تحول مفهوم "الغد" في عالم DC إلى ما يشبه جناحًا خاصًا داخل المشروع السينمائي الجديد، يركز على مغامرات الشخصيات الكرتونية المرتبطة بسوبرمان. والمؤكد حتى الآن، وفق ما أعلنه مدير الاستوديو جيمس جان عبر سلسلة منشورات على وسائل التواصل، أن "الغد" هو عنوان المستقبل بالفعل. فقد كشف أن فيلمه المقبل سيحمل اسم "Superman: Man of Tomorrow"، والمقرر طرحه في 2027.
ويذكر تقرير لصحيفة الجارديان أن هذا العنوان ليس جديدًا على الجمهور، إذ إن العام المقبل سيشهد عرض فيلم "Supergirl" الذي كان حتى يونيو الماضي يحمل اسم "Supergirl: Woman of Tomorrow".
يثير عنوان الفيلم الجديد كثيرًا من التساؤلات، فـ"رجل الغد" في القصص المصورة كان دومًا أحد الألقاب المرتبطة بسوبرمان، يحمل معنى الأمل والدلالة على أنه بطل المستقبل لا الماضي. هذا الوصف تكرر عبر عقود في الأعمال الإذاعية القديمة، وفي القصة المصورة الشهيرة لآلان مور What Ever Happened to the Man of Tomorrow?، وحتى في فيلم رسوم متحركة صدر عام 2020. لذلك فالمصطلح ليس مجرد تسمية عابرة، بل يحمل في طياته إرثًا يقترب من قرن من الزمن. ومع الأخذ في الاعتبار السجالات التي خاضها المخرج جيمس جان على الإنترنت مع بعض الأصوات اليمينية المناهضة للهجرة -وعلى رأسها الممثل دين كين- حول "تسامح" سوبرمان المفرط مع المهاجرين، يصعب تجاهل أن اختيار العنوان قد يحمل أيضًا إيحاءات ليبرالية ساخرة.
أما على مستوى التوقعات الفنية، فيرى محللون أن العنوان يوحي بالأمل والنزعة المستقبلية، في حين تكشف بعض الرسومات المفاهيمية عن "ملياردير أصلع" يسعى لإثبات وجوده بالقوة، في إشارة إلى ليكس لوثر. وبين هذين الحدّين -التفاؤل بالعنوان وسيناريوهات الصراع- من المرجح أن يدور الفيلم، ما دام لا توجد تفاصيل مؤكدة بعد، الأمر الذي يفتح الباب أمام اجتهادات المعجبين ونظرياتهم.
ويذهب آخرون أبعد من ذلك، مقترحين أن "الغد" قد لا يشير إلى سوبرمان نفسه، بل إلى شخصية كونر كينت "Superboy"، المستنسخ المراهق الذي ظهر بعد "موت سوبرمان" في تسعينيات القرن الماضي، وكان يُقدَّم دائمًا باعتباره الجيل الجديد من البطولة الكرتونية. وقد كُشف لاحقًا أنه يحمل جينات مشتركة من سوبرمان وليكس لوثر معًا، ما جعله شخصية متقلبة بين التمرد والبحث عن هوية. وبأسلوب شبابي متمرد، كان يرتدي الجاكيت الجلدية والنظارات الشمسية وكأنه قادم من مسلسل تسعيناتي. وإذا ما قرر جان إدخاله في الأحداث، فإن "الغد" سيتحول من كونه شعارًا ملهمًا إلى معركة وصاية غير متوقعة بين سوبرمان وخصمه اللدود.
ويرى بعض المتابعين أن ظهور بدلة آلية في الرسومات المفاهيمية، إضافة إلى صورة نشرها جيمس جان يظهر فيها سوبرمان وكأنه يناول لوثر مفكًا، قد يشير إلى تحالف غير متوقع بين البطل وعدوه اللدود، ربما لمواجهة تهديد كوني أكبر. لكن حتى مع هذا التفسير، تبدو الفكرة غريبة، إذ يصعب تخيّل لوثر وهو يتجول ببدلة آلية تشبه نسخة متجهمة من شخصية "آيرون مان".
على الجانب الآخر، يتفاءل فريق من المراقبين بأن عنوان "الغد" قد يعني أن سوبرمان سيخوض هذه المرة معارك أكثر التصاقًا بالواقع، مثل قضايا التغير المناخي، وحقوق مجتمع الميم، ومعاناة المهاجرين. قد يكون هذا بالفعل الفيلم الذي يتجاوز فيه البطل تبادل اللكمات مع الأشرار الخارقين، ليكرّس قوته لإنقاذ البشرية من أزماتها الداخلية. غير أن ثمة من يسخر من هذا التصور، مذكرًا بأن هوليوود غارقة أصلًا في أزماتها الوجودية مع سلاسل الأفلام الضخمة مثل "أفاتار" لجيمس كاميرون، التي تحولت إلى استعارات مطولة عن الرأسمالية المتأخرة وانهيار البيئة.
اللافت أن "الغد" ظل على مدى 8 عقود شعارًا ملازمًا لسوبرمان، طُبع على الحقائب المدرسية وأغطية الأسرّة، واستُخدم ذريعة لإعادة سرد قصة الأصل أكثر من مرة كل عقد. لكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: هل سيتمكن جيمس جان من أن يمنح هذا الشعار معنى جديدًا يتجاوز حدود التكرار، أم يظل مجرد صدى مكرر في ذاكرة الجمهور؟