أعلنت البرازيل تعليق أعمال منصّة إكس x (تويتر سابقا) فى البرازيل لأسباب قانونية، ورد مسئولو المنصّة بالقول إنهم سيغلقون عملياتهم فى البرازيل «بأثر فورى»، وكان قاضى المحكمة العليا فى البرازيل «ألكسندر دى مورايس» قد أمر «إكس» بحظر حسابات معينة، ضمن تحقيقات برازيلية تحت عناوين «التضليل الانتخابى» و«الميليشيات الرقمية» التى اتُّهم فيها بعض مشغلى هذه الحسابات بنشر أخبار كاذبة ورسائل كراهية.
وفى هذا السياق لا يمكن إغفال تأثير شخصية «إيلون ماسك» المثيرة للجدل وتدخّلاته وتعليقاته السياسية وما يشاع عن قيامه بتحويل المنصّة إلى شاشة عرض للآراء التى يؤمن بها أكثر منها منصّة للتنوع وحريّة التعبير، وفى البرازيل تحديدا فإن لماسك تاريخا مشوّشا؛ إذ طالب فى أثناء زيارة للبرازيل عام 2022 بإقالة القاضى مورايس قائلا: «يجب أن يستقيل أو يتم عزله»، وحين أُعلن فى البرازيل العزم على إغلاق المنصّة نهاية هذا الشهر (أغسطس 2024) ردّ «ماسك» متحديًا بأن شركته «سبيس إكس» ستوفر خدمة الإنترنت الفضائى مجانا للمستخدمين البرازيليين «حتى يتم حلّ هذه المسألة»، مضيفًا المزيد من الإهانات الموجهة إلى القاضى دى مورايس قائلًا: «هذا الرجل مجرم صريح ومن أسوأ الأنواع، لأنه يتنكر فى زى قاض».
والعجيب أن ماسك حين بدأ الترويج لفكرة شراء «تويتر» كان ضمن حججه اتّهامه إدارة تويتر (السابقة) بالعمل على «تسييس المنصّة»، لكنّه الآن ــ حَسَبَ مراقبين ــ يفعل ذلك تمامًا مع منصّة X.. والواقع أن المنصّة العملاقة تتأرجح اليوم لصالح الجمهوريين بقيادة ماسك بعد أن ظلّت منذ إنشائها تسير بهوى يسارى ديمقراطى حتى استحوذ عليها ماسك، وتشير التقارير الحديثة إلى حقيقة تضخّم المعلومات المضلّلة وخطاب الكراهية على المنصّة، إذ وجدت دراسة جديدة لمركز بيو للأبحاث أن منصّة X قد اتخذت اتجاهًا حزبيًا منذ استحواذ ماسك الذى جعلها أكثر شعبية بين المستخدمين الجمهوريين وأقل شعبية بين الديمقراطيين.
وتحت إدارة ماسك ــ وباسم حرية التعبير ــ تم رفع الحظر عن الرئيس السابق «ترامب» وكذلك مجموعة من المتعصبين البيض، والمؤامراتيين، والنازيين الجدد الذين عادوا إلى المنصّة، بمن فيهم المعلّق اليمينى المتطرّف نيك فوينتس، ومؤيده QAnon ليز كروكين، ومنظّر المؤامرة أليكس جونز، ومروج قصص تزوير الانتخابات مايك ليندل.
إذا فى البرازيل تم تعليق عمل منصّة «إكس»، وقبل ذلك أعرب الاتحاد الأوروبى عن مخاوف جدية بشأن عدم التزام «إكس» بالقوانين الرقمية الجديدة، خاصة فيما يتعلّق بالتضليل الإعلامى وإدارة المحتوى، وقد صدرت تحذيرات بحظر المنصّة إذا لم تطابق قوانين الاتحاد الأوروبي، وفى باكستان شبح التهديد بحظر المنصّة قائم بسبب مخاوف تتعلق بإثارة المحتوى المثير للحساسيات الدينية والسياسية.
وبطبيعة الحال هناك دول أخرى مثل فنزويلا التى سبق واتخذت إجراءات مؤقتة ضد «إكس» أما الصين، وإيران، وكوريا الشمالية، وتركمانستان، وتركيا، وأوزبكستان، وميانمار، وروسيا فقد أصدرت أوامر حظر متفاوتة على المنصّة ضمن سياسات الرقابة الحكومية الشاملة على المنصات الأجنبية.
الأسوأ من غياب الحرية.. إساءة استخدامها حينما تُتاح.
فايز بن عبدالله الشهرى
جريدة الرياض السعودية