تبدأ النهار بهمة ونشاط، تنصرف إلى عملك بكامل طاقتك. يرتفع منحنى الطاقة فى منتصف النهار إلى أعلى نقطة ثم يبدأ فى الهبوط. يقل تركيزك بالتدريج تسأل السؤال نفسه لأكثر من مرة حتى بعد حصولك على إجابة وافية، يزعجك طول حديث ضيفك فتنشغل عنه برسم دوائر لا معنى لها لا ترغب فى الرد على التليفون، تهفو نفسك إلى فنجان من القهوة سكر زيادة أو قطعة من الشيكولاتة. إذن فقد قارب نهارك على نهايته وقد تحتاج لإغفاءة قصيرة.

إذا بدأت الطاقة تنسحب من جسدك فأول ما تفكر فيه قد يكون مشروبا حلو المذاق أو أى مصدر للسكر لأننا جميعا نعرف أن فتور الهمة الذى يعلن عن رغبة فى النوم أثناء النهار ناجم عن انحسار السكر فى الدم.

تقرير غذائى هام نشر فى الدورية العلمية Journal Neuron هذا الشهر يدعوك لاستبدال السكر بالبروتين.

إذا أردت أن تستعيد طاقتك ولم تستسلم لإغفاءة العصر فالجأ لحفنة من اللوز تمدك بالطاقة وتعيد إليك تركيزك ولا تساهم فى زيادة وزنك.

هذا ما يؤكده التقرير الغذائى الذى يؤكد أن البروتين وليس السكر هو الذى ينبه بعضا من خلايا المخ المتخصصة (orexin) والتى تحرص على اليقظة والأرق بل ولها القدرة على إرسال رسائل لمخازن الطاقة فى الجسم كالكبد لبدء تحويل الجليكوجين المدخر فيه إلى جلوكوز بدلا من أن يستنفذ من العضلات.

الواقع أن السكر (الجلوكوز) يوقف عمل تلك الخلايا الباعثة على اليقظة الأمر الذى يبعث الإحساس بالخمول والرغبة فى النوم فى فترات ما بعد الظهيرة الأمر الذى يخالفه تماما فعل الأحماض الأمينية فى البروتين والذى يحفز تلك الخلايا على إفراز موادها الكيماوية الفعالة مسببة اليقظة والإحساس بالطاقة المتجددة.

يؤكد التقرير ذاته على أهمية توازن الغذاء التى تأتى فى المرتبة الأولى قبل مجموع السعرات الحرارية. طعامان أولهما متوازن والثانى يغلب عليه النشا والسكر ولهما نفس عدد السعرات الحرارية يمكن لك أن تستفيد من الأول بطاقة منتظمة لا تخذلك فى آخر النهار ويدفعك انحسارها للخمول والنوم. عوامل أخرى يمكنها مساعدتك فى الحصول على طاقة مجددة لنشاطك يمكنك مراجعتها كالتالى:

< أضف البروتين دائما لغذائك
حاول دائما أن تضيف البروتين لوجباتك الثلاث فى صورته المفيدة التى تمنحك الطاقة دون أن تتسبب فى زيادة وزنك. اختر من اللحم الأحمر قليل الدسم، السمك، الدجاج المنزوع الجلد، بياض البيض دون صفاره، التوفو من المطبخ الصينى، الحبوب والبقوليات مثل اللوبيا والفاصوليا والفول والعدس. يمكنك أيضا اختيار أصناف غنية بالبروتين بين الوجبات مثل المكسرات، البيض المسلوق، الجبن قليل الدسم، الزبادى خاصة اليونانى، ومشروب الصويا.

< اختر من النشويات منخفض العامل السكرى
الجلوكوز هو الوحدة الأولى فى السكريات وهو أسرع وسيلة للطاقة تدفعها الشرايين فى الجسم حين الحاجة إليها. السكريات المعقدة (النشويات) هى أفضل وسيلة للحصول على الجلوكوز على أمد طويل إذ إن تفكك النشويات وتكسيرها من تلك الصورة المعقدة يحتاج إلى وقت وطاقة وهو التوازن المطلوب. مثال تلك النشويات المفيدة: الخبز المصنوع من الحبوب الكاملة، ردة القمح، السيريال المصنوع من الردة والحبوب، الشوفان، اللبن منزوع الدسم، الزبادى مشروبات الصويا. من الفواكه التفاح، الكمثرى، البرتقال، المشمش المجفف، الفراولة، المكسرات، الحبوب والبقوليات.

