لماذا لا تذهب وزيرة الثقافة إلى الجيزويت؟ - سيد محمود - بوابة الشروق
الخميس 26 ديسمبر 2024 1:57 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لماذا لا تذهب وزيرة الثقافة إلى الجيزويت؟

نشر فى : الثلاثاء 2 نوفمبر 2021 - 9:45 م | آخر تحديث : الثلاثاء 2 نوفمبر 2021 - 9:45 م

يتوجه فى الخامسة من مساء اليوم وفد يضم العديد من المثقفين والشخصيات العامة إلى جمعية النهضة العلمية والثقافية (جيزويت) فى مقرها بالقاهرة لتأكيد مختلف صور التضامن مع الجمعية التى احترق مسرحها ومقرها مساء الاحد الماضى ولم تعلن إلى الآن أسباب الحريق، لأن التحقيقات ما تزال جارية ولولا يقظة أجهزة الدفاع المدنى لتضاعفت الخسائر وامتدت لتحصد أرواح العشرات من العمال وسكان البنايات المجاورة الذين حاولوا السيطرة على الحريق وحماية الأرواح التى نجت بفضل الله ورعايته.

وتكشف مبادرة هؤلاء المثقفين عن حالة فريدة من صور التضامن التى كادت أن تختفى من حياتنا الثقافية، ربما منذ أن تكاتفوا معا لإعلان رفضهم لوجود الإخوان المسلمين على رأس السلطة.
ومنذ الإعلان عن حريق «الجيزويت» وهناك مئات المناشدات التى تظهر على السوشيال ميديا لتقترح اكثر من شكل لدعم الجيزويت وأولها التبرع لحسابها البنكى بشكل مباشر.
لكن ما تستهدفه الزيارة التى يقوم المثقفون بها هو تأكيد الحفاظ على أنشطة الجمعية والبحث عن حلول عملية تمكن من استئنافها فى أسرع وقت ومواصلة دورها فى دعم التجارب الابداعية وتهيئة المناخ للابداع الحر والمتميز.
وقد يسأل البعض: لماذا يقوم مثقفون فاعلون بهذه المهمة؟ والاجابة واضحة وهى التأكيد على أهمية وجود مؤسسات المجتمع المدنى فى مجال التنمية الثقافية والدفاع عن استمرار وجودها إلى جانب الجهود التى لا تزال تقدمها مؤسسات الدولة فى هذا المجال.

وجمعية (الجيزويت) بالذات تملك سجلا حافلا فى دعم المواهب، فبالاضافة إلى تاريحها الطويل، يعتز كل من تابع أنشطتها بالدعم الحقيقى الذى قدمته لوجوه فاعلة فى الحركة الثقافية والفكرية وبالادوار التى لعبتها فى حفز الشباب على الالتحاق بالمجالات الابداعية فى مراحل سنية مبكرة قبل أن يتعرضوا لمخاطر «التسرب الثقافى» حيث لا تتمكن الغالبية بحكم أنظمة التعليم التقليدى من مواصلة طريقها فى المسار الابداعى الذى تريد وأهم من ذلك كله أن الجيزويت تتوجه فى غالبية أنشطتها لفئات من الطبقة الوسطى وما دون ذلك.

وهذه الفئات تعانى مختلف أشكال الحرمان من الخدمات الثقافية، سواء بسبب تقلص حجم الدعم الحكومى المقدم للخدمات الثقافية، أو نتيجة توجه غالبية المؤسسات لتبنى أنشطة تخدم فكرة الاستعراض أكثر مما تعمل على المدى الطويل وتحقيق مفهوم التنمية الثقافية الشاملة أو بناء البشر لأن السعى نحو تحقيق هذا المفهوم يحتاج إلى «نفس طويل» وسياسات ثقافية وتربوية حكيمة وواضحة فى رؤيتها وأهدافها واستراتيجيات تحقيقها.
يدرك المتوجهون لمقر الجيزويت أن مهمتهم مع فريق الجمعية برعاية الأب وليم سيدهم لن تكون قاصرة على معنى التضامن، لأنهم مطالبون بإيجاد الحلول التى تضمن استمرار الجمعية فى تأدية دورها، فهى مؤسسة ذات كيان خلاق ولديها فلسفة عمل واضحة فى الانفتاح على جميع المبادرات الشبيهة وبناء شبكة من الشراكات مع جمعيات تعمل خارج العاصمة، فالجيزويت ليست مجرد مقر لكنها شبكة من الكيانات الشريكة والتعاونيات الثقافية التى تعمل على الأرض وبين الناس لتؤكد الغايات النبيلة للفن كإحدى أدوات النهوض المجتمعى وكوسيلة فعالة من وسائل مقاومة الإرهاب ولذلك فمن صالح الدولة بجميع مؤسساتها أن تشارك فى نهضة «الجيزويت» من جديد لتستأنف الجمعية دورها فى خدمة الثقافة المصرية.

وأتمنى شخصيا لو انضمت وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبدالدايم لهذا الوفد وشاركت فى الجلسة المزمع عقدها بصفتها الأولى كفنانة وكمسئولة عن الثقافة المصرية فى عنوانها العريض.
وأتمنى أكثر لو رعت الوزيرة التى أعرف حماسها، حفلا فنيا على أحد مسارح الدولة يخصص عائده لإعادة بناء مسرح «الجزويت» وتجهيزه.

وعلى الرغم من انشغالات الوزيرة لدى الكثير من أسباب الأمل فى أن تتبنى وزيرة الثقافة هذا الاقتراح الذى لن يكلفها أكثر من تكلفة ليلة عرض واحدة لكنها ستحقق من خلالها الكثير من الأهداف وعلى رأسها رسالة تؤكد أن الدولة حريصة كل الحرص على دعم المجتمع المدنى الحقيقى الذى يقوم على تبرعات وتمويل الأفراد وأن رسالتها فى دعم الثقافة لا تفرق بين ما هو رسمى وما هو أهلى لأن الهدف واحد فى النهاية وهو العمل على بناء البشر أو كما قال فؤاد حداد «أصل الحكاية.. حكايتنا نبنى الإنسان».