قالت الفنانة التشكيلية نازلي مدكور، إن حصولها على جائزة الدولة للتفوق في مجال الفنون لعام 2025 يُعد مصدر فخر وتشجيع لها في مسيرتها الفنية.
وأضافت مدكور، في تصريحات خاصة لـ"الشروق"، أن الفنان خلال عمله لا يحركه الشغف وحب الفن وحده ولا يبحث عن الجوائز، ولكنه عندما يشعر بتقدير واهتمام بلده ومَن حوله تغمره حالة كبيرة من الامتنان والسعادة، ما يجعله قادرًا على مواصلة العمل والإبداع.
وتابعت نازلي مدكور: "ما بعد حصولي على الجائزة هو استكمال لمسيرتي وحبي للفن، فالفنان لا يتوقف عن الإبداع ولا يكون على 'المعاش'. وبالرغم من ذلك، فالفن علمني الالتزام وتقديم أقصى وأفضل ما لدي".
- نازلي مدكور: مسيرة فنية وإنسانية فريدة
جدير بالذكر أن الفنانة نازلي مدكور من أبرز الأسماء المهمة في مشهد الفن التشكيلي المصري المعاصر، حيث انتقلت من عالم الأرقام والسياسات إلى عوالم اللون والخيال، وقدمت تجربة فنية وإنسانية فريدة جمعت بين العمق الفكري والتعبير البصري.
ولدت نازلي مدكور في 25 فبراير عام 1949 في القاهرة، وتخرجت في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة عام 1971، قبل أن تتخصص في إدارة الأعمال (دبلوم 1977)، ثم نالت درجة الماجستير من الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 1980. وكانت أطروحتها الأكاديمية بعنوان: "برامج الدفاع المصرية وتأثيرها على تنمية مصر"، ما يعكس خلفية فكرية تحليلية كان من الممكن أن تقودها في اتجاهات تقليدية لولا شغفها بالفن.
عملت مدكور لدى الأمم المتحدة لعدة سنوات، بداية من عام 1972 كباحثة في مجال تنظيم الأسرة، ثم كخبيرة اقتصادية في مركز التنمية الصناعية التابع للأمم المتحدة، قبل أن تتخذ القرار المصيري بالتفرغ الكامل للفن عام 1981، لتبدأ بعدها مسيرة حافلة في الإبداع التشكيلي.
- معارض دولية وإسهامات فكرية
منذ عام 1982، أقامت نازلي مدكور معارض فردية في مصر وخارجها، ووجدت أعمالها طريقها إلى عدد من المجموعات الفنية المهمة، منها متحف الفن المصري الحديث وكلية موراي إدواردز بجامعة كامبريدج، حيث وُضعت ضمن تجارب نسائية بارزة تنتمي إلى ما بعد الحداثة.
لم يكن اهتمام نازلي مدكور بالمرأة مجرد موضوع عابر في لوحاتها، بل امتد إلى التأليف أيضًا، حيث أصدرت عام 1989 كتابًا مهمًا باللغة العربية بعنوان "المرأة المصرية والإبداع الفني"، نشرته جمعية تضامن المرأة العربية، وأعيد إصداره باللغة الإنجليزية عام 1993، ليحمل صوت المرأة الفنانة إلى دوائر أوسع من القراء والباحثين.
وفي عام 2005، قدمت تجربة فنية خاصة برسم نسخة محدودة من رواية "ليالي ألف ليلة" لنجيب محفوظ، مزجت فيها بين الأدب الراقي والتجسيد البصري، لتضيف إلى رصيدها مشروعًا جديدًا يربط بين التراث العربي والابتكار الفني.
بفضل خلفيتها المتعددة، تجمع أعمال نازلي مدكور بين الحس النقدي والفني، وبين الوعي السياسي والاجتماعي، والتعبير الذاتي والجمالي، ما جعلها من الأصوات التشكيلية المهمة في مصر، ومن النساء الرائدات اللاتي لم يكتفين بتغيير الصورة، بل أعدن رسمها من جديد.