حرية أم خطر صحي؟ فلوريدا تواجه ماضي الحركات المناهضة للقاحات - بوابة الشروق
الثلاثاء 9 سبتمبر 2025 3:13 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

برأيك.. من البديل الأنسب لـ ريبيرو في النادي الأهلي؟

حرية أم خطر صحي؟ فلوريدا تواجه ماضي الحركات المناهضة للقاحات

رنا عادل
نشر في: الإثنين 8 سبتمبر 2025 - 10:47 ص | آخر تحديث: الإثنين 8 سبتمبر 2025 - 10:47 ص

في خطوة مثيرة للجدل، أعلنت ولاية فلوريدا أنها بصدد إلغاء إلزامية التطعيمات المدرسية، لتصبح أول ولاية أمريكية تقدم على هذا القرار منذ عقود.

ورغم أن التطعيمات كانت دائمًا ركيزة أساسية في سياسات الصحة العامة لحماية الأطفال والبالغين من الأمراض المعدية، فإن مسئولي الولاية اعتبروا اشتراطها تعديًا على حرية الأفراد.

وأثار هذا التوجه مخاوف واسعة بين خبراء الصحة، الذين يحذرون من أن تخفيف القيود قد يُعرِّض الأطفال والمجتمع لخطر عودة أمراض سبق أن تراجعت بفضل اللقاحات.

لكن، هل يُعد هذا الموقف جديدًا حقًا؟ أم أنه امتداد لتاريخ طويل من الحركات المناهضة للتطعيمات التي ظهرت عبر العصور؟

* من جينر إلى القضاء على الجدري

وفقًا لتقرير حديث لـBBC، فالتشكيك في اللقاحات قد يبدو حركة حديثة، لكنه في الحقيقة رافق تاريخ التطعيم منذ بدايته. فالجدري، الذي قتل نحو 300 مليون إنسان خلال القرن العشرين، كان الدافع وراء أول تجربة ناجحة للتطعيم، لكنه أيضًا أثار أولى موجات المعارضة.

فعام 1798 لاحظ الطبيب البريطاني إدوارد جينر أن عاملات حلب الأبقار اللواتي أصبن بجدري البقر لم يُصبن بالجدري. فأجرى تجربة جريئة بحقن طفل بمواد مأخوذة من بثور المرض، ليكتشف أن الصبي أصبح محصنًا ضد الجدري.

وكانت هذه البداية الأولى للتطعيم، التي أثمرت لاحقًا عن إعلان منظمة الصحة العالمية عام 1980 القضاء التام على مرض الجدري.

* جذور دينية وفكرية

المعارضة لم تبدأ مع جينر فقط، بل ظهرت أيضًا في عام 1722 مع ممارسة قديمة تُعرف بـ"التجدير"، وكانت تقوم على أخذ مادة من بثور أو قشور شخص مصاب بالجدري ثم إدخالها في جسم شخص سليم بهدف منحه مناعة.

ولكن هذه الطريقة أثارت اعتراضات دينية واسعة، حيث ألقى القس إدموند ماسي خطبة اعتبر فيها التجدير خطيئة ومخالفة لإرادة الله.

ثم، مع ظهور لقاحات جينر، ظهرت حجج جديدة تُروج لأن التطعيم غير طبيعي، أو أنه يغير طبيعة الجسم. بل وظهرت رسوم كاريكاتورية عام 1802 تُظهر المُطعَّمين يتحولون إلى أبقار.

* احتجاجات القرن التاسع عشر

ومع فرض قوانين التطعيم في بريطانيا – بدءًا من قانون 1840 الذي أتاح التطعيم مجانًا، ثم قانون 1853 الذي جعله إلزاميًا للأطفال، وصولًا إلى قانون 1871 الذي شدد العقوبات على الرافضين – ظهرت جمعيات مناهضة للتطعيم وأصدرت كتيبات ومنشورات مثل: "أهوال التطعيم" و"التطعيم لعنة".

ولم يقتصر الأمر على الدعاية، فقد شهدت إنجلترا احتجاجات، كما اندلعت أعمال عنف في كندا وأمريكا. وفي بوسطن عام 1905، وصلت القضية إلى المحكمة العليا الأميركية، والتي قضت بدستورية إلزام التطعيم.

* الحرية الفردية والاستقلال الطبي

مع توسع التطعيم، تحولت المعارضة إلى ما عُرف بـ"حركة الحرية الصحية"، والتي كان شعارها الأساسي أن الدولة لا تملك حق التدخل في أجساد الناس.

وتجلّت النتيجة في ستوكهولم عام 1873، حيث لم يتلقَّ التطعيم سوى 40% من السكان، مقابل 90% في باقي السويد. وفي العام التالي، اجتاحت المدينة وباء جدري مميت، لتتضاعف بعدها معدلات الإقبال على اللقاح.

* تكرار الحجج حتى اليوم

رغم أن التطعيم أدى إلى انخفاض كبير في وفيات الأطفال وإنقاذ ملايين الأرواح، فإن المعارضين نسبوا التحسن إلى تحسينات أخرى مثل الصرف الصحي. فهذه الحجج لم تختفِ، بل عادت بقوة مع انتشار الإنترنت ومواقع التواصل.

واليوم، تنتشر نفس الأفكار القديمة: من مؤامرة الأطباء المدفوعين بالمال، إلى الادعاء بأن اللقاحات سموم أو غير ضرورية. ولهذا صنفت منظمة الصحة العالمية التردد في أخذ اللقاحات ضمن أكبر 10 تهديدات للصحة العامة عالميًا.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك