المحللة الجورجية ناتالي ساباندزي: عداء تجمع بريكس للغرب أقل مما تتمناه روسيا - بوابة الشروق
الأربعاء 9 يوليه 2025 5:31 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

من أفضل فريق عربي في دور المجموعات بمونديال الأندية؟

المحللة الجورجية ناتالي ساباندزي: عداء تجمع بريكس للغرب أقل مما تتمناه روسيا

لندن - (د ب أ)
نشر في: الأربعاء 9 يوليه 2025 - 9:25 ص | آخر تحديث: الأربعاء 9 يوليه 2025 - 9:25 ص

على الرغم من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتبر سياسات تجمع بريكس التي ظهرت خلال قمة التجمع الأخيرة في البرازيل مناوئة للولايات المتحدة، ترى نتالي سابانادزي الباحثة الزميلة لبرنامج روسيا وأورواسيا في المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس) البريطاني أن قمة بريكس في ريو دي جانيرو أظهرت أن عداء التجمع للغرب عموما أقل مما تريده روسيا إحدى الدول المؤسسة له.

وفي تحليل نشره موقع تشاتام هاوس قالت ساباندزي إن الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي سيطرا على القمة التي استضافتها البرازيل وغاب عنها الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينج. كما بدا أن الزعيمين الهندي والبرازيلي كانا أقل اهتماما بتحويل التجمع إلى حلف مناوئ للغرب. كما لم يكن إثارة سخط الولايات المتحدة وإغضابها على جدول أعمال لولا ومودي.

وركز جدول أعمال القمة على إصلاح النظام العالمي، ودفع عجلة التحول الأخضر، وتعزيز التعاون بين بلدان الجنوب، مما قلص هامش الفعاليات المعادية للغرب، وربما هو ما جعل روسيا والصين تعطيان الأولوية لقضايا أخرى. كما حاءت القمة على خلفية تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10% على جميع دول مجموعة البريكس إذا انتهجت سياسات معادية لأمريكا.

وبحسب ساباندزي الدبلوماسية الجورجية السابقة وأستاذة العلاقات الدولية في جامعة ماونت هولبوك كشفت قمة ريو دي جانيرو عن نقطتي ضعف متأصلين في هذا التجمع، وهما افتقاره إلى هوية جيوسياسية واضحة، ومحدودية التعددية التجارية البحتة بين دوله.

وقد اختلفت قمة ريو دي جانيرو بشكل ملحوظ في روحها ومضمونها عن قمة قازان التي استضافتها روسيا في العام الماضي، واستخدمتها موسكو لتسليط الضوء على فشل عقوبات الغرب على روسيا وجهوده لعزلها دوليا. فقد رحبت قمة قازان بأعضاء وشركاء جدد، مما أضاف ثقلًا جيوسياسيًا للتجمع بهدف تشكيل تحدٍ أقوى للهيمنة الغربية والإعلان عن بداية نظام عالمي متعدد الأقطاب. كما كانت تلك القمة مليئة بالخطاب المناهض للغرب والاستعمار، والدعوات إلى كسر هيمنة الدولار على التجارة العالمية، وخطط لتحصين أعضائها من العقوبات الغربية.

وتنظر روسيا إلى دول الجنوب العالمي أو ما ما تسميه "الأغلبية العالمية"، كأداة رئيسية لمساعدتها على إعادة تشكيل البيئة الدولية وتعزيز مكانتها العالمية. من وجهة نظر موسكو، فإن البريكس هو في الأساس مشروع مناهض للغرب: منصة لتعبئة الجنوب العالمي ضد الهيمنة الغربية.

كما يتم تصوير تجمع بريكس كمثال على التعددية متعددة الأقطاب وشاملة نظريًا، وديمقراطية، وتحترم جميع نماذج الحكم، وتقوم على المساواة في السيادة وعدم التدخل في شؤون الدول. أما من الناحية العملية فقد تم تصميم تجمع بريكس بحسب ساباندزي، ليناسب الأنظمة الاستبدادية، وبُني على التزامات محدودة ومصالح ذاتية، واستخدمته قوى استبدادية مثل الصين وروسيا لتعزيز نظام عالمي بديل.

