قال الدكتور محمود محيي الدين المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية والمدير التنفيذي بصندوق النقد الدولي، إن النظر إلى الزيادة السكانية باعتبارها عبئًا فقط هو أمر خاطئ، لأن الإنسان ليس مجرد ساكن بل هو مورد وأداة إنتاج وتطوير وابتكار.
وأضاف خلال صالون ماسبيرو الثقافي الذي عرضته شاشة «إكسترا نيوز»، أن النظرة التقليدية للاقتصاد كانت تعتبر عناصر الإنتاج هي: الأرض، ورأس المال، والعمل، ومعهم المنظم، لكن المفهوم الحديث يُبرز البشر والأفكار كأهم عوامل التقدم.
وأوضح أن هذه الرؤية ليست نظرية فقط، بل تستند إلى نماذج اقتصادية حديثة حازت اعترافًا عالميًا، مثل نموذج «النمو الذاتي» الذي نال بسببه الاقتصادي بول رومر جائزة نوبل، لأنه تمرد على النموذج التقليدي.
وأكد أن الاستثمار في البشر والمعرفة هو المحرك الرئيسي للنمو، وليس فقط وفرة الموارد أو رأس المال.
وأشار إلى مثال سنغافورة، التي بدأت في الستينيات بلا موارد طبيعية تُذكر، ولا رأس مال، وحتى طُردت من الاتحاد الماليزي، لكن بفضل الاستثمار في التعليم والرعاية الصحية، أصبحت نموذجًا عالميًا في التنمية وجاذبة للاستثمار، رغم مساحتها المحدودة.
ونوه بأن هناك زيارة مهمة مرتقبة لمسئول كبير من سنغافورة إلى مصر، داعيًّا إلى الاهتمام بها إعلاميًا وشعبيًا، لأنها فرصة لفهم تجربة تنموية ملهمة.
وأكد محيي الدين أن رأس المال البشري لا يمكن أن يُفعل دون بيئة معرفية وابتكارية، وأن البيانات والمعلومات أصبحت اليوم أساس كل شيء، خاصة في عالم الإعلام وصناعة القرار.
وتابع: «البيان المضلل لا يضر فقط القارئ، بل يضلل صانع القرار أيضًا، ويعيق التنمية».
واختتم محيي الدين حديثه بالتأكيد على أن العالم الجديد لا يُبنى على الموارد الطبيعية وحدها، بل على رأس المال البشري والبيانات والمعرفة والابتكار.
وأكد أنّ الدول التي تدرك هذا التحول وتستعد له، ستكون الأقدر على تحقيق التقدم واللحاق بركب النمو العالمي.