علق أحد أبرز المسئولين نفسه فى تجمع لغالبية المنظمات اليهودية الأمريكية على اقتراحى اعتماد أمريكا «سياسة الخطوة خطوة» مع إيران، قال: «لن تفعل أمريكا ذلك. فعل أوباما شيئا آخر، قال لأوروبا، الخائفة من استهداف بلاده مصارفها إذا تعاملت مع إيران، لا تخافى. لكنه دعاها إلى أن تكون حذرة. يريد أوباما أن يختم عهده بتبادل علاقات ديبلوماسية بين أمريكا وإيران وبافتتاح سفارة لبلاده فى طهران بل بزيارتها لتدشينها. وهذا أمر أنا واثق منه. فهل تعتقد أنه سينجح فى ذلك؟». أجبت: لا أعتقد أنه سينجح.
الإيرانيون ليسوا «هينين» أبدا. وهم يحتاجون إلى وقت طويل للتكويع. فضلا عن أن الباقى من الولاية الرئاسية الثانية لأوباما يقارب الثمانية أشهر. علق: «ربما يحاول الإقدام على خطوة ما فى مجلس الأمن لإحياء العملية السياسية الفلسطينية ــ الإسرائيلية على أساس حل الدولتين، علما بأنه يعرف تماما أن هذه الخطوة فى حال نجاحها لن توفر الحل ولن تكون ناجحة».
قلت: على كل حال حقق أوباما أهدافه الداخلية. وحقق هدفين خارجيين من أصل ثلاثة كان قرر منذ مطلع رئاسته العمل لتحقيقها. الأول هو الاتفاق النووى مع إيران الذى يفتح الباب أمام تطبيع تدريجى معها. والثانى الانسحاب من العراق وعدم التورط عسكريا من جديد خارج أمريكا وخصوصا فى الشرق الأوسط إلا إذا فرضت عليه ذلك مصالحها الحيوية والاستراتيجية. أما الثالث الذى أخفق فى تحقيقه فهو إنجاز حل الدولتين (فلسطين ــ إسرائيل) أو وضعه على طريق التنفيذ النهائى. رد: «تصرف أوباما على أساس أن هذه المنطقة لا تهمه.. لم يأبه لها.. ونشهد كلنا حاليا ما يجرى فيها. سيذهب إلى السعودية قريبا (ذهب) للاشتراك فى اجتماع قمة لمجلس التعاون الخليجى وقبله للاجتماع بالعاهل السعودى سلمان بن عبدالعزيز، لكن لن يطلع من ذلك شيئا (وهذا ما حصل).
يعرف أوباما أنهم يشتمونه فى الخليج أو على الأقل ينتقدونه بقسوة».
***
سألت، بعد أن تحدثت بعض الشىء وبناء لطلبه عن إيران التى كنت زرتها قبل أشهر، عن السعودية وما يجرى فيها، فقلت إن جزءا من الذى يجرى فيها سببه حماسة الشباب وبعض تنافس داخل العائلة الحاكمة. فأجاب: «الملك السعودى مريض. ابنه محمد ولى ولى العهد ورئيس الديوان. لو كان وضع خطة عملية ومحكمة لعملية أو لحملة اليمن لكانت نفذت وبنجاح على الأرجح خلال أسبوعين. لم تنته حتى الآن أى بعد عشرة أشهر أو أكثر من بدئها لأن خطة جدية لها لم توضع. ولى العهد محمد بن نايف إنسان حكيم. لا نعرف متى ينفجر الصراع. كنت أناقش موضوع السعودية اليوم صباحا مع بعض الزائرين». علقت: لماذا لا تعدون أنفسكم منذ الآن وتضعون خطة مع المرشح الرئاسى الذى تعتقدون استنادا إلى معلوماتكم ومعرفتكم بالرأى العام أن حظه فى الوصول إلى البيت الأبيض كبير، خطة تتناول قضايا الداخل وأيضا قضايا الخارج حيث لبلادكم مصالح حيوية واستراتيجية؟ أجاب: «أى خطة؟ مع أوباما لا إمكان لخطة إذ صار فى نهاية رئاسته. ومع المرشحين للرئاسة نحن على اتصال بهم كلهم ونبحث معهم فى كل القضايا المطروحة والمشكلات القائمة. المهم هو المرحلة الفاصلة بين اليوم ومغادرة أوباما الرئاسة. ذلك أنه سيبقى يمارس صلاحياته الرئاسية إلى آخر يوم من ولايته».
علقت: لا حلول فى سوريا واليمن والعراق وليبيا من دون تفاهم أمريكى ــ إيرانى ولكن بعد إفهام النظام فى إيران الشيعية أن المسلمين السنة يهمون أمريكا أيضا لأنهم يشكلون نحو 85 فى المئة من مسلمى العالم. وهى لا تستطيع التغاضى عنهم وتجاهل مصالحهم وقضاياهم لأنها بذلك تحولهم خنجرا فى ظهرها. وإيران رغم حجمها الديموغرافى (بين 82 و90 مليون نسمة) ورغم قوتها ومواردها المتنوعة المهمة تحتاج إلى أمريكا لأنها محاطة بدول سنية مهمة شرقا وغربا. ويشكل ذلك خطرا عليها فى ظل الانتشار الواسع للراديكالية السنية العنيفة. كما أنكم والمعتدلون السنة فى العالم فى حاجة إلى إيران. علق: «أليست إيران من كان يدعم الإرهاب السنى؟». أجبت: كانت تستعمله وتوظفه لتحقيق أهدافها. إرهابها هو إرهاب دولة. إذا عقدت اتفاقا نهائيا مع أمريكا تتوقف أذرعتها العسكرية وفى مقدمها «حزب الله» عن ممارسة الإرهاب. بماذا رد؟
النهار ــ لبنان
سركيس نعوم