ذكرى ميلاد ستيفن كينج.. ملك الرعب الذي حوّل المخاوف الإنسانية إلى أدب خالد - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 سبتمبر 2025 9:15 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

برأيك.. من البديل الأنسب لـ ريبيرو في النادي الأهلي؟

ذكرى ميلاد ستيفن كينج.. ملك الرعب الذي حوّل المخاوف الإنسانية إلى أدب خالد

منى غنيم
نشر في: الأحد 21 سبتمبر 2025 - 6:42 م | آخر تحديث: الأحد 21 سبتمبر 2025 - 6:42 م

- كاتب استثنائي رفع من قيمة أدب الرعب في الثقافة الشعبية..وأثبت أن قصص الرعب يمكن أن تكون مرآة عميقة للإنسانية

 

تحل ذكرى ميلاد الكاتب الأمريكي، ستيفن كينج، في الحادي والعشرين من سبتمبر، والذي تمكن من التربع على عرش أدب الرعب لسنوات عديدة، وأصبح خلال نصف قرن من الإبداع واحدًا من أعمدة الأدب العالمي، وأكثر الأقلام الأدبية تأثيرًا في الثقافة الشعبية.

وعُرف "كينج" بلقب “ملك الرعب” نظرًا لما قدمه من أعمال جمعت بين الخيال الجامح، والرعب العميق، والنقد الاجتماعي الدقيق، حتى صار اسمه مرادفًا للرواية التي تُبقي القارئ مشدودًا حتى الصفحات الأخيرة.

وقد نشأ "كينج" في أسرة متواضعة بعد أن ترك والده البيت وهو في الثانية من عمره، مما جعله يعيش طفولة مليئة بالصعوبات، فقضى سنوات طويلة في ولاية مين الأمريكية، التي ستصبح لاحقًا المسرح الرئيسي لكثير من رواياته.

وكان "كينج" مولعًا بالقراءة في صغره، وخصوصًا قصص الرعب والخيال العلمي، كما بدأ كتابة قصص قصيرة وهو لا يزال في المدرسة. والتحق بجامعة مين ودرس الأدب الإنجليزي، وهناك واصل شغفه بالكتابة إلى جانب عمله في وظائف بسيطة لتغطية مصاريفه.

وجاءت أول شهرة حقيقية له مع رواية “كاري” التي رأت النور عام 1974، والتي نُشرت بعد أن تردّد "كينج" في إكمالها وألقى بمسودتها في القمامة، حتى قررت زوجته الكاتبة، تابيثا كينج، أن تستعيدها وتشجعه على إنهائها، ولم تفتح له تلك الرواية أبواب الشهرة فحسب، بل أطلقت مسيرة استثنائية جعلت اسمه حاضرًا في المكتبات ودور السينما لعقود طويلة بعد ذلك.

غزارة الإنتاج

وقد عُرف عن "كينج" غزارة الإنتاج؛ حيث نشر أكثر من 60 رواية، بينها أعمال صدرت بأسماء مستعارة مثل “ريتشارد باكمان”، إضافة إلى أكثر من 200 قصة قصيرة، وتُرجمت كتبه إلى معظم لغات العالم، وبيع منها ما يزيد عن 350 مليون نسخة، ويعتبر "كينج" من الكتاب القليلين الذين تمكنوا من الجمع بين غزارة الإنتاج والحفاظ على مستوى أدبي متماسك بهذا الشكل.

ومن بين أبرز رواياته: رواية "البريق" الصادرة عام 1977 والتي تحولت إلى فيلم كلاسيكي أخرجه المخرج الأمريكي، ستانلي كوبريك، ورواية "الشىء" الصادرة عام 1986 والتي أعادت تعريف أدب الرعب وابتكرت شخصية المهرّج المرعب “بيني وايز”، ورواية "بؤس" الصادرة عام 1987 التي صوّرت علاقة عاطفية مدمرة بين أحد المؤلفين ومعجبة مهووسة بأعماله، ورواية "الميل الأخضر" الصادرة عام 1996 والتي عُرفت بعمقها الإنساني قبل أن تتحول إلى فيلم شهير، ورواية "11/22/63" الصادرة عام 2011 التي خلط فيها بين الخيال التاريخي والسفر عبر الزمن.

الرعب كآداة لفهم الإنسان

وتحدثت صحيفة "النيويوركر" عن "كينج" باعتباره كاتبًا لا يستخدم الرعب كغاية في ذاته، بل كوسيلة للكشف عن أعمق مخاوف الإنسان؛ ففي الحقيقة، فإن أشباح ووحوش "كينج" الشهيرة ليست مجرد كائنات خارقة، بل انعكاسات لمخاوف واقعية؛ كالوحدة، وفقدان البراءة، والعزلة، وإرث الماضي الثقيل؛ فرواية "الشىء" مثلًا لا تدور فقط حول وحش يطارد الأطفال، بل حول مواجهة الذكريات المريرة عند البلوغ.

وأشارت مجلة People إلى أن "كينج" نفسه يظل متأثرًا بأعمال غيره، إذ اعترف أن بعض الأفلام المرعبة تركت فيه أثرًا كبيرًا رغم أنه "ملك الرعب"، وهذه الشفافية في الاعتراف بخوفه الشخصي جعلته أكثر قربًا من جمهوره.

نجاح سينمائي غير مسبوق

حينما نتحدث عن "كينج" لا يمكننا أن نغفل النجاح السينمائي المبهر للأفلام المقتبسة من أعماله؛ فقليلون من الكتّاب حظوا بانتشار سينمائي مثل ستيفن كينج الذي استند أكثر من 50 فيلمًا وعشرات المسلسلات التلفزيونية إلى أعماله، بدءًا من "كاري" في السبعينيات وصولًا إلى الإصدارات الحديثة مثل "دكتور سليب" ونسخة 2017 من "الشىء".

ويصنف فيلم "الخلاص من شاوشانك" (المقتبس عن قصة قصيرة بعنوان ريتا هيوارث والخلاص من شاوشنك)، بين أعظم الأفلام في التاريخ، كما ترشح فيلم "الميل الأخضر" من بطولة النجم الأمريكي، توم هانكس، إلى فيلم مؤثر ترشح لعدة جوائز أوسكار.

ورغم ذلك، لم يُخفِ "كينج" خيبة أمله من بعض الأفلام التي لم ترقَ لتوقعاته، ومن بينها فيلم "كوبريك"، "البريق"، التي اعتبرها بعيدة عن روح روايته.

حياة شخصية مليئة بالتحديات

وقد عاش ستيفن كينج حياة مليئة بالصعوبات وراء ستار هذا النجاح الكبير؛ فقد تحدّث علنًا عن صراعه مع الإدمان في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وكيف انعكس ذلك على كتاباته، خصوصًا في "البريق" التي جسّدت صراع بطلها مع إدمان الكحول، وأكد "كينج" أن الكتابة كانت وسيلته للتطهر ومواجهة شياطينه الخاصة.

وقد تعرّض "كينج" عام 1999 لحادث مروّع حين صدمته شاحنة أثناء سيره في ولاية مين، وأصيب بجروح خطيرة كادت تودي بحياته، استغرق تعافيه سنوات، لكنه عاد إلى الكتابة بقوة، مؤكدًا أن الأدب كان بالنسبة له "وسيلة للبقاء".

كاتب حاضر في السياسة والمجتمع

لم يكتفِ "كينج" بكونه كاتبًا للأدب الخيالي، بل أصبح أيضًا صوتًا حاضرًا في النقاش العام الأمريكي، وقد نقلت عنه صحيفة "الجارديان" ذات مرة وصفه للرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب بأنه "قصة رعب بحد ذاته"، معلقًا على السياسة الأميركية من منظور أدبي ساخر، كما اشتهر بمواقفه السياسية الواضحة وانتقاداته للسلطة على حسابه في “إكس” (تويتر سابقًا)،

إرث أدبي وإنساني

ويبقى ستيفن كينج اليوم، ومع بلوغه 78 عامًا، علامة فارقة في الأدب العالمي؛ فهو ليس مجرد كاتب رعب، بل صاحب مشروع أدبي متكامل جعل الخوف وسيلة لاكتشاف الذات والمجتمع، وفي أحد لقاءاته، وصف الكتابة بأنها "فعل مقاومة"، مقاومة للنسيان، وللخوف، وللموت ذاته.

وفي الختام، فإن إرث "كينج" لا يُقاس فقط بعدد النسخ المباعة أو الأفلام المقتبسة، بل في الطريقة التي غيّر بها نظرتنا للرعب كنوع أدبي. فقد رفعه من الهامش إلى صلب الأدب الأميركي، وأثبت أن قصص الرعب يمكن أن تكون مرآة عميقة للإنسانية.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك