تراث مصري (17).. بدايات فن المسرح - بوابة الشروق
الإثنين 17 مارس 2025 9:18 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

تراث مصري (17).. بدايات فن المسرح

عبدالله قدري
نشر في: الإثنين 17 مارس 2025 - 9:44 ص | آخر تحديث: الإثنين 17 مارس 2025 - 9:44 ص

تواصل جريدة "الشروق" خلال شهر رمضان نشر سلسلة "تراث مصري"، المستوحاة من كتاب "تراث مصري" للباحث أيمن عثمان، والتي تستعرض الشخصيات والمعالم التي تركت بصمتها في التاريخ المصري.

بدايات فن المسرح في مصر

يعود تاريخ فن التمثيل في مصر إلى فترة الحملة الفرنسية، حيث ظهر كوسيلة للترفيه عن جنود الحملة. وفقًا لما ذكره الدكتور سيد إسماعيل في كتابه تاريخ المسرح في مصر، فإن أول مسرح تم تأسيسه في البلاد كان يحمل اسم "مرسح الجمهورية والفنون"، وقد أنشأه اثنان من كبار الموسيقيين الفرنسيين، وهما "ريجل" و"فيلوت". ومنذ ذلك الحين، ظل لفظ "مرسح" مستخدمًا لفترة طويلة بدلًا من "مسرح". في البداية، قدم هذا المسرح أعمالًا لفولتير وموليير، مما يعكس التأثير الفرنسي على بدايات المسرح في مصر.

على مستوى الفن الشعبي، أشار إدوارد وليم لين في كتابه عادات المصريين المحدثين وتقاليدهم عام 1833 إلى وجود طائفة تُعرف باسم "المحبوظون"، وهم مجموعة من المهرجين الذين كانوا يقدمون عروضًا هزلية في المناسبات العامة والأفراح والختان داخل منازل الأعيان. كان التمثيل يقتصر على الرجال، حيث يؤدي أحد الصبية المتنكرين دور المرأة، وتستمر العروض لبضع دقائق.

أما علي مبارك، فقد ذكر في روايته علم الدين عام 1882 طائفة مماثلة تُدعى "أولاد الرابية"، والتي كانت تقدم عروضًا ساخرة تجمع بين التهريج والأكروبات.

لاحقًا، في ثلاثينيات القرن الماضي، تحدث عبد المنعم شميس في كتابه قهاوي الأدب والفن عن طائفة "بتوع رمز"، التي تميزت باستخدامها أسلوب الإسقاط غير المباشر في نقد الأوضاع السياسية والاجتماعية، حيث لجأت إلى الرموز والكلمات المشفرة لتجنب العقوبات والمساءلة القانونية. على سبيل المثال، عند التطرق إلى غلاء الأسعار كانوا يرددون عبارة "مجنونة يا قوطة"، بينما يعبرون عن تعسف الأجانب تجاه المصريين بسيناريو كوميدي بسيط مثل: "واحد خواجة سكن في شقة، يطلّعوه منها بماشة، لا بكماشة."

يُحتمل أن هذه الطوائف الثلاث كانت في الأصل فرقة واحدة تطورت على مدار الزمن، لكنها لم تواكب النهضة المسرحية التي بدأت في مصر منذ عام 1876. آنذاك

كانت مهنة التمثيل تُعد وضيعة في نظر المجتمع، إذ كان العاملون بها يُعرفون باسم "المشخصاتية"، وينظر إليهم كمجرد مهرجين، مما أدى إلى رفض المحاكم الشرعية شهاداتهم في القضايا.

كان من بين هؤلاء المشخصاتية بائعو حب العزيز، وبائعو اليانصيب، وصانعو المثلجات، والعاملون في كيّ الطرابيش، وحتى العاطلون عن العمل. كانوا يمارسون أعمالًا مختلفة خلال النهار، ثم يتحولون في الليل إلى مؤدين يتقمصون أدوار ملوك وأمراء المماليك، رغم أن معظمهم لم يكن يجيد القراءة والكتابة، إلا أنهم تميزوا بمهارات الارتجال أمام الجمهور.

شكل بعض هؤلاء الفنانين فرقًا متجولة، حيث كانوا يطوفون الشوارع والأزقة والقرى لتقديم عروضهم، مستخدمين آلات موسيقية بسيطة مثل الزمار للإعلان عن عروضهم ودعوة الناس للحضور. كان الجمهور يتجمع في دائرة، بينما تؤدي الفرقة عروضها في المنتصف، متبادلة النكات والصفعات لإضحاك الحاضرين. في نهاية العرض، يجول أحد أعضاء الفرقة بين الحضور لجمع النقود، التي غالبًا ما كانت مجرد ملاليم.

مثلت هذه البدايات نواة لتطور المسرح في مصر، حيث انتقل من العروض الشعبية البدائية إلى أشكال أكثر تطورًا، حتى وصل إلى النهضة المسرحية الحديثة التي ساهمت في تشكيل الفن المسرحي بصيغته المعاصرة.

اقرأ أيضا
تراث مصري (16).. حسن الشيشيني أستاذ الوطنية والفداء



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك