعونات.
وأشار إلى استضافة مصر آلاف من الجرحى من أشقائنا الفلسطينيين، ووفرت لهم الرعاية الصحية، فضلا عن تطعيم آلاف من الأطفال الفلسطينيين، وقدمت الدعم اللازم لالتحاق الطلبة الفلسطينيين بالمؤسسات التعليمية المصرية سواء من خلال وزارة التربية والتعليم أو الأزهر الشريف؛ وهذا ليس منة منا ولكن هذه مسئولية وواجب على مصر تجاه اشقائها الفلسطينيين، وبتوجيهات مباشرة من فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
ولفت إلى إنشاء مصر أول مخيم إيواء بجنوب القطاع بالتعاون مع الهلال الأحمر الفلسطيني. ويسرت إدخال أربعة مستشفيات ميدانية إلى قطاع غزة، مع استقبالها لمستشفيين عائمين بمدينة العريش لمعالجة المصابين.
وقال: "ليكن معلوما، أن مصر مستعدةً لإدخال أعداد كبيرة من الشاحنات يوميًا إلى قطاع غزة بمجرد أن تسمح الظروف الميدانية اللازمة لضمان النفاذ الآمن للمساعدات وتوفير المناخ الآمن لعمل وكالات الإغاثة، ونؤكد في هذا السياق على الأولوية البالغة للانسحاب الإسرائيلي الفوري من على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، فضلا عن الانسحاب من منطقة محور فيلادلفي".
تابع: "وفي الوقت ذاته فإن على المجتمع الدولي، وفي القلب منه مجلس الأمن، مسئولية واضحة للضغط على الاحتلال، لفتح معابره وتشغيلها بطاقتها الحقيقية، بكل ما يعنيه ذلك من تحمل إسرائيل باعتبارها سلطة الاحتلال مسئولياتها التي يحددها القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. وهذا هو الشرط الضروري، بل والحد الأدنى المطلوب لتخفيف حجم الكارثة الإنسانية التي يتعرض لها القطاع، والتي يتحمل الاحتلال بشكل كامل مسئوليتها".
وأضاف: "لقد خلف العدوان المستمر على القطاع منذ أكثر من عام حجماً هائلاً وغير مسبوق من الدمار، الذى يحتاج إلى عقود من الزمن لإصلاحه، وهو الأمر الذى يتطلب تكاتف المجتمع الدولي لضمان نفاذ المساعدات الإنسانية العاجلة بشكل فوري ومستدام وتنفيذ خطط للتعافي المبكر من خلال تلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية من غذاء وماء ومأوى وصرف صحي ورعاية صحية للسكان، فضلا عن إعادة تأهيل البنية التحتية الأساسية، بما في ذلك إصلاح الطرق والمباني العامة والشبكات الكهربائية وشبكات المياه، وإعادة إحياء الاقتصاد المحلي، لمساعدة غزة على التعافي من آثار هذا العدوان المدمّر، وإعادتها إلى أن تصبح مكاناً قابلاً للعيش بالحد الأدنى، لحين بدء مرحلة إعادة الإعمار بمجرد انتهاء العدوان والاحتلال".
وعلى ضوء ما تقدم، يُشَجعُ الدَاعون لهذا المؤتمر، جميع الوفود المشاركة على الإعلان عن تقديم الدعم اللازم لأهل غزة والاعلان عن تعهدات مالية ملائمة وقابلة للتنفيذ الفوري، لإنقاذهم من الكارثة الإنسانية التي يتعرضون لها فى القطاع، وبما يمهد الطريق أمام التعافي المبكر ثم إعادة الاعمار، حتى لا نخذلهم إنسانيا كما خذلناهم سياسياً.
وأشار عبد العاطي إلى أنه حان وقت التراجع عن سياسة المعايير المزدوجة، موضحا أن المطلوب، الآن وفوراً، هو موقف حاسم لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة وأوامر محكمة العدل الدولية وباقي المؤسسات الدولية القانونية التي تطالب بوقف فوري لإطلاق النار، وقيام سلطة الاحتلال بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وتزويد السكان المدنيين بالمؤن الغذائية، والإمدادات الطبية بموجب القانون الدولي الإنساني.
وأكد عبد العاطي، الأهمية البالغة لوقف العدوان الإسرائيلي والانتهاكات الإسرائيلية في الضفة الغربية ورفض سياسة التهجير للشعب الفلسطيني الشقيق، سواء من قطاع غزة أو من الضفة الغربية.
وجدد وزير الخارجية التأكيد علي الرفض الكامل لأن تكون هناك دولة فوق القانون، ولا تخضع للمسائلة ولا المحاسبة.
وتوجه عبد العاطي بتحية وتقدير إلى الشعب الفلسطيني الشقيق على صموده وكفاحه وتضحياته المستمرة دفاعاً عن أرضه وعن حقوقه.
ووجه حديثه إلى الاشقاء في غزة، وفي كل الأراضي الفلسطينية، قائلا إن مصر، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، والحكومة المصرية، والشعب المصري، سيبقون دائماً على العهد، متمسكين بموقفنا الداعم للقضية الفلسطينية ولحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على خطوط الرابع من يونيو لعام ١٩٦٧ ، مشددا على الرفض الكامل لكافة المساعي الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الأشقاء الفلسطينيين من أراضيهم.
وشدد الوزير على استمرار مصر في تقديم كافة سبل الدعم والمساندة والمساعدة لوقف نزيف الدم، وستواصل التحرك، بلا كلل، مع الأشقاء العرب، وكذلك في قطر، ومع والأصدقاء حول العالم للعمل علي التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن والاسرى، وضمان النفاذ الفوري والمستدام للمساعدات الإنسانية.
ووجه الشكر للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، على شجاعته وعلى تمسكه الصلب بميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، وقيادته الحكيمة لمنظمة الأمم المتحدة في هذا الظرف الدولي الدقيق.