التلوث البلاستيكي يتسلّل إلى أنسجة الخضروات.. أدلة علمية تكشف الخطر الخفي - بوابة الشروق
السبت 20 سبتمبر 2025 8:49 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

برأيك.. من البديل الأنسب لـ ريبيرو في النادي الأهلي؟

التلوث البلاستيكي يتسلّل إلى أنسجة الخضروات.. أدلة علمية تكشف الخطر الخفي

رنا عادل
نشر في: السبت 20 سبتمبر 2025 - 5:21 م | آخر تحديث: السبت 20 سبتمبر 2025 - 5:21 م

لم يعد التلوث البلاستيكي مشكلة تقتصر على البحار والشواطئ. فبعد سنوات من التحذيرات حول وجود جزيئات دقيقة في الأسماك والمأكولات البحرية وملح الطعام والمياه المعبأة، تكشف دراسة حديثة عن مستوى جديد من القلق: جزيئات البلاستيك النانوية قد تتغلغل داخل أنسجة الخضروات نفسها.

الدراسة، التي نُشرت في مجلة Environmental Research، توفّر أول دليل مباشر على أن هذه الجزيئات لا تبقى على سطح النباتات أو تأتي من التربة فقط، بل يمكنها الوصول إلى الأجزاء الصالحة للأكل، ما يفتح بابًا واسعًا لبحث تأثيرها المحتمل على صحة الإنسان وسلامة السلسلة الغذائية.


خلال السنوات الأخيرة، تكاثرت التحذيرات العلمية من التلوث البلاستيكي، إذ تناولت العديد من الدراسات تأثيره على بيئة المحيطات، كما كشفت أبحاث أخرى عن وجود جزيئات ميكرو بلاستيكية في الأسماك والمأكولات البحرية، وفي ملح الطعام والمياه المعبأة، وحتى في بعض الخضروات والفواكه. غير أن تلك الاكتشافات كانت تُرجَّح غالباً بأنها ناتجة عن انتقال الجزيئات عبر السطح أثناء الغسل أو بسبب التربة والمياه الملوّثة.

لكن بحثاً حديثاً، نُشر في مجلة Environmental Research، قدّم أدلة غير مسبوقة على أن جزيئات البلاستيك النانوية يمكنها التغلغل داخل أنسجة النباتات نفسها، لتصل إلى الأجزاء الصالحة للأكل من الخضروات.

اختراق حاجز الجذور

وفقاً لصحيفة الإندبندنت، قاد فريق من جامعة بليموث البريطانية دراسة شارك فيها خبراء في علوم النبات والكيمياء البيئية والتلوث البلاستيكي. اعتمد الباحثون على زراعة الفجل في نظام مائي معرَّض لجزيئات بلاستيكية نانوية مصنوعة من البوليسترين. ومن خلال استخدام الكربون المشع لتتبع حركة هذه الجزيئات، تبيّن أن نحو 5% منها تمكّن من دخول الجذور خلال خمسة أيام فقط.

المفاجأة الأكبر كانت قدرة هذه الجزيئات على تجاوز “الشريط الكاسبرى”، وهو حاجز بيولوجي طبيعي في جذور النباتات يعمل كخط دفاع ضد دخول المواد الضارة. وتُعد هذه المرة الأولى التي يثبت فيها العلماء أن النانوبلاستيك قادر على عبور هذا الحاجز الحيوي.

تراكم داخل الأجزاء القابلة للأكل

بعد اختراق الجذور، وجد الفريق البحثي أن الجزيئات لا تبقى محصورة فيها فحسب، بل تراكم نحو ربعها في الجزء اللحمي الصالح للأكل من الفجل، بينما تحرّك ما يقرب من 10% منها إلى الأوراق. وتفتح هذه النتائج الباب أمام احتمالية وصول البلاستيك إلى الإنسان من داخل أنسجة الخضروات، لا من أسطحها فقط.

ليس مقصوراً على الفجل

يشدد العلماء على أن النتائج لا تعني أن الفجل وحده معرَّض لهذا النوع من التلوث؛ فالآلية التي تسمح بمرور النانوبلاستيك عبر الجذور قد تكون موجودة في أنواع متعددة من الخضروات المزروعة حول العالم مثل الخس والقمح.

ورجّحت دراسات معملية سابقة إمكانية اختراق النانوبلاستيك لجذور هذه النباتات، لكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إثبات ذلك تجريبياً وبشكل مباشر.

تداعيات صحية مقلقة

ورغم أن التأثير الصحي المباشر لهذه الجزيئات داخل جسم الإنسان ما يزال غير واضح، فإن المخاوف تتصاعد. فالبلاستيك يتحلل بمرور الوقت إلى قطع أصغر فأصغر، والنانوبلاستيك دقيق للغاية لدرجة تمكّنه من تجاوز الدفاعات البيولوجية الطبيعية.

ويحذر الباحثون من أن هذه الجزيئات قد تسبب التهابات، أو تنقل مواد سامة مرتبطة بها، أو تعرقل العمليات الخلوية الحيوية.

وأضاف الفريق أن النتائج تفرض ضرورة عاجلة لتوسيع نطاق الدراسات لتشمل محاصيل أخرى وظروف زراعة مختلفة، بهدف تقدير حجم المشكلة عالمياً وتقييم آثارها الصحية المحتملة.

مشكلة لم تعد بيئية فقط

أشار البروفيسور ريتشارد تومسون، رئيس وحدة أبحاث النفايات البحرية بجامعة بليموث وأحد المشاركين في الدراسة، إلى أن الباحثين اعتادوا العثور على جزيئات البلاستيك في كل مكان تم فحصه سابقاً، سواء في البيئات البحرية أو في منتجات غذائية مختلفة، وهو ما يعكس اتساع نطاق تأثير التلوث البلاستيكي، خاصة مع ظهور مخاوف من انتقاله إلى السلسلة الغذائية البشرية.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك