في خطابه بعد أحداث السويداء والقصف الإسرائيلي المكثف على دمشق، اتهم الرئيس السوري أحمد الشرع إسرائيل بالسعي إلى تحويل سوريا إلى ساحة فوضى، مشيراً إلى أن تل أبيب تهدف إلى تفكيك وحدة الشعب السوري وإضعاف قدراته على المضي قدما في مسيرة إعادة البناء والنهوض.
ويفرض هذا الخطاب تساؤلات حول مصير المحادثات غير مباشرة بين الحكومة السورية وإسرائيل لتهدئة الأوضاع، فخلال لقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه، الشهر الماضي، صرح الشرع بأن هناك مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل عبر وسطاء لـ"تهدئة الأوضاع وعدم خروجها عن السيطرة"، وفقا لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
من جانبها، قالت أليسون مينور، الخبيرة الأمريكية في شئون الشرق الأوسط في تصريحات لموقع المجلس الأطلنطي (مركز بحثي مقره واشنطن) إن الضربات الإسرائيلية التي استهدفت مقر وزارة الدفاع السورية في دمشق تعد نكسة للمحادثات غير المباشرة الجارية بشأن خفض التصعيد بين سوريا وإسرائيل، وفي الوقت نفسه تأكيدا على أهمية التوصل إلى اتفاق عدم اعتداء بين الطرفين.
وأوضحت مينور أن الحكومة الإسرائيلية تتعرض لضغوط قوية من الطائفة الدرزية في إسرائيل، عقب التصعيد الأخير بين جماعة مسلحة درزية في السويداء بجنوب سوريا والقوات التابعة للحكومة السورية.
وتابعت: "كما تواجه الحكومة الإسرائيلية أيضا ضغوطاً من مسئولين إسرائيليين يشككون بشدة في قدرة الحكومة السورية الجديدة على استعادة الاستقرار في البلاد".
ورأت مينور التي شغلت سابقاً منصب مديرة شئون شبه الجزيرة العربية في مجلس الأمن القومي الأمريكي، أن الهجمات الإسرائيلية التي طالت صميم الحكم في سوريا تمثل ضربة موجعة لسيادة الحكومة السورية الناشئة.
وأشارت إلى أنه إذا تُركت الأمور دون ضوابط، فقد يتصاعد الوضع إلى صراع أوسع يزيد من تفتيت سوريا ويمنح الجماعات المسلحة والمتطرفين مزيداً من الجرأة، على حد تعبيرها.
ونوهت إلى أنه من المفارقات أن هذا السيناريو لن يؤدي إلا إلى تفاقم التهديدات الأمنية التي تواجهها إسرائيل.
واستبعدت الخبيرة الأمريكية التوصل إلى اتفاق تطبيع بين سوريا وإسرائيل في المدى القريب، لكنها رأت أن اتفاق عدم اعتداء يعالج المخاوف الأمنية الإسرائيلية ويضع قيوداً على عملياتها العسكرية داخل سوريا يظل احتمالاً قائماً.
واعتبرت مينور أن مسارعة الحكومة السورية إلى إعلان هدنة جديدة مع الدروز عقب الضربات الإسرائيلية، يشير إلى رغبتها في تجنب أي تصعيد مع تل أبيب.
وأشارت الخبيرة الأمريكية إلى أن التوصل لاتفاق عدم اعتداء، يتطلب من الحكومة الإسرائيلية إعادة النظر جذرياً في نهجها تجاه سوريا عبر دعم الجهات الساعية إلى توحيد البلاد بدلا من تفتيتها، على حد قولها.