• ارتفاع عدد المصريين المشترين لعقارات فى دبى بنسبة 150% على أساس سنوى خلال أول شهرين من 2025
• تراجع الجنيه فى السنوات الأخيرة وغياب الثقة فى التسليم المحلى يدفعان المصريين نحو أسواق أكثر استقرارا مثل الخليج وأوروبا
• شركات عقارية خليجية وأوروبية تفتتح مكاتب تسويق تابعة لها فى القاهرة للترويج لمشروعاتها فى الخارج
• تقارب الأسعار يدفع المصريين لشراء عقارات خارجيا بحثا عن عوائد دولارية
زادت وتيرة توجه المصريين نحو شراء العقارات فى الأسواق الخارجية، لا سيما فى دولة الإمارات وبعض الدول الأوروبية، سعيًا لتأمين عوائد استثمارية مستقرة بالعملة الصعبة، والحصول على خيارات إقامة مرنة، فى ظل تقارب ملحوظ فى الأسعار بين السوق المصرى الذى شهد ارتفاعات قياسية، خاصة فى فئة العقارات الفاخرة وبين الأسواق الإقليمية.
هذا الإقبال المتزايد دفع عددًا من الشركات العقارية الإماراتية والخليجية، من بينها «إعمار»، «داماك»، «بن غاطى»، و«شويا»، إلى تنظيم أكثر من 20 معرضًا عقاريًا بالقاهرة خلال موسم الصيف إلى جانب شركات أخرى من سلطنة عُمان وبعض الأسواق الأوروبية، بهدف الترويج لمشروعاتها وجذب شريحة المستثمرين المصريين.
ارتفاع الطلب على العقار الخليجى
ووفقًا لتقرير حديث صادر عن شركة «Betterhomes»، جاء المصريون فى المرتبة السابعة ضمن قائمة الجنسيات الأجنبية الأكثر شراءً للعقارات فى دبى خلال الربع الثانى من عام 2025، كما تصدروا قائمة الجنسيات العربية، متقدمين على اللبنانيين. ويعكس هذا الترتيب طفرة فى الطلب، إذ ارتفع عدد المصريين الذين اشتروا عقارات فى دبى خلال أول شهرين من العام الجارى بنسبة 150% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024.
كما احتل المستثمرون المصريون المرتبة الرابعة ضمن قائمة أكثر الجنسيات تداولًا للعقارات فى إمارة الشارقة خلال النصف الأول من عام 2025، بحسب التقرير النصف سنوى الصادر عن دائرة التسجيل العقارى، حيث بلغ عدد العقارات التى تم تداولها 690 عقارًا خلال الأشهر الستة الأولى من العام.
وسجل عام 2024 أيضًا نموًا فى إقبال المصريين على العقارات الخارجية، حيث زاد عدد المشترين بنسبة 61%، بحسب شركة Allsopp and Allsopp العقارية، التى تتخذ من دبى مقرًا لها.
السعر والاستلام الفورى عاملا جذب
أيمن سامى، رئيس مكتب «جيه إل إل مصر»، قال لـ«مال واعمال - الشروق» إن اتجاه المصريين لشراء العقارات فى المدن الإماراتية يرجع إلى ارتفاع العائد على الاستثمار، ومنح مزايا فى التقسيط مع الاستلام الفورى للوحدة العقارية كاملة التشطيب، وحرية التنقل للأفراد ورءوس الأموال.
وبحسب سامى، فإن الرغبة فى تنويع المحفظة الاستثمارية وتوفير إيرادات بالعملة الأجنبية من الأسباب الرئيسية التى تدفع المصريين لشراء عقارات بالخارج، كغرض استثمارى يضمن عائدًا دوريًا عند التأجير، خاصة مع تقارب أسعار العقارات بين مصر والإمارات.
تراجع الثقة فى الجنيه
ويرى سامى أن وفرة الدولار فى مصر ساهمت فى تسهيل قرارات الشراء الخارجى، لا سيما فى ظل تراجع الثقة فى الجنيه المصرى على المدى المتوسط والطويل.
وكان الجنيه المصرى قد فقد نحو 206% من قيمته منذ أوائل عام 2022، بعدما خفّض البنك المركزى العملة أربع مرات فى محاولة للتعامل مع أزمة اقتصادية ممتدة.
مكاتب تسويق فى القاهرة
هانى قطط، نائب رئيس المبيعات لدولية لشركة داماك العقارية قال ان أن المصريين احتلوا فى العام الماضى موقعًا متقدمًا بين أكثر 10 جنسيات شراءً لعقارات داماك على مستوى العالم، وهى نسبة شهدت نموًا واضحًا مقارنة بالسنوات السابقة، متوقعًا استمرار هذا الاتجاه الإيجابى، خاصة مع رغبة شريحة من المشترين فى التحوط ضد تقلبات أسعار الصرف من خلال الاستثمار فى أصول مقومة بالدولار.
وبحسب قطط، من المتوقع ان ترتفع نسبة المبيعات للمصريين خلال العام الجارى بنسبة ما بين ١٥ و٢٠٪ فى مشاريع شركة داماك.
أضاف ان جاذبية السوق المصرية دفعت الشركة لافتتاح مكتب دائم للتسويق فى القاهرة، مشيرًا إلى أن قرار الشركة جاء استنادًا إلى مؤشرات تؤكد قوة القوة الشرائية والطلب المحلى على العقارات، موضحًا أن السوق المصرية تمثل سوقًا واعدة للغاية بفضل الكثافة السكانية التى تتجاوز 110 ملايين نسمة، وانخفاض متوسط الأعمار، إضافة إلى الطلب المستمر على العقار كمخزن للقيمة.
