في ذكرى ميلاده.. تولستوي سيد الرواية الروسية وفيلسوف اللاعنف - بوابة الشروق
السبت 13 سبتمبر 2025 11:48 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

برأيك.. من البديل الأنسب لـ ريبيرو في النادي الأهلي؟

في ذكرى ميلاده.. تولستوي سيد الرواية الروسية وفيلسوف اللاعنف

محمود عماد
نشر في: الثلاثاء 9 سبتمبر 2025 - 2:07 م | آخر تحديث: الثلاثاء 9 سبتمبر 2025 - 2:08 م

تحل اليوم ذكرى ميلاد الأديب الروسي الكبير تولستوي، والذي ولد في 9 سبتمبر من عام 1828، ورحل في 20 نوفمبر من عام 1910، وبعد مرور ما يقارب القرنين على رحيل الأديب الفيلسوف يظل إرثه حاضرا دائما كعلم من أعلام روسيا، وعلامة في تاريخ الأدب العالمي.

 

-جذور عريقة تعود إلى قرون

ينتمي تولستوي إلى عائلة نبيلة من أقدم العائلات الروسية، إذ يعود نسبها وفق روايات قديمة إلى رجل نبيل أسطوري يُدعى إندريس، الذي قدم من أراض أجنبية إلى روسيا في القرن الـ14.

وحمل أحفاده لقب "تولستوي"، وهي كلمة تعني "السمين" بالروسية، وهو لقب أطلقه أحد ملوك موسكو على أحد أجداده.

 

-ولادة في ياسنايا بوليانا

وُلد تولستوي في مقاطعة تولا، في إقطاعية "ياسنايا بوليانا"، التي ورثها لاحقا، كان والده الكونت نيكولاس تولستوي، ووالدته الأميرة ماريا فولكونسكي التي تنحدر من سلالة روريك، أول حاكم مذكور في التاريخ الروسي.

فقد تولستوي والدته وهو في الثانية من عمره، ثم والده وهو في التاسعة، فتنقل بين رعاية أقاربه، وكانت قريبة العائلة تاتيانا أقربهم إلى قلبه.

 

-من الدراسة إلى الإقطاعية

التحق تولستوي بجامعة كازان لدراسة اللغات الشرقية -العربية والتركية- بهدف العمل في السلك الدبلوماسي، لكنه فشل في دراسته، فانتقل إلى دراسة القانون، ثم ترك الجامعة نهائيًا عام 1847.

في تلك الفترة ورث "ياسنايا بوليانا"، فعاد لإدارتها برغبة في تحسين أوضاع الفلاحين، إلا أن جهوده لم تحقق النجاح الذي حلم به، فقرر ترك الإقطاعية والعودة إلى موسكو وسان بطرسبورغ، حيث انغمس في الحياة الاجتماعية وأدمن لعب القمار.

 

-القوقاز.. بداية الطريق إلى المجد

عام 1851، رافق شقيقه نيكولاس الذي كان يخدم في الجيش الروسي بالقوقاز، وهناك سحرته الطبيعة الجبلية واحتك بحياة الجنود. انضم إلى الفرقة الروسية القوقازية، وشارك في معارك ضد قوات الإمام شامل.

كانت تلك المرحلة بداية مسيرته الأدبية، فكتب ثلاثة كتب، وهم: "الطفولة" (1852)، "الصبا" (1854)، و"الشباب" (1857). كما استلهم من تجربته في القوقاز روايته اللاحقة "القوزاق" (1863).

 

-حرب القرم والعودة إلى الكتابة

شارك تولستوي في حرب القرم، وشهد سقوط مدينة سيباستوبول، ثم عاد إلى سان بطرسبورغ، حيث بدأ يكتب عن الحرب والحياة الريفية، ومنذ ذلك الحين، تفرغ للكتابة وأصبح أحد أعمدة الأدب الروسي.

 

-رحلاته إلى أوروبا وإصلاحاته التعليمية

بعد تقاعده من الجيش، سافر تولستوي إلى أوروبا الغربية، وتأثر بالنظم التعليمية الحديثة هناك، وعند عودته، أنشأ مدرسة مجانية لأبناء الفلاحين في ياسنايا بوليانا، وأصدر مجلة تربوية تحمل اسم الضيعة نفسها، ليشارك أفكاره التربوية والاجتماعية مع الناس.

 

-روائع خالدة

في عام 1869، نشر تولستوي ملحمته الكبرى "الحرب والسلام"، التي تعد من أعظم الروايات في تاريخ الأدب، إذ تناول فيها الحياة الروسية أثناء غزو نابليون لروسيا عام 1812.

وفي 1877، نشر روايته الشهيرة "آنا كارنينا"، التي ناقشت قضايا الحب والخيانة والمجتمع، ولا تزال إحدى أيقونات الأدب العالمي.

كما كتب لاحقا أعمالا فلسفية وأدبية مهمة مثل: "موت إيفان إيلييتش" (1886)، "البعث" (1899)، و"سوناتا كرويتزر" (1891).

 

-فيلسوف اللاعنف

تعمق تولستوي في دراسة المسيحية، ورفض العنف والحرب، ودعا إلى السلام الداخلي ومقاومة الشر بالخير. في كتابه "مملكة الرب بداخلك"، طرح فلسفة اللاعنف التي أثرت لاحقًا على شخصيات بارزة مثل المهاتما غاندي ومارتن لوثر كينج.

لكن مواقفه المعارضة جعلته في صدام مع الكنيسة الأرثوذكسية، التي كفرته وحرمت كتبه.

 

-عشقه للتراث العربي

كان تولستوي مفتونا بالأدب العربي منذ طفولته، إذ قرأ "ألف ليلة وليلة" وحكايات مثل "علاء الدين" و"علي بابا والأربعين حرامي".

وفي عام 1882، نشر بعض الحكايات العربية الشعبية في ملحق مجلته التربوية، كما تراسل مع الإمام محمد عبده في حوار فكري لم يكتمل بسبب وفاة كليهما.

 

-حياته العائلية

تزوج تولستوي عام 1862 من الكونتيسة صوفيا بيرز، التي كانت تصغره بـ16 عاما، أنجبا 13 طفلا، توفي 5 منهم في سن صغيرة.

كانت صوفيا سندا كبيرا له، إذ نسخت رواية الحرب والسلام بيدها سبع مرات حتى اكتملت نسختها النهائية.

 

-نهاية درامية

في سنواته الأخيرة، اشتدت صراعات تولستوي الداخلية بين حياته العائلية ومثله العليا، وفي نوفمبر 1910، غادر منزله سرا هربا من صراعاته، لكنه أصيب بالالتهاب الرئوي وتوفي في محطة قطار عن عمر 82 عاما.

دفن تولستوي في حديقة ياسنايا بوليانا، حيث ولد وكتب أعظم أعماله، تاركا إرثا أدبيا وفلسفيا وإنسانيا خالدا.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك