• أبرز الحضور زياد بهاء الدين وزاهى حواس وصلاح دياب ومحمد سلماوى وهالة السعيد وطارق الملا وجلال السعيد وطارق نور وعبد الله السناوى
• إبراهيم المعلم: كتب فى أعقد القضايا وأدقها بأسلوب سلس وشيق وسهل جدًا
• منى سعيد الطويل: نداء داخلى أعادنى من أمريكا لتبدأ قصتى مع صلاح منتصر
- صممت على نشر الكتاب بدار الشروق لأنها أكبر دار نشر عربية، ونشر الكتاب ليصل لكل قراء ومحبى صلاح منتصر
فى أمسية دافئة امتزجت فيها المودة بالوفاء، احتفت دار الشروق بإطلاق ومناقشة وتوقيع كتاب «سنوات مع صلاح منتصر.. الإنسان.. الزوج.. الصحفى المستقل»، الذى يقدّم سيرة غير تقليدية للكاتب الكبير الراحل، عبر عينىّ أقرب الناس إليه: زوجته الكاتبة منى سعيد الطويل، ومحرر الكتاب الصحفى محمد السيد صالح.

الكتاب الذى صدر عن دار الشروق لا يكتفى بأن يرصد رحلة منتصر المهنية الممتدة على مدى عقود، بل يكشف عن جوانب إنسانية وشخصية عميقة، قلّ أن نراها فى سرد السيرة الذاتية لرموز الصحافة المصرية. فهو يقترب من روحه اليومية، من تفاصيله البسيطة، ومن علاقته بالحياة والعمل والناس، فى مزيج يجمع بين الدقة الصحفية ودفء الاعتراف الإنسانى.
أدار اللقاء الكاتب الصحفى عماد الدين حسين، رئيس تحرير جريدة الشروق، فى حضور نخبة من الشخصيات العامة التى جمعتها بالراحل روابط المودة أو الزمالة أو التقدير المهنى، وذلك فى مكتبة القاهرة الكبرى بالزمالك.
تقدَّم الحضور المهندس إبراهيم المعلم، رئيس مجلس إدارة مجموعة الشروق، ورجل الأعمال صلاح دياب ناشر المصرى اليوم، والدكتورة هالة السعيد مستشار رئيس الجمهورية للشئون الاقتصادية ووزيرة التخطيط السابقة، والمهندس طارق الملا وزير البترول الأسبق، والدكتور جلال السعيد محافظ القاهرة الأسبق، وأميرة أبو المجد، مدير النشر والعضو المنتدب لدار الشروق.
كما شارك فى الأمسية الكاتب الكبير محمد سلماوى، وطارق نور رئيس مجلس إدارة الشركة المتحدة، والدكتور زياد بهاء الدين نائب رئيس مجلس الوزراء الأسبق، والدكتور زاهى حواس وزير الآثار الأسبق، والكاتب الصحفى عبد الله السناوى، والدكتورة هانيا الشلقامى ونادية أبو العلا مؤسسة نادى كتاب الشروق، والكاتب الصحفى علاء الغطريفى، رئيس تحريرجريدة المصرى اليوم، ومنى عبدالناصر، ابنة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وإيهاب الزلاقى ولبنى السادات وعدد كبير من رجال الأعمال والسياسة والإعلام.
وقد تحوّل اللقاء إلى مساحة من الحنين والاعتراف والتقدير، استعاد فيها الحاضرون ملامح صلاح منتصر الإنسان قبل الصحفى، والزوج قبل الكاتب، الذى ظلّ حتى أيامه الأخيرة مؤمنًا بدور الكلمة، ومدافعًا عن القيم المهنية والاستقلال الفكرى.
والكتاب يقدّم شهادة حية وثرية على مسيرة الكاتب والصحفى الكبير صلاح منتصر، متناولًا محطاته الإنسانية والفكرية، ورؤيته العميقة تجاه الواقع والمستقبل، فى صياغة أقرب إلى السيرة الفكرية.
عماد الدين حسين: هذا الكتاب «فريضة» على كل صحفى أن يقرأه
قال عماد الدين حسين رئيس تحرير الشروق، إن أسباب سعادته بالكتاب كثيرة، أولها: إنه يقدم نموذجًا وسطيًا راقيًا للصحفى وهو ما نحتاجه اليوم فى الصحافة المصرية والعربية، مشيرًا إلى أن هذا الكتاب «فريضة على كل صحفى أن يقرأه ليعرف كيف يكون الصحفى الحقيقى»، موجّهًا التحية لمؤلفته منى سعيد الطويل.
واستشهد رئيس تحرير الشروق بعددٍ من العناوين اللافتة فى الكتاب، من بينها المقدمة التى كتبها رجل الأعمال المهندس صلاح دياب، والتى اعتبرها عماد الدين حسين جملة مفتاحية، إذ قال دياب فى مقدمته: «عاهد نفسه ألا يكتب إلا ما يُرضى ضميره ويُلبى حاجة قارئه. لم يُجامل حاكمًا أو صاحب نفوذ أو صديقًا، كان يؤمن بمقولة: «قُل كلمتك وامش».
كما استشهد عماد بما كتبته زوجته منى الطويل فى الكتاب، إذ قالت: «جمع بين الحرية والمسئولية، كان متوازنًا فى كل شىء، لم يكن من الكتّاب الذين يكتبون لإرضاء سلطة أو جمهور، الاستقلال المهنى عنده لم يكن ترفًا بل واجب، الصحفى الذى يفقد استقلاله يفقد ذاته، كان الصحفى الذى لم يهادن فى الحق ولا ينزلق فى مبالغة أو مجاملة، لم يكتب بلغة الصراخ بل بلغة العقل، ظل محافظًا على مسافة كافية من الجميع».

منى الطويل: كرّس سبعين عامًا من عمره لخدمة الصحافة
روت منى الطويل تفاصيل لقائها الأول بصلاح منتصر، موضحة أنها كانت تعمل فى الولايات المتحدة، لكنها ذات يوم، وهى داخل المعمل، انتابها إحساس غامض بأنها يجب أن تعود إلى القاهرة فورًا، فرفضت المنحة التى كانت حصلت عليها، وحجزت تذكرة الطيران لتعود إلى مصر، لتبدأ من هناك قصة ارتباطها بالكاتب الكبير صلاح منتصر.
وفى معرض إجابتها عن سؤال حول الدافع وراء تأليف الكتاب، قالت منى سعيد الطويل: استلهمت فكرة الكتاب من اللقاء الأخير الذى جمع الراحل صلاح منتصر بأبناء شقيقه وأحفاده، حين راح يروى لهم ذكريات حياته منذ بداياته فى دمياط مرورًا بمحطاته المختلفة، وكأنها قصة مشوّقة تُروى للمرة الأولى». وصممت على نشره بدار الشروق لأنها أكبر دار نشر عربية، ونشر الكتاب بها يضمن وصوله لكل قراء ومحبى صلاح منتصر.
وأشارت إلى أنها فهمت الرسالة حينها، وأيقنت أن عليها تحقيق تلك الأمنية التى شعرت أنه أرادها، أو على الأقل سيكون سعيدًا بإتمامها، وهى جمع كل ما كُتب هنا وهناك عن فصول ومحطات فى حياته، من البداية إلى النهاية، بين دفتى كتاب.
وأوضحت أن زوجها كرّس سبعين عامًا من عمره لخدمة الصحافة، معتبرة أن هذه المسيرة وحدها كانت كافية لتدفعها إلى توثيق سيرته.
وتابعت قائلة: «قضيت عامين أفكر فى نقطة البداية، حتى جاء عام 2022 حين قررت دخول مكتبه أبحث بين أوراقه عن خيط أبدأ منه. لكن كثرة الأوراق جعلتنى أشعر أننى سأغرق وحدى، فاتصلت بالمهندس صلاح دياب الذى رشّح لى الكاتب الصحفى محمد السيد صالح ليعاوننى فى العمل»، وقدّمت له التحية على خروجه بالكتاب بالصورة التى تمنّتها.
وتحدثت منى سعيد الطويل عن المشروعات التى تعاهدت على إنجازها، تخليدًا لمسيرة الراحل صلاح منتصر، مشيرة إلى أنها كانت قد قررت العمل على ثلاثة مشروعات، جاء فى مقدمتها إصدار هذا الكتاب.
.jpeg)
وأضافت أن المشروع الثانى يتمثل فى تخصيص مكان مناسب تهدى إليه مكتبة صلاح منتصر بما تحويه من كنوز، لا تضم مؤلفاته فحسب، بل أيضًا مقتنياته الشخصية، بهدف جمعها فى مكان واحد وإتاحتها للجمهور، شرط أن تبقى محفوظة ومصونة.
وكشفت أن المشروع دخل حيز التنفيذ بالفعل، بعد أن وجدت المكان المناسب داخل جامعة القاهرة، حيث جرى تخصيص مساحة فى المكتبة المركزية ضمن القسم الخاص بالإهداءات، مشيرة إلى أن كتب الراحل موجودة حاليًا هناك وتخضع للتصنيف تمهيدًا لعرضها فى قسم يحمل اسم صلاح منتصر. وقدمت الشكر إلى الدكتور محمد سامى عبد الصادق، رئيس جامعة القاهرة، والدكتور محمود السعيد، نائب رئيس الجامعة، والدكتورة سرفيناز حافظ، مديرة المكتبة المركزية، على دعمهم لهذه الخطوة.
أما المشروع الثالث، فقالت الطويل إنه يتمثل فى إنشاء متحف للصحافة، ودعت نقابة الصحفيين والمؤسسات الصحفية والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى تبنّى هذا المشروع وتحويله إلى حقيقة، تكريمًا لتاريخ المهنة وروّادها.
وخلال الحوار، مازح الكاتب الصحفى عماد الدين حسين السيدة منى سعيد الطويل بسؤالٍ عن العلاقة الزوجية التى بدت مثالية إلى حد كبير، قائلًا: هل كانت فعلا بهذه المثالية؟ ابتسمت وقالت: «لأ طبعًا، كانت مثالية بنسبة 90% فقط، أما العشرة فى المائة الباقية فكانت مثل أى حياة زوجية، لا تخلو من المشكلات»
وأضافت أن الراحل كان إنسانًا تلقائيًا يقوده الفضول للمعرفة دون أن يلتفت كثيرًا إلى العواقب، مشيرة إلى أنها وثّقت فى الكتاب أكثر من واقعة تُبرز هذا الجانب من شخصيته.
وأضافت أن الراحل كان إنسانًا تلقائيًا يقوده الفضول للمعرفة دون أن يلتفت كثيرًا إلى العواقب، مشيرة إلى أنها وثّقت فى الكتاب أكثر من واقعة تُبرز هذا الجانب من شخصيته.
وعن علاقة الراحل صلاح منتصر بالأستاذ محمد حسنين هيكل، قالت منى سعيد الطويل إن هيكل كان المثل الأعلى لزوجها، ليس فقط فى الكتابة، بل فى السلوك اليومى والانضباط المهنى، مؤكدة أن تأثير هيكل كان كبيرًا عليه فى كل مراحل حياته.
واستشهدت بما كتبته فى الكتاب تحت عنوان «الكتابة بالبدلة والكرافتة»، مشيرةً إلى أنه، رغم تقاعده، كان يبدأ يومه كما لو أنه متجه إلى مكتبه فى «الأهرام»؛ يستيقظ مبكرًا، يستحم، ويرتدى بدلة أنيقة وربطة عنق.
وعندما أبدت استغرابها من تلك الطقوس، ابتسم قائلا إن هذه عادة تعلّمها من الأستاذ هيكل، لأنها ـ كما وصفها ـ أسلوب حياة يحافظ به الصحفى على احترام المهنة واحترام قرائه.
وقالت منى سعيد الطويل إن الكاتب إبراهيم الوردانى كان له فضل كبير على زوجها الراحل صلاح منتصر، مشيرةً إلى أن الصدفة وحدها جمعتهما وهو فى الرابعة عشرة من عمره، حين عثر على صحيفة بها مقال للوردانى بعنوان «ليالى القاهرة»، فقرأه وأُعجب به بشدة، وكانت تلك اللحظة هى الشرارة الأولى التى دفعته إلى اتخاذ قرار أن يصبح كاتبًا.
ووجّه عماد الدين حسين سؤالًا إلى منى سعيد الطويل حول موقف صلاح منتصر من زيارته إلى إسرائيل، متسائلًا: هل كان سيُغيّر موقفه لو كان بيننا اليوم؟ فأجابت: «أعتقد أنه لو شهد ما يجرى الآن فى غزة، كان سيُراجع موقفه، وأحيانًا أقول إن من حسن الحظ أنه لم يشهد ما يحدث اليوم فى فلسطين، لأن الأمر كان سيؤلمه كثيرًا».
محمد السيد صالح: مسيرة صلاح منتصر كانت متشعبة إلى أقصى درجات التنوع
ومن جانبه، تحدث الكاتب الصحفى محمد السيد صالح عن صعوبة تحرير الكتاب، موضحًا أن كتابة المذكرات فى حد ذاتها مهمة شاقة، فكيف إذا كانت عن الصحفى الكبير صلاح منتصر، الذى ظل يكتب طوال سبعين عامًا متصلة.
وأشار إلى أن منتصر لم يكن كاتبًا فى مجال واحد، بل تنقّل بين أكثر من ساحة صحفية، فبدأ مسيرته فى مجلة «الجيل الجديد»، ثم انتقل إلى مجلة «آخر ساعة» مع الأستاذ محمد حسنين هيكل فى قسم التحقيقات، داعيًا إلى قراءة التحقيقات التى ضمّها الكتاب لما تحمله من عمقٍ ومهارة مهنية لافتة.
وأضاف أن منتصر واصل عمله فى جريدة «الأهرام» بقسم التحقيقات المحلية والخارجية، ومن أبرز ما أنجزه تغطيته لملف غزة، وحواره مع القائد البريطانى مونتجمرى، وكذلك لقاؤه مع أوناسيس، أشهر رجل أعمال فى العالم آنذاك، الذى زار مصر لمدة ثمانى ساعات قضى نصفها فى حوار مع منتصر.
وأوضح أن الراحل تناول لاحقًا ملفات السياسة والبترول، وهى المرحلة التى قدّم فيها أحد أهم أعماله وهو كتاب «سلاح البترول»، الذى وصفه صالح بأنه من أعمق ما كتب، مشيرًا إلى أن منى سعيد الطويل، زوجة الراحل، أهدته نسخة مطبوعة تشبه الكراسة ليطّلع عليها، وقد دوّن فيها منتصر الكواليس التى مكّنت العرب من توحيد صفوفهم واستخدام سلاح البترول.
وأكد صالح أن مسيرة صلاح منتصر كانت متشعبة إلى أقصى درجات التنوع، حتى بدت وكأنها متاهة من التجارب والخبرات، لكن ما أنقذه فى إعداد الكتاب كان التسجيل الصوتى الذى أجرته ابنة شقيقه مع الراحل فى زيارته الأخيرة، وكأنه يرشد محرر الكتاب إلى الطريق الذى يجب أن يسلكه فى الكتابة. كما أن ما دوّنه منتصر خلال عامى 2020 و2021 من لقطات عن حياته، أسهم فى تسهيل مهمة جمع مادته وتحريرها.
وأضاف أن منتصر كتب أيضًا للصحف الخليجية بخاصة «الاتحاد»، حيث وثّق فى مقالاته هناك جوانب مهمة من تاريخه الصحفى وتاريخ المهنة نفسها، وهو ما ساعد فى استكمال الصورة الكاملة لمسيرته، مشيرًا إلى أن كتبه كانت دائمًا تحمل عناوين القضايا التى يتناولها أو الشخصيات التى يكتب عنها، بما يعكس دقته ووعيه بطبيعة المهنة.
وتناول محمد السيد صالح تجربة صلاح منتصر مع دار المعارف، مشيرًا إلى رفضه تولى رئاستها وروى مقولته الشهيرة: «أن أكون وزير خارجية الأهرام خيرٌ لى من أن أكون ملكًا فى دار المعارف أو أى مؤسسة أخرى».
وأوضح أن الدكتور أسامة الباز، مستشار رئيس الجمهورية حينها، هو من أقنعه بقبول منصب رئيس مجلس إدارة دار المعارف ورئيس تحرير مجلة أكتوبر، بعد خمسة أشهر ظل مترددًا ومتسائلًا عمّا يمكن أن يضيفه إلى المجلة بعد أن رفعها أنيس منصور إلى قمة المجلات المصرية وجعل توزيعها يحقق أرقامًا غير مسبوقة، لكنه فى النهاية استطاع أن يتألق بالمجلة ويصنع فيها انفرادات وكذلك تأسيس الصالون الثقافى الخاص بها.
وأكد محمد السيد صالح على تأثر صلاح منتصر العميق بالكاتب إبراهيم الوردانى، لما تركه فى وجدانه من أثر مهنى وإنسانى بالغ.
ولفت محمد السيد صالح إلى بدايات رحلات منتصر الصحفية، موضحًا أنها بدأت مبكرًا كجزء من تدريبه المهنى، لكنها تحولت سريعًا إلى عمل صحفى متكامل بفضل حماسه وذكائه. وأشار إلى أن محمد حسنين هيكل كان يدعمه بقوة ويمنحه فرص السفر والتجربة، مؤكدًا أن مجموعة التحقيقات الخارجية التى أنجزها منتصر تُعد من أهم ما كتبه.
وتطرّق صالح إلى علاقة منتصر بـ أشرف مروان، مشيرًا إلى أنه كتب عنه تسعةً وعشرين مقالًا بحكم قربه منه، واستند فيها إلى وثائق دقيقة، مؤكدًا أن من يقرأ تلك المقالات سيتأكد من صدق ما تتداوله الصحف الإسرائيلية هذه الأيام بأنه كان يخدم فقط بلده مصر.
وأضاف أن الراحل كان يستعد لتأليف كتاب كامل عن أشرف مروان، وهى المعلومة التى أكدتها له زوجته منى سعيد الطويل، موضحة أنه كان قد بدأ بالفعل التواصل مع منى جمال عبد الناصر ضمن خطوات الإعداد للكتاب، غير أن ظروف مرضه حالت دون إتمام المشروع.
وفى سؤال وجّهه الكاتب عماد الدين حسين حول موقع الكاتب من السلطة، والذى وصفه محمد السيد صالح بأنه من أهم الأسئلة المطروحة فى اللقاء، قال صالح إن هذا الأمر كان محسومًا لدى صلاح منتصر، إذ لم يكن فى يوم من الأيام صاحب موقف معارض حاد، لكنه كان دائمًا يمتلك المعلومة التى تُغنى عن الشعارات والمواقف الانفعالية.
وأوضح أن منتصر كان يمارس مراجعات دائمة مع نفسه، مستشهدًا بما حدث أثناء هزيمة 1967، حين صدرت بيانات رسمية بمعلومات خاطئة، وهو ما جعله يُعيد النظر فى طريقة تعامله مع الشأن السياسى، ويقرر ترك هذا الملف لينتقل إلى الكتابة فى ملف البترول، الذى وجد فيه مساحة أوسع للتعبير عن رؤيته وتحليله بعيدًا عن الالتباسات السياسية المباشرة.
إبراهيم المعلم: كان عاشقًا ومتبتلًا للصحافة ليل نهار
قدّم المهندس إبراهيم المعلم، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الشروق، التحية إلى منى الطويل على تأليف الكتاب، قائلًا: «الكتاب جميل ورائع، مكتوب من القلب وتغلفه روح صلاح منتصر. لافتًا إلى أن من مميزات صلاح منتصر أنه كان يكتب فى أعقد القضايا وأدقها بأسلوب سلس وشيق وسهل جدًا. مشيرًا إلى أن الكتاب ممتع، ومن يبدأ قراءته لا يستطيع التوقف حتى لو لم يكن يعرف شيئًا عن الصحافة».
وأضاف المعلم: «عرفت صلاح منتصر وأنا فى الثامنة عشرة من عمرى، عندما التحقت بالأهرام كاتبًا صحفيًا رياضيًا. كان هناك من الكُتاب من يشجّعنى كثيرًا، ومن بينهم صلاح منتصر، ونشأت بيننا صداقة. وكان يُقال فى أروقة الأهرام إن الأستاذ هيكل يتبنى ثلاثة أو أربعة من الصحفيين، من بينهم صلاح منتصر، وفهمى هويدى، ومكرم محمد أحمد. وكان الدليل على مكانة منتصر عند هيكل أنه حين اغتيل الرئيس الأمريكى كيندى طلب منه أن يكتب الصفحة الأولى، ففهمت أن له مساحة خاصة فى قلب الأستاذ».
وأشار المعلم إلى أن صلاح منتصر كان يتعامل بلطف شديد مع الجميع، بخاصة الأصغر سنًا والصحفيين الجدد. وقال: «كان عاشقًا ومتبتلًا للصحافة ليل نهار، عرف كيف يحافظ على كرامته واستقلاله كصحفى، وعلى تقديره لأساتذته مثل هيكل ومصطفى أمين، ورغم الخلافات التى حدثت بينهم استطاع أن يحافظ على العلاقة والاحترام المتبادل. وأضاف كان صادقًا فى محبته للجميع، ولا يخفى اختلافه الفكرى، لكنه كان يعرف كيف يقوله بقوة ونعومة فى آنٍ واحد، ولم يغيّر مواقفه».
واستعاد المعلم خلال كلمته موقفًا طريفًا، قائلًا: «كان صلاح منتصر كثير السفر، وكلما اتصلت به لأدعوه إلى عشاء أو مناسبة يعتذر لظروف سفره، وذات يوم اتصل بى مازحًا وقال: «ادعينى على عشاء يمكن السفر ييجى لى تانى»
كما تحدث عن دوره خلال فترة تأسيس جريدة الشروق، موضحًا أن منتصر كان ضمن مجموعة ضمت كبار الكتّاب الذين شاركوا فى جلسات التحضير والتخطيط لصدور الجريدة فى أفضل صورة.
وتطرّق المعلم إلى تشجيع منتصر لنادى الزمالك، قائلًا إن منتصر كان يردد له ما قاله شاعر البؤساء عبد الحميد الديب: «إن حظى كدقيق بين شوك نثروه.. ثم قالوا لحفاةٍ يوم ريح اجمعوه». وتابع: «لكنه فى نهاية المطاف زعل من الزمالك وتعاطف مع الأهلى».
وأشار المعلم إلى سعيد الطويل، والد منى الطويل، ودوره الكبير فى بناء المجتمع المدنى وحركة الصناعة والانفتاح وجمعية رجال الأعمال، مؤكدًا أنه كان يمتلك قدرة استثنائية على قول أعقد الأمور بأسلوب هادئ ومتزن، وله فضل كبير على حركة النشر فى مصر، وحقّق مع الجمعية إنجازات مهمة فى هذا المجال.
واختتم حديثه «أعتقد أن صلاح منتصر سيكون سعيدًا بهذا الكتاب وبالروح التى كُتب بها».
.jpeg)
صلاح دياب: كانت آراؤه ومقترحاته سديدة، تعكس عقلا صحفيا متفردا
قال رجل الأعمال المهندس صلاح دياب، الذى قدم للكتاب: «كنت أعمل بمشورته دائما بلا جدال.. لأننى أدرك تماما أنه موضوعى ولا يستهدف سوى نجاح التجربة الوليدة (يقصد جريدة المصرى اليوم). وبالفعل، كانت آراؤه ومقترحاته سديدة، تعكس عقلا صحفيا متفردا، ورؤية مهنية وراءها سنوات طويلة من التجربة والتميز. وعندما تعرضت لمضايقات من الدولة لم يُسخر قلمه مطلقا للدفاع عنى رغم قربى منه. كان دائما له رأيه الأمين والمخلص الذى لا ينحاز إلا للحقيقة والواقع».
وذكر ضاحكا أنه كان السبب وراء زواج صلاح منتصر من السيدة منى سعيد الطويل.
زاهى حواس: عشت مع منتصر مواقف كثيرة كان فيها السند
تحدث عالم الآثار الدكتور زاهى حواس عن علاقته الخاصة بالكاتب الراحل صلاح منتصر، قائلًا: «كانت تجمعنى بصلاح منتصر علاقة صداقة مميزة، كنا نتحدث كل يوم جمعة قبل الصلاة بنصف ساعة تقريبًا، وكنت أستشيره فى كل ما يخص حياتى. فهو صديق قريب أرتبط به ارتباطًا وثيقًا، وكنا لا نفترق».
وأضاف حواس أنه عاش مع منتصر مواقف كثيرة كان فيها السند والنصيحة، مشيرًا إلى أنه كان صاحب رأى صادق ورؤية متزنة.
ومازح حواس السيدة منى الطويل خلال حديثه قائلًا: «صلاح منتصر فى النهاية ترك تشجيع نادى الزمالك وأصبح أهلاويا، مؤكدًا أن أجدادنا الفراعنة كانوا أهلاوية!»، وهو التعليق الذى أثار ضحك الحاضرين، فتنوّعت ردودهم بين مؤكد ونافٍ لكلامه، ما أضفى جوًا من البهجة على الندوة.\
.jpeg)
مى عزام: منى الطويل لم تكن ظلًا لصلاح منتصر بل شريكة حياته
قالت الكاتبة الصحفية، مى عزام، إن الكتاب يحمل جهدًا كبيرًا من السيدة منى الطويل والمحرر الصحفى محمد السيد صالح، مشيدة بالعمل الذى وصفته بأنه تجربة إنسانية وثقافية متكاملة.
وأضافت أن منى الطويل لم تكن «ظلًا لصلاح منتصر»، بل كانت شريكة حياته وصاحبة شخصية قوية ومستقلة، وهى التى جمعت قصاصاته وكتاباته لتصوغ منها كتابًا بهذا الجمال والثراء.
وتابعت عزام: «رأيت فى منى الطويل سيدة مصرية معتدة بنفسها جدًا، وبحياتها وأسرتها، ووجدت فى الكتاب ردًا جميلًا منها لوالديها اللذين كانا سابقين لعصرهما، حين سردت قصتهما وأضافت بذلك بعدًا إنسانيًا جديدًا إلى الكتاب».
واعتبرت أن منى الطويل استطاعت أن تعيد اكتشاف صلاح منتصر الإنسان، لا الكاتب فحسب، من خلال الحكايات التى جمعتهما، مؤكدة أن «المرأة ليست وراء كل رجل عظيم، بل بجانبه».
واختتمت حديثها قائلة إن الكتاب يجسد «الكرما» فى أجمل صورها، فصلاح منتصر الذى قضى تسع سنوات يرعى زوجته الأولى فى مرضها، رزقه الله بمنى الطويل التى رافقته وساندته أثناء مرضه حتى آخر أيامه، ليعيشا معًا تسعًا وعشرين سنة من السعادة والوفاء.
.jpeg)
الدكتور جلال السعيد: بمجرد قراءة الكتاب لا يمكنك التوقف عنه
عبّر الدكتور جلال السعيد عن إعجابه الشديد بالكتاب، موجّهًا الشكر إلى مؤلفته منى الطويل ومحرره محمد السيد صالح، قائلًا: «بمجرد أن تبدأ فى قراءة هذا الكتاب لا يمكنك التوقف عنه»، مشيرًا إلى العلاقة الطيبة التى تربطه بعائلة الطويل.
ولفت إلى أنه من قرّاء الراحل صلاح منتصر منذ أكثر من أربعين عامًا، موضحًا أن المقولة الشهيرة «الناس تقرأ الأهرام من صفحتها الأخيرة» كان لصلاح منتصر نصيب كبير فى ترسيخها، بفضل مقالاته التى طالما انتظرها القرّاء بشغف.
وروى السعيد موقفًا طريفًا جمعه بصلاح منتصر والدكتور زاهى حواس فى مطار جدة عقب أدائهما فريضة الحج، حيث حكى له منتصر أن اسم «زاهى حواس» كثيرًا ما يلتبس على الناس، مضيفًا مازحًا أنه خلال رمى الجمرات أخبر بعض الحجاج أن «زاهى حواس أسلم»، ولقى الخبر فرحًا وسط الحجيج.
وأكد السعيد أن صلاح منتصر كان يتمتع بروح دعابة رصينة وذوق رفيع فى المزاح، مضيفًا أنه يتشرّف بأن الراحل كتب عنه مرتين، إحداهما فى الأهرام والأخرى فى المصرى اليوم.
من جانبه، أكّد الدكتور زاهى حواس الواقعة، موضحًا أن صلاح منتصر كتب فى اليوم التالى مقالة بعنوان «وزير الأصنام».

محمد سلماوى: إنسانيته واستقلاله المهنى شكّلا معًا جوهر شخصيته.
قال الكاتب الكبير، محمد سلماوى، إن صلاح منتصر كان شخصية استثنائية بكل المقاييس، «فلا يمكن أن نتحدث عنه دون أن نذكر الصفات الثلاث التى اختارتها زوجته منى الطويل عنوانًا لكتابها: الإنسان، الزوج، الصحفى المستقل».
وأكد سلماوى أن هذه الصفات الثلاث كانت بالفعل هى التى حكمت حياة منتصر، موضحًا أن إنسانيته واستقلاله المهنى شكّلا معًا جوهر شخصيته.
وتوقف سلماوى أمام زيارة صلاح منتصر إلى إسرائيل، مشيرًا إلى أن كثيرين من المثقفين زاروا تل أبيب آنذاك من منطلقات فكرية أو سياسية مختلفة؛ ومنها ما كتبه توفيق الحكيم عن «زواج العبقرية اليهودية بالأموال العربية»، وآخرون رأوا فى إسرائيل دولة متقدمة يمكن الاستفادة من تجربتها.
أما زيارة صلاح منتصر – كما يقول سلماوى – فكانت مختلفة تمامًا، «إذ لم تكن عن عقيدة أو إيمان، ولا عن اقتناع بجدوى هذه الدولة، وإنما عن دافع مهنى بحت، إذ رأى أن من حق الصحفى أن يعرف العالم بنفسه، كما يذهب إلى أمريكا أو أوروبا أو غزة التى كان يعرفها ككف يده».
وأضاف سلماوى أن تلك النظرة الإنسانية الواسعة كانت السبب فى أن منتصر لم يكن يعرف العداء لأحد، فالتعامل الإنسانى كان دائمًا المرحلة الأولى فى علاقاته، وكان شديد الحرص على احترام الجميع.
وأشار إلى أن منتصر اكتسب من الأستاذ محمد حسنين هيكل روحه المهنية وتقديسه للصحافة، «ومنها حرصه على ارتداء البدلة فى بيته احترامًا للمهنة». كما لفت إلى أن خط يده كان نسخة طبق الأصل من خط هيكل «منمقًا وصغيرًا»، حتى إن من يقرأ لهما يظن فى بعض الأحيان أنهما كاتب واحد.
واستعاد سلماوى واحدة من طرائف صلاح منتصر فى بداياته مع هيكل، إذ كان يكتب توجيهات للمحررين بخط هيكل، ويرسلها إليهم على سبيل الدعابة، قبل أن يدركوا أن منتصر هو من يفعل ذلك بروحه المرحة التى لم تفارقه يومًا.