الدرهم أكثر أمانًا
من جانبه، يرى أحمد كوتى، خبير عقارى بشركة كولدويل بانكر دبى لـ«الشروق» أن ثبات سعر صرف الدرهم الإماراتى مقابل الدولار يمنح المستثمر المصرى شعورًا بالأمان، نظرًا لأن استثماره يحتفظ بقيمته الدولارية، على عكس ما يحدث فى السوق المصرية، حيث قد يحقق المستثمر أرباحًا كبيرة بالجنيه، لكنها تتآكل عند تحويلها إلى الدولار بسبب انخفاض قيمة الجنيه.
وبحسب كوتى، فإن عوامل مثل الاستقرار الاقتصادى، وشفافية التكاليف، وجودة التشطيبات، وضمانات الاستثمار، ساهمت مجتمعة فى تعزيز جاذبية السوق الإماراتية للمصريين.
اضطراب نسبى فى السوق المصرية
عادة ما كان المستثمرون المصريون يتجهون إلى العقار المحلى كملاذ آمن فى أوقات اضطراب سعر الصرف، كما حدث خلال أزمة نقص الدولار التى سبقت تحرير الجنيه فى مارس 2024، إلا أن ثقة الكثيرين فى السوق المحلية تراجعت مؤخرًا، فى ظل مشكلات متزايدة تتعلق بجودة التنفيذ والتزام الشركات بمواعيد التسليم وشروط التعاقد.
وتعتمد السوق العقارية فى مصر بشكل رئيسى على نظام البيع «على الخريطة»، حيث يُسدد العميل مقدمًا يتراوح عادة بين 3 و10% من قيمة الوحدة، بينما يُقسط باقى المبلغ على عدة سنوات. ورغم ما يوفره هذا النظام من مرونة مالية، فإنه أدى فى كثير من الحالات إلى أزمات، أبرزها ضعف جودة التشطيبات، أو تأخر التسليم عن الجداول الزمنية، ما دفع شريحة من المستثمرين إلى البحث عن أسواق خارجية أكثر استقرارًا ووضوحًا فى آليات التنفيذ والتمويل.
تقارب الأسعار بين مصر والإمارات
وأوضح كوتى أن متوسط أسعار الوحدات السكنية فى مصر، شاملًا نسبة التحميل والتشطيبات، قد يصل إلى 20 مليون جنيه أو أكثر. بهذا المبلغ، أى ما يعادل حوالى 1.5 مليون درهم، يمكن للمستثمر شراء وحدة مكونة من غرفتين وصالة فى دبى، مشطبة بالكامل، مع الحصول على إقامة ذهبية له ولأسرته، إلى جانب عائد استثمارى بالدولار.
السوق المصرية لم تعد الأرخص
وأيد تصريحات كوتى، محمد ماهر، مسؤول التسويق بأحد المعارض الإماراتية المقامة فى مصر، قائلًا: المصريون من أهم الجنسيات فى السوق العقارية الإماراتية، خاصة فى السنوات الأخيرة، مع تقارب أسعار العقارات بين مصر والإمارات.
وأشار إلى أن هذا الإقبال دفع عددًا من كبار المطورين، مثل «إعمار دبى»، و«بن غاطى»، و«شويا»، و«داماك»، لتنظيم سلسلة معارض عقارية بين القاهرة والساحل الشمالى، تستهدف بشكل مباشر المستثمرين المصريين.
ويأتى ذلك فى وقت ارتفع فيه مؤشر أسعار العقارات فى مصر بنسبة 30.4% خلال أبريل 2025 على أساس سنوى، متجاوزًا معدل النمو البالغ 24.4% فى نفس الشهر من عام 2024، بحسب بيانات «عقار ماب».
عائد مجزٍ فى الخليج
من جانبه، يقول تامر الفقى، الرئيس التنفيذى التجارى لشركة آيفورى للاستثمار، إن عائد الاستثمار فى دول الخليج تجاوز 7-8% سنويًا، مضيفًا: السوق السعودية يتمتع بفرص استثمارية هائلة، ومع السماح بتملك الأجانب للعقارات، من المنتظر أن تشهد استثمارات ضخمة على المدى الطويل.
أحمد عباسى، المؤسس والرئيس التنفيذى لشركة Greca Developments، قال إن الإقبال المتزايد من المصريين على التملك فى اليونان يرجع إلى عدة أسباب، أهمها إمكانية الحصول على الإقامة الذهبية التى تُجدد كل 5 سنوات عند شراء عقار بقيمة تبدأ من 250 ألف يورو (فى حالة تحويل العقار من إدارى إلى سكنى)، وحرية التنقل بين دول الشنجن دون تأشيرة، وكذلك تحقيق عائد إيجارى يصل إلى 6.5% يورو سنويًا مع زيادة قيمة العقار، حيث تتولى الشركة تأجير الوحدة للعميل، وتحويل العائد الإيجارى له، مع إدارة أعمال الصيانة والمتابعة الدورية للوحدة بالكامل.
وقال إن الشركة تخطط لافتتاح مكتب دائم لها فى القاهرة لتقديم خدمات مباشرة للعملاء الراغبين فى التملك العقارى بالخارج، ومساعدتهم فى اختيار الوحدات المناسبة، وإتمام الإجراءات القانونية، ومتابعة إدارة الأصول بعد الشراء.