< لا تهمل فطورك أبدا
الإفطار بانتظام فى الصباح لازم فالطاقة التى تستمدها منه لها دور فى إنعاش الحالة النفسية فى بداية النهار كذلك الحالة الذهنية والذاكرة.
من الأمثلة الصحية طيبة المذاق والأثر صباحا: السيريال مع اللبن الدافئ والفاكهة الخبز الأسمر مع بياض البيض واختيارات من الفاكهة، الجبن قليل الدسم مع الخبز المصنوع من الحبوب الكاملة والمشمش المجفف، الفراولة مع مسحوق بذور الكتان، الشوفان باللبن الدافئ واختيارك من الفاكهة أو الزبادى.

< فكر فى وجبة ثانوية (سناك)
مع الإفطار الجيد صباحا يجب ألا تتجاوز ثلاث ساعات بدون قدر يسير من الطعام (نصف موزة، تفاحة، خيارة، أعواد من الخس الطازج) إنها على ما تراه فيها من قيمة بسيطة إلا أنها بالفعل لازمة للحفاظ على مستوى الجلوكوز فى الدم والذى يعنى انخفاضه عن المعدل الطبيعى انحسارا للطاقة ودعوة للإحساس بالفتور والخمول.
قطعة من الفاكهة أو حفنة من اللوز أو المكسرات المتاحة، كلها لا تتجاوز ٢٠٠ سعر حرارى إذا كنت حريصا على عدم زيادة وزنك لكنك بالفعل تحتاج لطاقة تطرد عنك النعاس فى نهاية يوم عمل طويل.

< اشرب الماء
يحمل الماء لكل أعضاء وأنسجة الجسم الأكسجين وكل المواد الغذائية مع تيار الدم السارى فى الشرايين ليعود فى الأوردة محملا بكل بقايا ومنتوج التفاعلات الحيوية كلها لذا فأهميته لا تحتاج لمناقشة.
يجب أن يتناول الرجل فى اليوم ما لا يقل عن ٣ لترات من الماء والمرأة ٢٫٢ أى بمعدل ١٢ كوبا، ٩ فى اليوم متضمنة كل السوائل حتى الشاى والقهوة.

< انتبه للكافيين
قد ينقذك بالفعل فنجان من القهوة المركزة ليعيد إليك تركيزك لكن لا تنس أن تناوله خاصة بعد العصر قد يحتفظ بك مؤرقا طوال الليل.
فنجانان من القهوة يوميا متوسطا التركيز من القهوة المفلترة فيهما أكثر مما يحتاجه الإنسان خاصة السيدات فى عمر الحمل والولادة. ويحسن أن تنحسر كمية الكافيين بالتدريج إذا عزم الإنسان على الامتناع عن القهوة. ثلاثة أسابيع من انسحاب الكافيين ببطء كافية لتفادى التعرض للآثار الجانبية التى قد تعيد الإنسان مرة أخرى لسيرته الأولى.

< لا تنس ما يحتاجه الجسم من حديد
نقص الحديد حتى قبل ظهور الأنيميا يؤدى للإجهاد والإحساس بالتداعى وعدم القدرة على التركيز. تناول الحديد من الغذاء الغنى به هو أفضل الطرق للحصول عليه. من الأطعمة الغنية بالحديد: الدجاج بأنواعه، سمك التونة، أنواع السيريال المدعمة بالحديد للإفطار، التوفو من المطبخ الصينى، الحبوب والبقوليات ومنها الفول والعدس، السبانخ والخضراوات داكنة الخضرة مثل الملوخية والخبيزة أيضا الزبيب والقراصيا.

إغفاءة العصر ظاهرة تعرفها شعوب حوض البحر الأبيض المتوسط ومنهم من يحرص عليها فتقف الحياة وتغلق المحال العامة من الثالثة للخامسة فى بلاد مثل إيطاليا وإسبانيا وكنا أيضا ننعم بها فى زمن مضى لكنها الآن مشكلة لدى بلاد تعتمد اليوم الطويل لإنجاز العمل فى كل المؤسسات لذا فمن وجهة نظرهم هى مشكلة تستوجب النقاش وتحتاج لحل. إذا كانت مشكلتك أيضا عزيزى القارئ فعاود القراءة أما إذا كنت من أنصار إغفاءة العصر فانس الأمر برمته.