أجمع محللون سياسيون في العراق اليوم الأحد، على أن هناك خلافات وانقسامات كبيرة تحت قبة البرلمان العراقي تحول دون تمرير النسخة الجديد لقانون هيئة الحشد الشعبي.
ولا تبدو الأجواء مهيئة في العراق لتمرير قانون هيئة الحشد الشعبي على خلفية اشتداد الخلافات بين القوى الشيعية من جانب وبينها وبين المكونات الضاغطة في البرلمان العراقي مع دخول البلاد في أجواء الانتخابات البرلمانية العراقية التي ستجرى في نوفمبر المقبل.
كما دخلت الولايات المتحدة الأمريكية بقوة لدعم موقف الأطراف الرافضة لقانون هيئة الحشد الشعبي الجديد.
ومنذ 24 مارس الماضي شرع البرلمان العراقي بالقراءة الأولى لمشروع قانون هيئة الحشد الشعبي الجديد بعد وصول مشروع القانون من الحكومة العراقية وهو مشروع جديد يلغي القانون السابق الذي صدر عام 2016.
وقال المحلل السياسي العراقي وائل الركابي لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ): "إن الحشد الشعبي مؤسسة عسكرية حكومية تضم جميع أطياف ومكونات المجتمع العراقي من الشيعة والسنة والإيزيديين والمسيحيين وبالتالي هي ليست من لون واحد كما يروج له البعض".
وأضاف أن "توجيه التهم من قبل الدول الغربية على أن قوات الحشد الشعبي تضم فقط مكون الشيعة وأنها تنتمي إلى إيران ليس صحيحا وهي تهمة باطلة".
وذكر أن "إقرار قانون الحشد الشعبي بحاجة إلى توافق بين الكتل السياسية داخل البرلمان العراقي والكتل الشيعية تحرص على إقرار القانون بتوافق الجميع وإلا هي قادرة لوحدها على تحقيق الأغلبية داخل البرلمان للتصويت على مشروع قانون الحشد".
وأضاف أن "الكتلة الشيعية في البرلمان لازالت ترى أن تمرير القانون يجب أن يكون بغطاء وطني ولازال هناك متسع من الوقت لتحقيق تقارب وتوافق للمصادقة على القانون قبيل انطلاق الانتخابات البرلمانية المقبلة ولايوجد هناك مبرر لترحيلة إلى الدورة البرلمانية المقبلة رغم أن احتمالية تأجيل إقرار التعديلات في مشروع القانون".
وأخفق البرلمان العراقي طوال الأشهر الماضية في التوصل إلى توافق لإقرار القانون الجديد على خلفية الخلافات بين جميع الكتل الممثلة في البرلمان الذي أوشك على انتهاء دورته التشريعية مع قرب الدخول في أجواء الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في نوفمبر المقبل.
فيما قال المحلل السياسي الدكتور إحسان الشمري رئيس مركز التفكير السياسي: "هناك انقسامات متعددة داخل الكتل السياسية العراقية بشأن مشروع التعديلات على قانون الحشد الشعبي داخل البرلمان العراقي وأيضا هناك انقسامات وتقاطعات داخل قوى الإطار التنسيقي الشيعي بشأن شكل مشروع القانون ورئاسة الحشد الشعبي وأيضا سيكون هذا القانون تحديا للشركاء الآخرين داخل البرلمان من جهة وأيضا للولايات المتحدة الأمريكية".
وذكر: "هناك مخاوف داخل البلاد من أن هذا القانون سيحظى بقبول إيراني وإضفاء الشرعية على سلاح الفصائل المسلحة وكل هذا التباين والاختلاف دفع الحكومة العراقية وقوى الإطار التنسيقي إلى عدم الدفع بقوة للتصويت على القانون لأن مقاطعة نواب السنة والأكراد لن تعطي القوة للتصويت وهذا ما شُوهد في جلسات التصويت بعدم اكتمال النصاب بعد مقاطعة النواب السنة والأكراد".
وقال الشمري، إن الحكومة العراقية أشارت من خلال نتائج التحقيق في حادثة هجوم عناصر من ألوية الحشد الشعبي على مبنى حكومي جنوب غربي بغداد، أن هناك تحولا كبيرا في سياسة التعامل مع هذه القوات لكن بالمجمل لايعني تحولا جذريا في التعاطي مع هذه الفصائل المسلحة.
ورأى المحلل السياسي والأمني سرمد البياتي، أنه "لا يوجد أي اتفاق داخلي حاليا لتمرير قانون الحشد الشعبي داخل البرلمان، حيث يوجد هناك خلاف كبير بين الشيعة والسنة والأكراد وأيضا الولايات المتحدة الأمريكية التي قادت عملية تغيير النظام في العراق عام 2003".
وذكر أن "الأمريكيين لا يقبلون بهذا القانون على الرغم من أن الحشد الشعبي لا يشكل لهم مشكلة، لكن المشكلة الرئيسية لهم تكمن في الفصائل المسلحة التي يرون أنها جزء من الحشد الشعبي ويستهدفون القوات الأمريكية بشكل مستمر وهذه الفصائل لديها ولاء لإيران".
وقال البياتي: "نتائج التحقيق بشأن حادثة دائرة الزراعة من قبل أطراف مسلحة في الحشد الشعبي أعطت مؤشرات إيجابية في الأوساط الخارجية وارتياحا واضحا داخل البلاد من أن الحكومة العراقية فرضت قوتها في التعاطي مع هكذا أحداث".
وأضاف: "نحن نتخوف من أن الولايات المتحدة الأمريكية قد تتجه نحو فرض قيود وحصار اقتصادي وعلى البنوك بشكل منظور أو غير منظور في حال أصرت بعض الأطراف العراقية على تمرير قانون الحشد الشعبي".
وقال الباحث في الشأن السياسي الدكتور محمد نعناع، إن "أساس الخلاف بشأن تمرير قانون الحشد الشعبي هو الخلافات داخل المكون الشيعي حول كيفية سيطرة كل طرف على هيئة الحشد الشعبي واستغلاله في الانتخابات البرلمانية المقبلة وأيضا استغلاله كمظلة لهم في السيطرة على موارد وأموال الحشد".
وأضاف أن هذه المشاكل تسربت إلى الأطراف السياسية المنافسة السنية والكردية التي عملت بالضغط على إقرار قوانين تخدم جمهورها وكل هذه الخلافات شجعت الجانب الأمريكي للدخول بقوة لرفض قانون الحشد الشعبي، متذرعة أن هذا الرفض يأتي دعما للأطراف المكوناتية الرافضة ورفع سقف التصعيد.
وتشكلت هيئة الحشد الشعبي من مجاميع من المتطوعين على خلفية فتوى من المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني بعد اجتياح تنظيم داعش للعراق في العاشر من يونيو عام 2014 وتمكنت بمشاركة فاعلة من صنوف قوات الجيش والشرطة العراقية ودعم من قوات التحالف الدولي من طرد داعش من المدن التي احتلها في نينوى وصلاح والأنبار وأجزاء من محافظتي ديالى وكركوك أواخر عام 2017.