غادرت ولم تغادر، لأن غزة بداخلها، بداخل كل إنسان اضطر آسفًا للخروج منها تحت وطأة القصف والدمار وشبح الموت الذي يحصد الأرواح في كل مكان. وهناك، في مكانها الجديد، تُقيم بلستيا العقاد، الشابة الفلسطينية ذات الـ23 عامًا، وتحاول أن تُوصل حكايتها إلى كل مكان في العالم، لذلك قررت إصدار أول كتبها.
تستعد العقاد لإصدار كتابها "عيون غزة.. يوميات الصمود" في الخريف القادم، بالولايات المتحدة الأمريكية، ومن المقرر أن يكون متاحًا في 30 سبتمبر عن دار "ليتل براون آند كومباني"، وهو متاح الآن للطلب المسبق أونلاين.
سيتضمن الكتاب صورًا من غزة التقطتها العقاد، وهو عبارة عن يوميات مؤلمة عن القتال من أجل البقاء على قيد الحياة داخل القطاع المُحاصر، وجاء في الملخص الرسمي للكتاب: "تحية لغزة الحبيبة، وثناء على شجاعة فلسطين وصمودها، ورسالة أمل لمستقبلها".
عُرفت بلستيا العقاد عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث اشتهرت بالمقاطع المصورة التي بثّتها من غزة بعد الحرب التي تشنها إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023، ولاقت فيديوهاتها التي حملت عنوان "عيون غزة" انتشارًا واسعًا وشاهدها الملايين حول العالم.
وفي حوار مع جريدة "الشروق"، تحدّثت العقاد عن أسباب إصدار هذا الكتاب في التوقيت الحالي، حيث قالت: "في أشياء الكاميرا ما بتقدر توصلها، في مشاعر وأفكار ما بتنشاف، بس بتنحس. من وأنا صغيرة متعودة أكتب يومياتي، وخلال الإبادة كنت أكتب تقريبًا كل يوم، أوثق اللي عم بصير، وأفرّغ مشاعري، وبعد فترة شعرت إنه هاي الكلمات مش إلي لحالي، لأنه قصتي هي قصة ملايين الفلسطينيين وليست قصة فردية، كلنا عايشين نفس الوجع".
وعن الجمهور المستهدف من الكتاب، قالت: "الكتاب لكل حدا حابب يعرف غزة بعيون ناسها، وليس فقط من الأخبار. للناس اللي بتحب تفهم وتقترب من وجعنا، وأيضًا تشوف قوتنا وصبرنا. وطبعًا بتمنى الأجيال القادمة تقرأ الكتاب وتعرف إيش عشنا وعانينا".
وتحدّثت العقاد عن اختيارها للعنوان "عيون غزة": "العنوان يحمل رسالة هدفها إن الناس تقرأ عن غزة من خلال عيون عاشوا الإبادة وشافوها بأدق تفاصيلها، لأننا مش مجرد أرقام بنعدّها بالأخبار، إحنا بشر، إحنا قصص حقيقية".
وأكدت العقاد أنها تنوي الشروع في كتابة كتب أخرى في المستقبل، وإن هذا الكتاب هو الانطلاقة الأولى، "أتمنى الكتابة في ظروف أحسن من هيك"، لأن الكتابة في رأيها "نوع من العلاج والاستشفاء وطريقة لفهم ما يحدث".
وحول المقارنة بين الكتابة والتصوير في توثيق الواقع، قالت: "الفيديو يعرض اللحظة كما هي، لكن الكتاب يمنحك إحساسًا أعمق وتفاصيل ممكن تكون غير موجودة في الفيديو. الاثنين مهمين، والأهم نظل نوثق ونحكي بغض النظر من خلال كتابة ولا تصوير".
نُشرت تغطية العقاد للحرب في منصات مثل نيويورك تايمز وواشنطن بوست وبرنامج بي بي إس نيوز آور. وكانت العقاد قد حصلت على جوائز تقديرية مثل جائزة المدافع عن حقوق الإنسان، وجائزة "صحفي العام الشاب" من "ون يونج وورلد"، وجائزة ليرا ماكي للشجاعة. وعن اختيارها للعمل الصحفي في هذه الظروف القاسية، قالت: "بحس اختياري لتخصص الصحافة كان نابع من حسي بالمسؤولية تجاه وطني وتوصيل رسالتنا في غزة للعالم"، وأضافت: "حاليًا أعمل أيضًا على التوعية من خلال السوشيال ميديا، وأشارك بمؤتمرات عالمية لتوصيل صوتنا ونقل واقع غزة".
أنهت العقاد حديثها بأهم أمنية لديها في الوقت الحالي وهي: "طبعًا بتمنى أرجع غزة.. غزة هي بيتي، ومكاني، لو في فرصة أرجع بأمان، برجع أكيد".