نشرت مجلة فورين بوليسى الأمريكية مقالًا لرئيس تحريرها رافى أجراوال، تحدث فيه عن اللقاء المثير للجدل والصدمة الذى دار بين الرئيس الأمريكى ترامب ونائبه فانس من جانب والرئيس الأوكرانى زيلينسكى من جانب ثانٍ، يوم الجمعة الماضى، وكيف أن الدبلوماسية الدولية ليس من المفترض لها أن تتم أمام مليارات العيون.. نعرض من المقال ما يلى:
ربما كانت أصدق الكلمات التى نطق بها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى سياق اجتماعه الدراماتيكى وغير الدبلوماسى تمامًا مع الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى، قوله: «سيكون هذا برنامجا تليفزيونيًا رائعًا».
يعرف ترامب شيئًا أو شيئين عن التليفزيون؛ كلما كان الأمر صادمًا، وأكثر غرابة، وأكثر فظاظة، زادت التقييمات والمشاهدات. ونجح هذا الاعتقاد فى مسار حملته الرئاسية التى بدأت فى عام 2015، خاصة أنه مرشح لرئاسة بلد يسعى الساسة فيه إلى جذب الانتباه إلى الأبد. وقد نجحت مرة أخرى فى عام 2024. ولكن هل تنجح استراتيجية الصدمة أيضًا أثناء وجوده فى المنصب؟
يقول كاتب المقال: فى الأسبوع الماضى، تجاوز ترامب حدود اهتمام الصحافة. ففى يومى الإثنين والخميس ثم الجمعة، استقبل ترامب زعماء فرنسا والمملكة المتحدة وأوكرانيا فى البيت الأبيض، وتأكد الرئيس الأمريكى فى كل مرة من بث مناقشة حرة أمام كاميرات العالم. رئيس الوزراء البريطانى كير ستارمر يقدم له رسالة من الملك تشارلز الثالث يدعوه فيها إلى زيارة دولته. صداقة حميمة مع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون. وتوبيخ زيلينسكى. لكن هل هذه اللقاءات يمكن اعتبارها إنجازات فعلية أو تقدمًا دبلوماسيًا؟
من بين كل اجتماعات ترامب المتلفزة الأسبوع الماضى، كان الاجتماع مع زيلينسكى هو الأكثر إثارة للصدمة. فبعد أن عرضت شبكة سى إن إن ما يُعرف فى لغة التليفزيون باسم «دوران الشريط»، ظهرت مذيعة الشبكة الدولية كريستيان أمانبور، وهى تمسك وجهها بيديها، مذهولة. وقالت وهى لا تزال تستوعب الفيديو: «لم أرَ قط شيئًا كهذا فى حياتى». وعكست هذه الصورة صورة أخرى خرجت من البيت الأبيض، للسفيرة الأوكرانية أوكسانا ماركاروفا، التى ضغطت من أجل الحصول على دعم الولايات المتحدة فى واشنطن منذ بدء غزو روسيا لبلادها فى عام 2022، وضعت رأسها فى يدها، وهزت جبينها، وكأنها تسأل: «هل يحدث هذا حقًا؟».
• • •
انتشرت مقاطع اللقاء المحتدم بين ترامب وزيلينسكى على نطاق واسع. وحتى ترامب، الذى كان يدرك تمام الإدراك الدراماتيكية التى تحيط بهذه اللحظة، كتب على حسابه على موقع Truth Social: «لقد عقدنا اجتماعًا ذا مغزى كبير فى البيت الأبيض اليوم. لقد تعلمنا الكثير مما لا يمكن فهمه أبدًا دون محادثة تحت الضغط والنيران. إنه لأمر مدهش ما يخرج من خلال العاطفة.. زيلينسكى أهان الولايات المتحدة الأمريكية فى مكتبها البيضاوى العزيز. يمكنه العودة عندما يكون مستعدًا للسلام».
• • •
يضيف الكاتب: «يفهم الكثير من زعماء العالم حب ترامب للكاميرات، وحاجته إلى الفوز بكل صفقة، وحبه للفخامة والاحتفالات. لذا جاء ستارمر، الذى جهزه سفيره الجديد فى واشنطن، بيتر ماندلسون، لهذه اللحظة بالذات، مسلحًا بالإطراء والكلمات المزخرفة ودعوة لترامب موقعة من الملك تشارلز لزيارة دولته». وعندما عرضها ترامب بفخر أمام الكاميرات، كان ستارمر ذكيًا بما يكفى للإشارة إلى أن ترامب لم يقبلها بعد، وعند هذه النقطة وافق، واستغل اللحظة بسعادة أمام الكاميرات.
العيب القاتل الذى ارتكبه زيلينسكى فى تبادله الحديث مع فانس وترامب هو أنه تجرأ على قلب السيناريو، الأمر الذى أثار غضب فانس حتى إنه قال له: «لا تحاول التقاضى أمام وسائل الإعلام الأمريكية». نسى زيلينسكى أن ترامب لا يريد أن يعامل كقائد زميل، بل كملك قوى، لصالح الكاميرات. قال فانس خلال اللقاء: «هل قلت شكرًا من قبل؟».
اختتم الكاتب مقاله: «بالنسبة لممثل كوميدى سابق اعتاد على الكاميرات، كان من الغريب أن يخطئ زيلينسكى فى هذا السيناريو».
ترجمة وتحرير: ياسمين عبداللطيف