وتُسلِّط قضية إيران الضوء على حدود نموذج البريكس للتعددية. فقد حضرت إيران قمة ريو دي جانيرو، كأول قمة لها باعتبارها عضو كامل العضوية، سعيًا إلى التضامن الدبلوماسي وإدانة شديدة لإسرائيل والولايات المتحدة لقصفهما منشآتها النووية التي تسببت في سقوط ضحايا مدنيين. وعلى الرغم من أن البيان الختامي المكون من 30 صفحة أدان الهجمات على إيران ووصفها بأنها غير مبررة و"انتهاك للقانون الدولي"، لم يذكر البيان أسماء الجناة.

وفي هذا السياق جاء دعم روسيا لإيران، سواءً في إطار مجموعة البريكس أو على الصعيد الثنائي، مثالاً بارزاً على شراكة استراتيجية دون التزامات حقيقية.

ففي حين أدانت موسكو، الهجمات على إيران ووصفتها بأنها غير مُبرّرة وغير شرعية، لم تُقدّم أي مساعدة ملموسة أو ضمانات أمنية لظهران، لآنها ليست في عجلة من أمرها لاستعداء ترامب بشأن إيران، بل تُعطي الأولوية للتنازلات الأمريكية المُحتملة بشأن أوكرانيا. كما أن فائدة إيران لروسيا أيضاً قد تتضاءل مع نجاحها في إنتاج احتياجاتها من الطائرات المسيرة طراز شاهد التي زودتها بها إيران في المراحل الأولى من الحرب الأوكرانية.

وهناك دلائل على تنامي الخلاف بين روسيا والصين من جهة، وأعضاء آخرين في البريكس من جهة أخرى، فيما يتعلق بالدور والتوجه المستقبليين للتجمع. وقد أظهرت قمة ريو دي جانيرو أنه لا يوجد إجماع بين الدول الأعضاء على الانحياز إلى أي طرف في مواجهة عالمية بين القوى أو تحويل البريكس إلى أداة للمساعدة في إعادة تشكيل النظام العالمي. بل على العكس، فقد أظهرت أن توسيع عضوية البريكس أدى إلى تزايد الخلافات الاستراتيجية، مما جعل من الصعب على تجمع البريكس+ تطوير هوية جيوسياسية واضحة.

وقد استند الوعد الرئيسي للتجمع إلى الشمولية والمساواة في السيادة. ومع ذلك، فإن الموازنة بين التوسع والتماسك وصنع القرار الفعال قد أدى إلى ظهور مستويين أو حتى ثلاثة مستويات من العضوية: الدول الخمس الأساسية؛ والأعضاء الأربعة الجدد؛ والدول الشريكة التي لا تتمتع بحقوق التصويت. ويتعارض الالتزام الخطابي بالمساواة في السيادة وديمقراطية الشؤون الدولية بشكل متزايد مع واقع القوى المهيمنة التي تسعى إلى تحقيق مصالحها الخاصة.

وفي قمة البرازيل الأخيرة، توصل قادة دول البريكس إلى اتفاق بشأن إعلان مشترك، تم اعتباره نصرًا كبيرًا بعد فشل محاولة وزراء خارجية التجمع في الوصول إلى بيان مشترك خلال الاجتماع الوزاري في أبريل الماضي. كما كان هناك إجماع على قضايا من بينها الحاجة الملحة لإصلاح الأمم المتحدة والدعوة بقوة لإنهاء سفك الدماء في غزة. لكن سرعان ما برزت انقسامات أعمق، حيث اتضح أن المصالح الوطنية تطغى على الالتزامات متعددة الأطراف، ولأن التنوع يعوق ظهور هوية جيوسياسية متماسكة، فإن البريكس ليست منصةً لتقريب وجهات النظر. بل على العكس، فهي تُبرز هذه الخلافات.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك