قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي كثّف في الأيام الأخيرة من استخدام العربات (المجنزرات) المفخخة المحمّلة بأطنان من المتفجرات لتدمير الأحياء السكنية المركزية في مدينة غزة.
وأضاف في بيان، اليوم الأربعاء، أن الاحتلال يسعى لتحقيق الهدف المعلن بتدمير المدينة وتهجير سكانها، وضمن تصعيد خطير لجريمة الإبادة الجماعية المتواصلة للشهر الرابع والعشرين على التوالي ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.
وأوضح المرصد أن فريقه الميداني وثّق تفجير جيش الاحتلال الإسرائيلي 10 عربات مجنزرة مفخخة (روبوتات) فجر اليوم الأربعاء، بين المنازل السكنية في "شارع 8" جنوبي حي "تل الهوا" في مدينة غزة، وهو أحد الأحياء السكنية المركزية للمدينة.
كما فجّر الاحتلال ثلاث عربات أخرى على الأقل بين المنازل السكنية في شارع "النفق" شرقي المدينة، وعدة عربات في محيط "بركة الشيخ رضوان" شمالي مدينة غزة.
وبيّن المرصد أن جيش الاحتلال كان في السابق يوجّه ويفجّر العربات المفخخة في ساعات الفجر تحديدًا، لكنه في الأيام الأخيرة بات يستخدمها على مدار الساعة، بما يضاعف احتمالات سقوط الضحايا إلى جانب الدمار الهائل الذي تخلفه.
وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي حوّل ناقلات جند أمربكية الصنع من طراز "إم 113"، بعد إخراجها من الخدمة، إلى روبوتات مفخخة تحمل كل واحدة منها ما لا يقل عن 7 أطنان من المتفجرات، ويوجّهها لتنفجر وسط الأحياء السكنية المكتظة.
وتابع: «ما يحدث يحاكي أكثر تطرفًا ووحشية للأسلوب الذي استخدمه تنظيم داعش في سوريا والعراق، والذي قوبل حينها بإدانة واسعة وإجراءات رادعة من المجتمع الدولي، بينما يُسمح لإسرائيل اليوم باستخدام الأسلوب ذاته على نطاق أوسع وبتدمير أشمل ودون أي مساءلة، في تعبير فجّ عن ازدواجية المعايير وغياب العدالة في النظام الدولي».
ونبّه المرصد الأورومتوسطي بأنّ الأثر الكارثي للعربات المفخخة لا يقتصر على التدمير المادي الواسع للأحياء السكنية وما يخلفه من ركام وتشريد، بل يتعداه إلى استخدام منهجي للإرهاب النفسي ضد السكان المدنيين عبر إشاعة أقصى درجات الرعب والفزع ودفعهم قسرًا إلى النزوح.
ولفت إلى أن التفجيرات تُحدث أصواتًا مدوية تهزّ أرجاء مدينة غزة بكاملها، وترتجف المباني المتبقية تحت وطأة الموجات الانفجارية العنيفة، فيما يعيش السكان تحت وقع صدمات متكررة تحوّل حياتهم اليومية إلى حالة دائمة من الخوف والاضطراب وانعدام الأمان.
وأكّد أنّ الوتيرة غير المسبوقة لتدمير ومسح الأحياء السكنية في مدينة غزة بواسطة العربات المفخخة تؤشر إلى تصميم إسرائيل على تنفيذ خطتها المعلنة بمحو المدينة عن الوجود، إذ تُظهر التقديرات أنّها قد تحتاج إلى أسابيع قليلة فقط لتدمير ما تبقّى من المدينة قياسًا على الوتيرة الحالية التي يُرجّح أن تتصاعد مع مرور الوقت بفعل الإمكانيات النارية الهائلة التي يمتلكها جيش الاحتلال الإسرائيلي، وفي ظل الغياب الكامل لأي عوامل ضاغطة أو مساءلة دولية من شأنها وقف هذه الجرائم المستمرة ضد الفلسطينيين.
وأشار المرصد إلى أنّ فريقه الميداني وبعد تقييمات أولية لنتائج عمليات النسف بواسطة العربات المفخخة، يقدّر أنّ كل عربة مفخخة كفيلة بتدمير نحو 20 وحدة سكنية بشكل كلي أو جزئي بالغ، وهو ما يعني -على المدى الزمني القريب- خسارة مئات آلاف الأشخاص لمنازلهم وأماكن إيوائهم، وإجبارهم على النزوح مرة أخرى في ظروف مميتة، ودون أدنى مقومات البقاء والنجاة.
وبيّن أن دوي الانفجارات الناجمة عن تفجير العربات المفخخة يصل في كثير من الأحيان إلى مسافات بعيدة تتجاوز مساحة قطاع غزة بأكمله، حيث يُسمع على نطاق يزيد عن 40 كم من مركز الانفجار، وهو ما يعكس التدمير الواسع الذي يخلّفه هذا النوع من الأسلحة التي تستخدمها إسرائيل لمحو المدن في قطاع غزة.